کشف الغطا عن وجه الربا

اشارة

سرشناسه : پیمانی، عبدالرسول، 1349-

عنوان و نام پديدآور : کشف الغطا عن وجه الربا / مولف عبدالرسول پیمانی.

مشخصات نشر : اصفهان: آ یینه هستی، 1399.

مشخصات ظاهری : 134 ص.

فروست : بحوث فقهیة فی حوزة اصفهان العلمیة؛ الحلقة الاولی.

شابک : 5-05-7607-622-978

وضعیت فهرست نویسی : فیپا

يادداشت : عربی.

یادداشت : کتابنامه : ص.ص. 132 - 134 ؛ همچنین به صورت زیرنویس.

موضوع : بهره (فقه)

موضوع : Interest (Islamic law)

رده بندی کنگره : BP 190 / 6

رده بندی دیویی : 297/372

شماره کتابشناسی ملی : 7533199

وضعیت رکورد : فیپا

ص:1

اشارة

بسم الله الرحمن الرحیم

ص: 2

بحوث فقهیّة فی حوزة اصفهان العلمیّة

الحلقة الأولی

کشف الغطا

عن وجه الرّبا

تألیف: عبدالرسول پیمانی السدهي

ص: 3

ما کتبه

العالم العامل المتخلّق الفاضل الکامل المحقّق الفقیه المتکلّم المتبحّر

الاستاذ آیة الله الشیخ باقر الفخار (مدّظلّه)

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين و الصّلوة و السّلام علي سيّدنا محمّد و آله الطاهرين

و لعنة الله علي أعدائهم أجمعين

من منن الله عزّ و جلّ علي بعض عباده التفقّه في نور كلام النور و اقتباسه و انبائه لطلابه و من ذلك الاقتباس «كشف الغطاء عن وجه الرّبا» و اثبات وجوده لمن له الدراية في الرواية.

فلتحمدأيّها الصديق العزيز و العالم الغزير الحائز قصب الاجتهاد في النور المنزل و نور كلام النور الشيخ الجليل و الحبر النبيل الشيخ عبدالرسول الپيماني السدهي(دام عزّه).

فعلي طلاب النور المعرفة بالمقتبس و اقتباس نور النور منه و أنا احمد الله علي مننه عليّ منها الصداقة مع هذا المقتبس و شرق معه ضياء نور الولاية و النباهة و الفقاهة و انكشف من محضره الغطاء عن وجوه الأنوار الالهيّة.

فالحمد لله و صلّي الله علي سيّدنا محمّد و آله

يوم مولد الصديقة الشهيدة سيدتنا فاطمة الزهراء(علیها السلام)

جمادي الثاني 1442 ه-. ق

باقر فخار

ص: 4

فهرس المحتويات

المقدّمة فی بیان أمور 9

الأمر الأوّل: في تعریف بعض المصطلحات 9

الأمر الثانی: فی بیان الغرر 12

الأمر الثالث: فی التعلیق 13

الأمر الرابع: فی أقسام الشرط و أحکامه 14

الأمر الخامس: فی أقسام الضمان 22

الأمر السادس: فی دلالة النهی علی الفساد 26

الأمر السابع: فی أنّ الأصل في المعاملات هو الفساد أو الصحّة 27

الأمر الثامن: فی الإشارة إلی إشکالات یرد علی بیع السهام فی سوق البورصة 30

الأمر التاسع: فی أحکام المقبوض بالعقد الفاسد 32

الامر العاشر: فی مالکیّة الشخصیّات الحقوقیّة و مالية الأمور المعنویّة 34

الأمر الحادی عشر: فی ضمان انخفاض قیمة النقود الورقیّة 42

ص: 5

الأمر الثانی عشر: حرمة ربح ما لم یضمن 45

الفصل الأول: فی الرّبا المعاملی 51

الضابط فی اتحاد الجنس 52

الأشیاء الستة التی قام الإجماع علی ثبوت الرّبا فیها 55

الزیادة المحققة للرّبا ما هی؟ 61

حرمة الربا المعاملی 63

فساد المعاملات الربویّة 68

الفصل الثانی: فی الرّبا القرضی 71

الزیادة المحقّقة للرّبا 72

الأوّل: یجوز تبرّع المقترض بزیادة 72

الثانی: یجوز اشتراط الأداء فی بلد آخر 73

الثالث: لایجوز أن تشترط فی القرض معاملة فیها محاباة 74

الرابع: یجوز القرض بشرط القرض 74

الخامس: انّما یحرم شرط الزیادة للمقرض 75

السادس: یصحّ تعجیل الدّین المؤجّل 75

الفصل الثالث: فی المستثنیات 77

الأول: ما استثنی من الرّبا المعاملی 77

ص: 6

القسم الثانی: من ا لمسثتنیات 81

لا ربا بین المسلم و الکافر 84

الفصل الرابع: فی طرق التخلّص من الرّبا 87

القسم الأول: الطرق المنصوصة 87

1- البیع مع الضمیمة 87

2- بیع العینة 92

3- بیع المقرض متاعاً من المقترض بأکثر من قیمته 94

4- اشتراء المقترض متاعاً بأکثر من قیمته 94

استمهال المقترض بشرط الزیادة 96

5 - بیع الجنس الربوی بثمن من غیر جنسه 97

القسم الثانی من وجوه التخلّص من الرّبا 100

الأول: بیع الدین بأقلّ منه نقداً « تنزیل الصکوک» 100

الثانی: الاستیلاء علی مجهول المالک 105

الثالث: إیداع النقود الورقیة فی البنوک 107

الرابع: الوکالة 108

الخامس: بیع الخیار 110

السادس: بیع المرابحة 110

ص: 7

السابع: الإجارة بشرط التملیک 111

الثامن: بیع السلم 112

التاسع: الجعالة 112

العاشر: المضاربة فی اطروحة الشهید الصدر 120

الخاتمة فی مسائل متفرقة 128

المسألة الأولی: فی الأقراض بشرط أن یصرفه فی جهة خاصة 128

المسألة الثانیة: نقل المدین ما فی ذمّته إلی ذمّة شخص آخر 128

المسألة الثالثة: عدم جواز المضاربة بالدّین 128

المسألة الرابعة: وظیفة الوارث إن علم انّ مورثه کان یرتکب الربا 130

المسألة الخامسة: تنزیل الأوراق النقدیّة 131

المراجع 132

ص: 8

بسم الله الرحمن الرحیم

الحمد لله الذي أحلّ البیع و حرّم الرّبا و الصّلاة و السّلام علی من بعثه بالحنیفیّة البیضاء و علی آله المبیّنین للشّریعة الغرّاء و اللّعن علی أعدائهم ذوی البدع و الآراء.

أمّا بعد

فهذه بحوث في الرّبا ألقیتها علی جماعة من طلاّب العلم و الفضیلة بحوزة اصفهان العلمیّة ثمّ اِنّي رأیت أن اقیّدها بالکتابة تذکرةً لنفسي و عسی أن تکون تبصرة لغیري و سمّیتها «کشف الغطا عن وجه الرّبا» و تشتمل علی مقدمة و فصول أربعة و خاتمة.

أمّا المقدّمة ففی بیان أمور:

الأمر الأوّل: في تعریف بعض المصطلحات

فمنها الذمّة و العهدة و یظهر من الکلمات المنقولة عن المحقق النائیني(رحمه الله): «إنّ الفرق الجوهريّ بینهما هو أنّ الأموال الخارجیّة و أدائها تکون في العهدة و أمّا الذمّة فهي وعاء الأموال الکلیّة فحسب».(1)

و یظهر من بعض إن کلاّ منهما یستعمل فی معنی الآخر.(2)

ومنها الکلیّ فی الذمّة و الکلیّ فی ا لمعیّن.

ص: 9


1- . فقه العقود، ج 1، ص 51؛ منیة الطالب، ج 1، ص 641.
2- . القواعد الفقهیة، ج 2، ص 111، و ج 6، ص 119.

بیان ذلك:

إنّ المبیع تارةً یضاف إلی الذمّة بأن یبیع منّاً من الحنطة فی الذمّة بحیث یعتبر العقلاء بمجرّد إضافة الکلیّ إلی الذمّة مالیّة له و إن لم یکن مالاً قبل ذلک و هذا یسمّی کلیّاً فی الذمّة و أخری یکون المبیع کلیّاً فی الخارج المعیّن المقدار بحیث یکون کلیّاً فی المعیّن الخارجی.(1)

توضیحه: إنّ الکلّي الطبیعي بما هو لایقبل الوقوع فی حیّز المعاملة بأن یباع بشیءٍ أو یشتری به شیء إلاّ إذا أضیف إلی الذمّة فإنّه یحصل له التعیّن و یصحّ أن یکون ثمناً أو مثمناً.(2)

و منها العقود العهدیّة والعقود الإذنیّة:

و هذا اصطلاح للمحقّق النائینی(قدس سره) قال: إنّ العقد علی قسمین: عقد إذنی و عقد عهدی.

و العقد الإذنی إنّما یکون عقداً باصطلاح الفقهاء لا بالمعنی اللغوی و العرفی، فهو عقد بالمسامحة لا بالحقیقة فی معناه اللغوی و العرفی.

و ذلک انّ العقد الإذنی عبارة عمّا یتقوّم بالإذن حدوثاً و بقاءاً و یرتفع بارتفاع الإذن. و العقد العهدی عبارة عمّا یتقوّم بالعهد و الإلتزام. و العقد لغةً و عرفاً عبارة عن العهد المؤکّد و هو غیر موجود فی العقود الإذنیة کالودیعة و العاریة. بناءاً علی ان یکون مفادها الإباحة المجانیّة لا التملیک. و هذا القسم من العقد غیر مشمول لقوله تعالی: «أَوْفُوا بِالْعُقُودِ».(3)

و تختصّ الآیة الکریمة بالعقود العهدیّة کالبیع و أمثاله(4) کما انّه لا

ص: 10


1- . مصباح الفقاهة، ج 3، ص 658.
2- . کتاب البیع، ج 4، ص 77، للسید المیلانی.
3- . المائدة / 1.
4- . منیة الطالب، ج 1، ص 112؛ فقه العقود، ج 1، ص 194.

سیرة فی العقود الإذنیّة تدلّ علی اللزوم و لایجری فیها الاستصحاب، لأنّ قوامها بالإذن و بانتفائه یتبدّل الموضوع فی فهم العرفی.(1)

ومنها عقود الإستثمار: أطلقها السید الشهید الصدر علی المضاربة و اخواتها، أعنی المزارعة و المساقاة و المشارکة.

و منها المال المجهول مالکه: قد یطلق علی الأموال الشخصیّة التی لم یعرف مالکها و قد یطلق علی الأموال العامّة بناءً علی القول بعدم مالکیّة الشخصیّات الحقوقیّة کالبنک و الدولة.

أمّا القسم الأول

فمجمل القول فیه إنّه إن کان متمیّزاً یجب التصدّق به و إن کان غیر متمیّز یجب تخمیسه و التصدّق بخمسه و إن کان لقطة یجوز التصدّق به کما یجوز تملّکه بعد تعریفها سنةً و الفرق بین مجهول المالک و ردّ المظالم هو أنّ الأول عین خارجیّة و الثانی کلیّ فی الذمّة لأنّ المظالم فی اصطلاح الفقها هو مال الغیر إذا تلف و صار فی الذمّة.(2)

و الأحوط أن یکون التصدّق فی الجمیع بإذن الحاکم الشرعی و هو الفقیه الثقة الأمین.

و أمّا القسم الثانی

فمن لم یقل بولایة الفقیه المطلقة و لم یقل بمالکیّة الشخصیّات الحقوقیّة یقول بأنّ الأموال العامّة بحکم المال المجهول مالکه و یجوز التصرّف فیها بإذن الحاکم الشرعی و هو یتصدی لها حسبةً.

و أمّا من یقول بولایة الفقیه فیمکنه القول بأنّ الأموال العامّة ملک الفقیه الحاکم

ص: 11


1- . فقه العقود، ج 1، ص 318.
2- . مهذّب الاحکام ، ج 21، ص 67.

بشخصیّته الحقوقیّة لا بشخصه الحقیقی. أو القول بأنّ المالک لها هی الحکومة العادلة الصالحة التی یترأسها الفقیه الثقة الأمین، بناءً علی مالکیّة الشخصیّات الحقوقیّة کما سیأتی إن شاء الله تعالی. و بالجملة القول بأن الأموال العامّة الموجودة فی البنوک الحکومیّة بحکم المجهول مالکه مبتن علی القول بعدم مالکیّة الشخصیّات الحقوقیّة و سیأتی تزییفه فی الأمر العاشر.

الأمر الثانی: فی بیان الغرر

فنقول اشترطوا فی کلّ العقود أن یکون کلّ من العوضین معلوماً و حکموا ببطلان المعاملات الغرریّة إلاّ ما أخرج بالدلیل کالصلح و الجعالة. فإن کان دلیلهم هو النبوی المعروف من أن النبی(صلی الله علیه و آله): «نهی عن بیع الغرر»(1)، ففیه: بعد الغضّ عمّا استشکلوا فیه سنداً و دلالةً(2) انّه مختصّ بالبیع.

و لذا استدلّ المحقّق البجنوردی بمجموع الروایات الواردة فی باب وجوب العلم بقدر المبیع و عدم جواز الکیل بمکیال مجهول و فی باب عدم جواز بیع ما فی الآجام من القصب و السمک و الطیر و کون الجهل مضرّاً.(3)

و فیه انّ کلّ هذه الروایات وردت فی البیع مضافاً إلی انّ السمک فی الآجام قد ورد فی بعض الروایات جواز بیعه(4) و لهذا قد یتمسّک بهذه الرّوایة و نظیرها بضمیمة إلغاء الخصوصیّة علی عدم اشتراط معلومیّة المقدار.(5)

ص: 12


1- . وسائل الشيعة، کتاب التجارة، ب 40، من ابواب آداب التجارة، ح 3.
2- . مصباح الفقاهة، ج 3، ص 548.
3- . القواعد الفقهیة، ج 3، ص 281.
4- . وسائل الشيعة، کتاب التجارة، ب 12، من ابواب العقد البیع، ح 6.
5- . فقه العقود، ج 1، ص 439.

فالأولی الاستدلال لبطلان المعاملات الغرریّة ببناء العقلاء کما صنعه المحقّق الخوئی(1) لکنّه دلیل لُبّی یقتصر علی المتیقّن منه و هی المعاملات التی لم توضع علی التساهل و التسامح کالصلح و الجعالة.(2)

فلایجوز البیع و الاجارة و المضاربة إذا کان أحد العوضین مجهولاً جهالةً یعدّ الإقدام علیها سفهیا و یؤیّده ما عن الصدوق(رحمه الله) بعد ما روی نهی النبی(صلی الله علیه و آله)عن المنابذة و الملامسة و بیع الحصاة. قال: و هذه بیوع کان أهل الجاهلیّة یتبایعونها فنهی رسول الله(صلی الله علیه و آله) عنها لانّها غرر کلّها.(3) بخلاف الصلح و الجعالة فلایضربهما الغرر.

الأمر الثالث: فی التعلیق

قال المحقّق الخوئی(قدس سره): انّ المغروس فی کلمات الفقها و المسطور فی کتبهم انّ التعلیق فی الجملة مجمع علی بطلانه.(4) ثمّ قال: انّ ظاهر جملة من العبائر هو بطلان التعلیق فی العقد دون الإیقاعات علی وجه الإطلاق و ظاهر جملة أخری منها انّه یحکم ببطلان التعلیق فیما إذا کان المعلّق علیه أمراً مجهولاً.(5) إلی أن قال: نتیجة البحث انّه لا دلیل علی بطلان العقود بالتعلیق لکی یکون ذلک الدلیل مخصّصاً لأدلّة صحّة العقود و علیه فالعمدة فی المقام هو الإجماع فإن تمّ فهو والاّ فالمرجع هو العمومات و الإطلاقات.(6)

و لکن هذا دلیل لبّی یقتصر علی المتیقّن منه کما استشکل

ص: 13


1- . مصباح الفقاهة، ج 3، ص 617.
2- . مهذب الاحکام، ج 16، ص 363.
3- . وسائل الشيعة، کتاب التجارة، ب 12، من أبواب عقد البیع، ح 13.
4- . مصباح الفقاهة، ج 2، ص 328.
5- . نفس المصدر، ص 329.
6- . نفس المصدر، ص 339؛ القواعد الفقهیة، ج 3، ص 291.

صاحب العروة فی تحقّقه فی باب الضمان.(1)

و لعلّ المتیقّن هی العقود العهدیّة، و أمّا العقود الإذنیّة فلایشترط فی صحّتها التنجیز و لایضربها التعلیق کما حقّقه بعض المحقّقین.(2)

و لکن قال المحقّق الخوئی(قدس سره): انّ التعلیق الذی یوجب بطلان العقد علی قسمین:

1- أن یکون العقد معلّقاً علی أمر متأخّر کما إذا کان الإنشاء حالیاً و المنشأ استقبالیاً بأن یحصل فی الاستقبال... و قد تسالم الفقهاء4بکونه مبطلاً للعقد إلاّ فی موردین: أحدهما الوصيّة و الثانی التدبیر.

2- أن یکون التعلیق علی أمر حالی و لکن لایعلم بکونه حاصلاً أو غیر حاصل کأن یقول: «بعتک المتاع الفلانی إن جاء زید» و الفرض انّه جاء لکن لایدری المتعاملان بمجیئه.(3)

الأمر الرابع: فی أقسام الشرط و أحکامه

فنقول الشرط فی اللغة کما فی التهذیب معروف فی البیع و الفعل شارطه فشرط له علی کذا و کذا و هو یشرط.(4)

و قال الزمخشری: شرط علیه کذا و اشترط و شارطه علی کذا و تشارطا علیه و هذا شرطی و شریطتی.(5)

وقال ابن فارس: الشین و الراء و الطاء أصل یدلّ علی علم و علامة و ما قارب ذلک من عَلم.(6)

ص: 14


1- . العروة الوثقی، ج 5، ص 404.
2- . کتاب المضاربة، ص 32، للسید الهاشمی الشاهرودی.
3- . مصباح الفقاهة، ج 5، ص 340.
4- . تهذیب اللغة، ج 11، ص 308.
5- . اساس البلاغة، ص 387.
6- . ترتیب مقاییس اللغة، ص 487.

فما قیل من أنّ الشرط فی اللغة بمعنی الربط بین شیئین و قد أشیر إلیه فیما حکی عن القاموس من أنّ الشرط هو الإلتزام فی بیع و نحوه. و فی أقرب الموارد شرط علیه البیع و نحوه شرطاً ألزمه شیئاً فیه و اذن فالشروط الابتدائیّة خارجة عن حدود الروایة.(1)

لایمکن المساعدة علیه لأنّ هذا کلّه من موارد الاستعمال لا المعنی الموضوع له کما لایخفی علی المتتبع و من هنا صحّ للمحقّق الاردبیلی الاستدلال بقوله(صلی الله علیه و آله): «المؤمنون عند شروطهم» علی لزوم الشروط الابتدائیّة(2)،

إلاّ أن یکون إجماع علی خلافه کما قیل.(3)

لکنّه علی تقدیر تسليمه و حجيّته دلیل لبّی یقتصر علی المتیقّن منه و هو الشرط الابتدائی الذی لایکون عهداً و میثاقاً غلیظاً کما قال بعض المدقّقین(مدظله): انّا لو سلّمنا اختصاص الشرط بمعناه الحقیقی بالشرط الضمنی فهذا لایعنی الإفتاء بعدم وجوب الوفاء بالشرط الابتدائی فإنّ الشرط الإبتدائی إذا کان بمعنی إلتزام شخص لشخص و تعهّده له بأمر مّا فإنّ هذا یجب الوفاء به إذ لو لم یکن داخلاً فی قوله: المسلمون أو المؤمنون عند شروطهم، فهو داخل بلا اشکال فی آیات الأمر بالوفاء بالعهد و العقد، انتهی.(4)

و أولی منه بوجوب الوفاء هو الشرط المذکور فی ضمن العقود الجائزة کما صرّح به صاحب العروة فی باب المضاربة و قرّره علیه اکثر المحشّین(5) و هکذا ما تبانی علیه

ص: 15


1- . مصباح الفقاهة، ج 2، ص 167.
2- . المکاسب، ج 5، ص 21.
3- . المکاسب، ج 6، ص 56.
4- . فقه العقود، ج 1، ص 245.
5- . العروة الوثقی، ج 5، ص 159.

المتعاقدان فانّه کالمذکور فی ضمن العقد کما صرّح به الشیخ الاعظم و تبعه جماعة.(1)

و أمّا تحقیق معنی الشرط فی الاصطلاح و امتیازه عن القید فقد جاء فی کلام مبسوط للمحقّق الخوئی(قدس سره) فنأتی به ملخّصاً.

قال انّ للشرط إطلاقات:

الأول: ما هو المصطلح عند الفلاسفة و هو جزء العلّة و هو الدخیل فی تأثیر المقتضی إمّا من جهة الدخل فی قابلیّة القابل و إمّا من جهة الدخل فی فاعلیّة الفاعل فالشرط بهذا المعنی مقابل للمقتضی فی مصطلح الفلاسفة.

ثانیها: ما یطلق فی باب الأحکام التکلیفیّة و الوضعیّة کالوجوب و الحرمة و الملکیّة و الزوجیّة. فیقال انّ دلوک الشمس شرط فی وجوب الصلاة أو بلوغ العاقد شرط فی حصول الملکیّة.

ثالثها: ما یطلق فی باب متعلّقات الأحکام کالصلاة فیقال الطهاره و الستر و الاستقبال شرط لها، فالشرط قید فی متعلّق التکلیف بخلاف المصطلح الثانی فإنّ الشرط قید للموضوع.

رابعها: ما یطلق فی باب العقود و الإیقاعات أعنی الشروط المجعولة من قبل نفس المتعاقدین لا المعتبرة من الشارع أو العقلاء کاشتراط البائع علی المشتری شرطاً و نحو ذلک ممّا یشترط فی متن عقد أو إیقاع.

فإنّ للشرط هنا معنیً آخر مغایراً لجمیع ما مرّ فقد ذکر الفقهاء فی تفسیره انّه إلتزام فی إلتزام و من الظاهر جدّاً انّهم لایریدون بهذه العبارة مجرّد الظرفیّة و المقارنة ضرورة انّها بمجرّدها لم تکن موضوعاً لأیّ حکم شرعی. فالمراد بهذا الکلام یرجع إلی أحد معنیين علی سبیل منع الخلو:

ص: 16


1- . مصباح الفقاهة، ج 7، ص 335؛ القواعد الفقهیة، ج 3، ص 286.

أحدهما تعلیق الإلتزام بالعقد علی تقدیر خاص خارج غالباً عن اختیار المتعاملین فهو ینشیء العقد من غیر أیّ تعلیق فیه نفسه إلاّ انّه یجعل إلتزامه بهذا العقد منوطاً علی تحقّق أمر أو وصف کما لو باع العبد بشرط أن یکون کاتباً و مرجعه إلی جعل الخیار علی تقدیر عدم الکتابة.

ثانیها: تعلیق نفس العقد أو الایقاع علی التزام الطرف المقابل بشیء فان التزم والا فلاعقد و لا ایقاع و کانّما لم یصدر منه أیّ انشاءٍ فلیس معنی الشرط هنا تعلیق الالتزام بالنکاح أو الطلاق علی تحقّق ذلک الشیء الذی التزم به الطرف الآخر خارجاً بل معناه انّ أصل الطلاق أو النکاح معلّق، لکن لا علی تحقّق ذلک الشيء فی الخارج لیکون من التعلیق المبطل بل علی نفس الإلتزام به من الطرف المقابل الذی لا ضیر فی مثل هذا التعلیق جزماً.

و نتیجة هذا النوع من الاشتراط انّه بعد ما التزم بالشرط و تمّ الایقاع أو العقد کان للشارط مطالبة المشروط علیه و الزامه بالوفاء عملاً بعموم «المؤمنون عند شروطهم» فلا یتضمّن هذا الشرط إلاّ التکلیف المحض دون الوضع.

و أمّا القید فتارةً یکون مورده العین الخارجیّة و أخری یلاحظ فی الکلیّ و ثالثه فی الإعمال امّا الأعیان کما لو قال: «بعتک هذه العین الشخصیّة بشرط کذا» فهذا یتصوّر علی وجوه ثلاثة:

أحدها: أن یکون من مقوّمات الموضوع کما لو باعه هذا الجسم الأصفر علی أن یکون ذهباً و لا شکّ انّ مثل هذا یعدّ قیداً مأخوذاً فی المبیع و یرجع الشرط إلی التقیید أی إلی تعلیق البیع بهذا العنوان فلا یبیع و لایشتری الاّ المتّصف بهذا الوصف العنوانیّ و لا ضیر فی مثل هذا التعلیق ضرورة انّ مالیّة الشيء انّما هی بصورته و عنوانه.

ص: 17

ثانیها: أن یکون من أعراض المبیع و أوصافه کما لو باع العبد بشرط أن یکون کاتباً و حیث انّ العین الشخصیّة جزئیّ حقیقیّ و مثله لا سعة فیه و لا اطلاق حتّی یکون قابلاً للتقیید فیمتنع إذن رجوع الشرط إلی القید إلاّ إذا کان علی نحو التعلیق المستلزم للبطلان إجماعاً.

ثالثها: أن یکون الشرط أمراً خارجیّاً مفارقاً کالبیع بشرط الخیاطة. فانّ التقیید هنا أیضاً یرجع إلی التعلیق المستوجب للبطلان فبعد امتناع التقیید فی هذین الموردین لا محیص من إرادة الشرط بالمعنی الذی تقدّم، أعنی تعلیق الإلتزام بالعقد علی وجود الوصف خارجاً الراجع إلی جعل الخیار إذا کان القید من أعراض المبیع أی ثانی الوجوه أو تعلیق العقد علی الالتزام الذی نتیجته جواز المطالبة کما فی ثالث الوجوه أی إذا کان القید أمراً خارجیّاً.

أمّا إذا کان مورد القید عنواناً کلیّاً کما لو باعه منّاً من الحنطة علی أن یکون من المزرعة الفلانیة أمّا عنوان نفس المبیع و هو کونه حنطة فلا کلام و لا اشکال فی کونه ملحوظاً علی وجه التقیید فلو سلّمه شعیراً مثلاً فهو غیر المبیع جزماً و أمّا بالنسبه إلی الأوصاف المعدودة من عوارض هذا الکلی و الموجبة لتقسیمه إلی قسمین ککونه من هذه المزرعة تارةً و من تلک أخری. فالظاهر من التوصیف بحسب المتفاهم العرفی رجوعه الی التقیید أیضاً لا إلی الاشتراط بمعنی انّ المبیع صنف خاص من هذا

الکلّیّ و حصّة مخصوصة فلو دفعه حصّة أخری له الامتناع و إلزام البائع بدفع تلک الحصّة التی وقع العقد علیها و أمّا بالنسبة إلی الأمور الخارجیّة کما لو باعه منّاً من الحنطة علی أن یخیط له ثوباً فمن الواضح انّها لاتکون قیداً فی المبیع فلا معنی للتقیید هنا إلاّ الاشتراط فللمشتری الخیار لو تخلّف.

ص: 18

و بهذا یظهر الحال فی الأعمال فلو آجره علی عمل مشروطاً بشيء فإن کان ذلک الشيء من صفات العمل و عوارضه التی ینوّع العمل إلی نوعین رجع إلی التقیید فلو لم یأت بالشرط فکأنّه لم یأت بالعمل بتاتاً و إن کان من الأمور الخارجة عن العمل فهو راجع إلی الاشتراط فلو لم یأت الأجیر بالشرط فللمستأجر الخیار.

و من جمیع ما ذکرناه یتّضح افتراق التقیید عن الاشتراط مفهوماً و مورداً و انّهما لایکادان یردان علی مورد واحد. و انّ المورد الذی یصحّ فیه الاشتراط لایمکن فیه التقیید و بالعکس و قد عرفت انّ الاشتراط فی غیر العین الخارجیّة یرجع إلی التقیید إن کان من قبیل الأوصاف کما انّ التقیید یرجع إلی الاشتراط إن کان من قبیل الأمور الخارجیّة. انتهی کلامه رفع مقامه.(1)

و سیأتی ما فیه عند الکلام علی تقسیط الثمن.

و أمّا أقسام الشرط فثلاثة شرط الصفة و شرط الغایة و قد یسمّی بشرط النتیجة و شرط الفعل.

فالأوّل عبارة عن اشتراط وجود صفة فی متعلّق العقد کالمبیع فی البیع و المنکوح فی النکاح، فإن فقد ذلک الوصف فللمشروط له الخیار لانّه لم یلتزم بالبیع أو النکاح إلاّ إذا کان المبیع أو المنکوح متّصفاً بهذه الصفة.

لایقال المعاملة باطلة عند فقدان الوصف لأنّه لم یلتزم بمبادلة فاقد الوصف. فإنّه یقال المعاملة وقعت بین الذاتین و إن کان الالتزام بها مبنیّاً علی وجود صفة فی متعلّق المعاملة فإن انکشف عدم اتّصافه بها فله الخیار إلاّ إذا کان الوصف ذاتیّاً کما إذا باعه الحیوان الموجود فی هذه الدّار علی أن یکون فرساً فبان حماراً. أمّا إذا باعه الحیوان علی أن یکون حاملاً فبان أنّه لم یکن کذلک فله الخیار.

ص: 19


1- . موسوعة سید الخوئی، ج 30، ص 94 - 85.

و أمّا القسم الثانی: أی شرط الغایة و النتیجة، أی نتیجة العقود و الإیقاعات فهل هی کما تحصل بأسبابها المقدّرة فی الشریعة کذلک تحصل بالشرط أم لا؟

التحقیق انّها أقسام بعضها لاتحصّل إلاّ بأسبابها کالطلاق و النکاح و بعضها یحصل بالشرط و المتّبع دلیل ذلک العقد أو الإیقاع کما سیأتی جواز اشتراط ضمان مالیّة المال عن سیّد المحقّقین(قدس سره).

و أمّا القسم الثالث: أی شرط الفعل فهو أن یشترط أحد المتعاقدین علی الآخر فعلاً مقدوراً جائزاً لایکون مخالفاً للکتاب و لا لمقتضی العقد إلی آخر ما ذکروه من الشروط، فیجب علی المشروط علیه الوفاء به. فان لم یف به فللمشروط له الخیار.(1)

و أمّا أحکام الشرط:

فعمدتها وجوب الوفاء به إذا کان المشروط فیه عقداً لازماً کالبیع و النکاح و الاجارة بلا اشکال و لا خلاف و إنّما الخلاف فی انّه هل الشرط یوجب حقّاً للمشروط له علی المشروط علیه أم لایوجب ذلک. بل أثر الشرط قلب العقد اللازم جائزاً.(2)

و أمّا إذا کان المشروط فیه عقداً جائزاً کالمضاربة ففیه خلاف کما تقدّمت الإشارة إلیه.

و من أحکامه: انّ الشرط الفاسد هل یکون مفسداً ام لا؟ و صفوة القول هو الذی أشار إلیه المحقّق الاصبهانی(قدس سره) فی أول مبحث خیار الشرط من انّ الشرط إذا کان بحیث یقسّط الثمن علیه و علی المثمن فلا فرق بینه و بین الجزء فی انّ الغرر و التعلیق فیه یسری إلی العقد فیصیر العقد غرریّاً أو تعلیقیّاً، فالشرط الفاسد مفسد إذا کان کالجزء فی تقسیط الثمن علیه(3) و أمّا ایّ شرط یقسّط الثمن علیه و ایّ شرط لایکون

ص: 20


1- . القواعد الفقهیة، ج 3، ص 303 - 293؛ مصباح الفقاهة، ج 5، ص 276 - 270.
2- . القواعد الفقهیة، ج 3، ص 301.
3- . حاشیة المکاسب، ج 4، ص 175.

کذلک فقد یقال بانّ الشرط إذا کان خارجاً عن حقیقة العوض و المعوّض بأن لایکون من ذاتیّاتهما و لا من أوصافها المتّحدة وجوداً معهما و لا من أجزائهما و ذلک مثل أن یبیع داره بثمن کذا بشرط أن یخیط ثوبه، فهذا صرف التزام فی ضمن المعاملة و هکذا إذا کان الشرط من أوصاف المبیع کان یقول: «بعتک هذا العبد بشرط أن یکون کاتباً» و هذا أیضاً التزام فی التزام آخر، فلا یقسّط الثمن علی هذین الشرطین و أمّا إذا کان الشرط عنوان المبیع و یکون عند العرف من قبیل صورته النوعیّة و ان لم یکن کذلک واقعاً کما إذا قال: «بعتک هذه الجاریة بشرط أن تکون رومیّة» فبانت حبشیّة، فیقسّط الثمن علی الشرط و علی ا لمثمن و تخلّف الشرط موجب لبطلان المعاملة، و هکذا إذا کان للشرط جهتان؛ جهة جزئیّة ذاتیّة للمبیع و جهة وصفیّة و عرضیّة، کما إذا باع صبرة علی أنّها عشرین صاعاً فظهر أقلّ أو باع أرضاً علی أنّها مأة جریب فظهرت أقلّ، ففی هذا القسم أیضاً یقسّط الثمن علی الشرط و علی المثمن لانّ حال الکمّیة فی هذا القسم عند العرف حال الصورة النوعیّة. انتهی ما ذکره المحقّق البجنوردی ملخّصاً.(1)

أقول: لا فرق بین الأقسام الأربعة إن کان التقسیط مقصوداً للمتعاقدین کما هو الظاهر الغالب، فمن یقول: «بعتک هذا الکتاب بدرهم بشرط أن تخیط ثوبی» معناه المتفاهم عرفاً انّه باع کتابه بثمن نصفه نقد و نصفه عمل، فإذا تخلّف الشرط لم یقع ما قصده و هکذا القسم الثانی، نعم إذا رضی المشروط له بالمبیع المتخلّف شرطه یکشف عن انّ الثمن لم یقسّط عنده علی الشرط و المبیع و له أن یرضی بالمبیع من دون الشرط و ان یفسخ البیع.

و بالجملة خیار تخلّف الشرط شاهد صدق علی أنّ الثمن یقسّط علی الشرط و المثمن.

ص: 21


1- . القواعد الفقهیة، ج 3، ص 317- 313.

فإن قلت: لِمَ لا یحکمون بفساد العقد عند تخلّف الشرط فی القسمین الأوّلین کما یحکمون به فی القسم الثالث، فانّ العقود تابعة للقصود و ما قصد لم یقع فهو باطل فاسد.

قلت: إذا رضی المشروط له بالمبیع المتخلّف شرطه فهذا رضی مالکی یلحق بالبیع الفاسد و یبیح التصرّفات کما سیأتی فی بیان أحکام المقبوض بالعقد الفاسد و إن لم یکن الرضا المعاملی ثابتاً فتأمّل. و ممّا ذکرنا یظهر الإشکال فیما أفاده المحقّق الخوئی(قدس سره) من انّ اشتراط شيء یکون من أعراض المبیع و أوصافه و اشتراط شيء خارج عن المبیع إذا کان المبیع عیناً شخصیّة لو کان بمعنی تقیید المبیع بذاک الشرط لکان البیع باطلاً لانّه یرجع إلی التعلیق المبطل.(1)

ولایخفی ما فیه لما تقدّم منه فی الأمر الثالث من أنّ التعلیق لایکون مبطلاً إلاّ إذا کان أمراً استقبالیّاً أو حالیّاً غیر معلوم تحقّقه کما إذا قال: «بعتک هذا الکتاب بدرهم بشرط أن یرجع زید من السفر».

و بالجملة: الظاهر من حال المتعاقدین هو التقسیط فی جمیع أقسام الشرط إلاّ ان القسمین الأولین یلحقهما الرضا المالکی عند تخلّف الشرط غالباً، فقال الفقهاء بثبوت الخیار و معنی حکمهم هذا هو انّ بقاء العقد مشروط بلحوق الرّضا بخلاف القسمین الآخرین فلا یلحقهما الرضا المالکی غالباً فقالوا ببطلان العقد عند تخلّف الشرط. فتأمّل.

الأمر الخامس: فی أقسام الضمان

فإنّه إمّا إنشائی و إمّا غیر إنشائی. فالأوّل هو أن ینشأ شخص اشتغال ذمّته لشخص آخر بمال أو نفس فهو یشمل الضمان بالمعنی الأخصّ أی نقل ما فی ذمّته إلی

ص: 22


1- . مصباح الفقاهة، ج 5، ص 388.

ذمّة أخری و الکفالة و هی عبارة عن التعهد بنفس لآخر و الحوالة و هی عبارة عن تحویل المدین ما فی ذمّته من الدین إلی ذمّة غیره بإحالة الدائن علیه.

و هنا قسمان آخران من الضمان الإنشائی أفادهما الفقیه المدقّق الصدر(قدس سره):

فالأوّل هو التعهّد بالشيء و جعله فی مسئولیّة الشخص و یؤدّی هذا التعهد إلی اشتغال ذمّته بقیمته علی تقدیر التلف و هذا معنی آخر عقلائی للضمان یتصوّر فی الدیون و الأعیان الخارجیّة معاً و إذا تعلّق بالدین فلا یقتضی نقل الدین إلی ذمّة الضامن من ذمّة المدین بل یقتضی تعهّد الضامن بوفاء ذلک الدین(1)،

بأن یقول للدائن مثلاً: «أنا اتعهّد بأنّ دینک سیؤدّی إلیک» فالضمان هنا لیس ضماناً لنفس مبلغ الدین امّا بدلاً عن المدین الأصلی أو منضمّاً إلیه و انّما هو ضمان لأدائه مع بقاء الدین فی ذمّة المدین الأصلیّ و تحمّله للمسئولیّة... بل المدین مسئول و مشغول الذمّة بذات المبلغ و الضامن مسئول عن أداء ذلک المبلغ أی انّه مسئول عن خروج المدین عن عهدة مسئولیّته و تفریغ ذمّته، إلی آخر ما أفاده(قدس سره).(2)

ثمّ ترقی فقال بجواز تعهّد الشخص لمالیّة المال لا عینه. قال: و الآن نتکلّم عن اشتراط الضمان بالمعنی الثانی و هو جعل مالیّة المال و قیمته فی عهدة الشخص الآخر لا العین فقط بحیث لو نزلت قیمة المال یکون الشخص الآخر ضامناً و لو کان عین المال باقیاً و بتعبیر آخر اشتراط عدم الخسران من الناحیة التجاریة و هذا الضمان نتصوّره أیضاً علی نحو تصوّرنا للضمان بالمعنی الأول، غایة الأمر انّ المتعهّد به هناک عین المال و هنا مالیّة المال و قیمته و هذا معنی مشروع من الضمان یمکن إنشائه

ص: 23


1- . البنک اللا ربوی، ص 185.
2- . نفس المصدر، ص 219.

مستقلاً کما یمکن اشتراطه فی ضمن عقد علی نحو شرط النتیجة و الدلیل علی ذلک روایة الحلبی عن ابی عبدالله(علیه السلام) فی رجلین اشترکا فی مال فربحا فیه و کان من المال دین و علیهما دین، فقال أحدهما لصاحبه: أعطنی رأس المال و لک الربح و علیک التوی. فقال: لا بأس إذا اشترطا. فإذا کان شرط یخالف کتاب الله فهو ردّ الی کتاب الله عز ّوجلّ.(1)

و قد اناط الإمام(علیه السلام) نفی البأس بالاشتراط إلی أن قال: انّ أحد الشریکین یضمن للآخر مالیّة ماله و یجعل علی نفسه تدارک الخسارة و فی مقابل ذلک یملّکه الآخر بنحو شرط النتیجة ما ینتقل إلیه من الرّبح.(2)

و أمّا الثانی فهو الذی أفاده فی حواشیه علی المنهاج حیث سمّی عقد التأمین إنشاء العهدة بالضمان و استشهد لصحّته ببعض الروایات(3)

و هو صحیح عبدالله ابن سنان عن ابی عبدالله(علیه السلام) فی رجل یموت و علیه دین فیضمنه ضامن للغرماء، فقال(علیه السلام): إذا رضی به الغرماء فقد برئت ذمّة المیّت.(4)

و قال بعض تلامذته: قدیقصد بالضمان مجرّد التعهّد بما فی الذمّة أی انّ الضامن یتعهّد للدائن بحصول دینه له إمّا بوفاء المدین أو بوفاء المتعهّد و هذا لایوجب برائة ذمّة المدین بمجرّد حصول الضمان بهذا المعنی و إنّما هذا شبیه بضمان من یتکفّل بتحصیل العین المغصوبة من الغاصب للمالک أو تحصیل القاتل لأولیاء المقتول و نحو ذلک، انتهی.(5)

ص: 24


1- . وسائل الشیعة، کتاب الصلح، ب4، من ابواب احکام الصلح، ح1.
2- . البنک اللاربوی، ص 187 و ص 190.
3- . منهاج الصالحین، ج2، ص 216 للسید الحکیم مع حواشی السید الصدر.
4- . وسائل الشیعة، کتاب الضمان، ب 2، ح 1.
5- . منهاج الصالحین، ج 2، ص 306 للسید الحکیم مع حاشیة السید الحائری.

کما قال بعض المحققین من مشایخنا(طاب ثراه) بجواز ضمان تلف الدین و مطالبة المدین بأن یتعهّد الأداء عند عدم وصول الدین بما هو المتعارف فی وصول الدین من المدینین.(1) و لایرد علیه انّه ضمان ما لم یجب و هو غیر معقول فانّه غیر معقول إن کان المنشأ هو الضمان الفعلی و أمّا إن کان المنشأ هو الضمان بعد ثبوت الدین فهو معقول فلا یکون باطلاً بل مقتضی العمومات الصحّة کما أفاده سیّد مشایخنا(مدظله).(2)

و اما الضمان غیر الإنشائی فهو إمّا ضمان التلف لقاعدة «من أتلف مال الغیر فهو له ضامن» و إمّا ضمان الید للنبوی المعروف بین الفریقین: «علی الید ما أخذت حتّی تؤدّیه»، قد دلّ علی ثبوت الضمان علی کلّ من استولی علی عین و ضمان الید شامل للضمان المعاوضیّ فی العقود الصحیحة و ضمان الغرامة فی العقود الفاسدة للقاعدة المشهورة: «کلّ ما یضمن بصحیحه یضمن بفاسده» و تمام الکلام فی محلّه.

نعم خرجت عنه ید الأمین للقاعدة المجمع علیها و هی عدم ضمان الأمین إلاّ مع التعدّی و التفریط، فالأمین لایکون ضامناً سواء کانت الأمانة شرعیّة أم مالکیّة کما صرّح به شیخنا المحقّق فی قواعده الفقهیّة.(3)

و أمّا الضمان المطلق و هو تملیک مال و إثبات مثله أو قیمته فی الذمّة فهو مختصّ بباب القرض و أمّا ما سیأتی فی الأمر الحادی عشر من ضمان انخفاض النقود الورقیّة فهو من قبیل ضمان التلف لانّ ضمان مالیّة المال یرجع إلی ضمان تلف المال. و أمّا ما روته العامّة عن النبی(صلی الله علیه و آله) من انّ الخراج بالضمان فالظاهر انّه ورد فی الضمان المعاوضیّ و ان تعدّوا عنه إلی ضمان الغاصب قیاساً لید المالک الغاصب بید

ص: 25


1- . تعلیقة المنهاج، ص61.
2- . المسائل المستحدثة، ص 43.
3- . القواعد الفقهیة، ج 1، ص 28 للفاضل اللنکرانی.

العاقد و امّا الضمان المستحدث و هو التعهّد بدفع مبلغ إلی من تعهّد لآخر بعمل إذا تخلّف عنه فهو من قبیل إنشاء العهدة بالضمان أو هو عقد مستقلّ مشمول للعمومات کما أفاده سیّد مشایخنا(مدظله) فی المسائل المستحدثة.(1)

ثمّ لایخفی انّ الضمان غیر اشتغال الذمّة علی ما أفاده سیّد الطائفة الفقیه البروجردی فانّ المدیون ذمّته مشغولة للدائن مع انّه لایقال انّه ضامن له فالمقترض مع اشتغال ذمّته للمقرض لایکون ضامناً له و السرّ فیه انّ اشتغال الذمّة لابدّ و ان یکون بأمر کلّیّ و هو المثل أو القیمة، فالذمّة تکون بمنزلة الذهن الّذی توجد فیها الماهیّة. فالماهیّة الکلیّة تتشخّص بوجودها فی الذهن. فالموجود فیه أمر کلّیّ. و أمّا العهدة فهی متعلّق بالموجود فی الخارج مع وصف وجوده فی الخارج، انتهی.(2)

هذا مؤیّد لماتقدّم فی الأمر الأوّل عن المحقّق النائینی من الفرق بین العهدة و الذمّة.

الأمر السادس: فی دلالة النهی علی الفساد

انّهم و إن اختلفوا فی دلالة النهی المتعلّق بالمعاملات علی الفساد(3) و لکنّهم تسالموا علی دلالة علی الفساد فی موردین:(4)

الأوّل: النهی الّذی مفاده نفی ترتیب آثار الصحّة کقوله(علیه السلام): «ثمن العذرة سحت». لأنّ نفی الأثر ملازم لنفی المؤثّر کما قال صاحب الکفایة: و انّما تقتضی الفساد فیما إذا کان دالّاً علی حرمة ما لایکاد یحرم مع صحّتها مثل النهی عن أکل الثمن أو المثمن فی

ص: 26


1- . المسائل المستحدثة، ص56.
2- . القواعد الفقهیة، ج1، ص 102.
3- . تحقیق الاصول، ج 4، ص 155؛ زبدة الاصول، ج 3، ص 175.
4- . منتهی الاصول، ج 1، ص 599.

بیع أو بیع شيء، انتهی.(1)

الثانی: النهی الّذی یکون إرشاداً إلی عدم وقوع المعاملة کما قال صاحب الکفایة: نعم لایبعد دعوی ظهور النهی عن المعاملة فی الإرشاد إلی فسادها، انتهی.(2)

فالنهی عن المعاملة الربویّة و الغرریّة إرشاد إلی أنّ الربا و الغرر مانع عن النقل و الانتقال کما قدیظهر من المحقّق البجنوردی(قدس سره).(3) وذلک لأنّ الأصل فی المعاملات هو الإرتکازات العقلائیّة و إنّما الشارع أمضاها کما صرّح به المدقّق العراقیّ فی تعلیقته المبسوطة علی العروة.(4)

و قد یتوهّم انّ الإرشاد إلی الفساد بمعنی عدم ترتّب آثار العقد الصحیح علیه و هو لاینافی إباحة التصرّفات للرضا المالکیّ و أمّا الآثار و الأحکام الخاصّة فهی مترتّبة علی الرضا المعاملیّ و هو متحقّق.

و لکنّه مدفوع بانّ کل معاملة یعدّ أکل المال بإزائها أکلا للمال بالباطل فی الشرع یکون ثمنها سحتاً و کل معاملة یکون ثمنها سحتاً لایمکن الحکم بإباحة ثمنها من حیث الرضا المالکیّ لأنّ الإباحة الحاصلة من الرضا المالکیّ یکون هدماً لما أسّسه الشارع من حرمة ثمنها، فلایؤثّر فی الإباحة.

الأمر السابع: فی أنّ الأصل في المعاملات هو الفساد أو الصحّة

اختلفوا فی أنّ الأصل فی الشبهات الحکمیّة فی المعاملات هل هو الفساد أو

ص: 27


1- . کفایة الاصول، ص 187.
2- . نفس المصدر.
3- . القواعد الفقهیة، ج 5، ص 152.
4- . العروة الوثقی، ج 5، ص 272.

الصّحّة(1)، و التحقیق هو التفصیل فی الشکّ فی شرطیّة شيء أو جزئیّته عند العقلاء فالأصل هو الفساد و بین الشکّ فی شرطیّة شيء أو جزئیّته عند الشارع فالأصل هی الصحّة و یتّضح ذلک بتمهید مقدّمتین:

الأوّل: ما أشار إلیه صاحب الکفایة فی مبحث خبر الواحد من أنّ عدم ثبوت الردع عن بناء العقلاء کافٍ لتأییدهم(2)، لأنّ الشارع أحد العقلاء بل رئیسهم فهو بما هو عاقل متّحد المسلک مع العقلاء فهذا مقتضٍ لاتّحاد المسلک و ردعه الفعلی کاشف عن اختلاف المسلک و انّه بما هو شارع له مسلک آخر فعدم وصول الردع کافٍ فی الحکم باتّحاد المسلک.(3)

الثانیة: ما أفاده المحقّق الاصبهانی و هو انّه لو وجب العقد بلفظ خاصّ و طرز مخصوص لأشیر إلیه فی النصوص و لو کان لبان بل اشتهر غایة الاشتهار لعموم البلوی به فی الأعصار و الأمصار... و لایمکن الاعتماد علی أصالة الفساد فی مقام الردع عن بناء العقلاء. إذ لیس أصل الفساد دلیلاً علی الفساد... فعدم الدلیل علی الصحّة لایمکن أن یکون رادعاً و مانعاً عن المقدمات المقتضیة للصحّة فتدبّر جیّداً. انتهی.(4)

إذا عرفت هاتین المقدّمتین تعرف انّ کلّ قانون اقترحه العقلاء حفظاً لنظام مجتمعهم

کقواعد قیادة السیّارات و کلّ معاملة استحدثوها لذلک کالتأمین و کل ما یرونه مالاً و یبذلون بإزائه المال کحقّ التألیف و کلّ ما یعتبرونه مالکاً کالبنک الأصل فی جمیع ذلک کلّه أن یکون ممضیً ما لم یکن هدماً لما أسّسه الشارع کما إذا کان منافیاً لقواعد

ص: 28


1- . حاشیة المکاسب للایروانی، ج 2، ص 95؛ مصباح الفقاهة، ج 2، ص 271.
2- . کفایة الاصول، ص 303.
3- . نهایة الدرایة، ج 3، ص 250.
4- . حاشیة المکاسب، ج 1، ص 266.

الدیات و القصاص أو غرریّاً أو ربویّاً فالتأمین عقد و حقّ التألیف مال و البنک مالک و من لم یراع قواعد قیادة السیّارات فأتلف مالاً فهو ضامن إن کان أقوی من المباشر.

نعم لو شککنا فی شرطیّة شیء فی معاملة عند العقلاء أو شککنا فی معاملة انّها ممّا بنی علیه العقلاء بما هم عقلاء أو شککنا فی حقّ انّه ممّا یبذل العقلاء بإزائه المال أو شککنا فی شخصیّة حقوقیّة انّها ممّا اعتبرها العقلاء مالکاً أم لا، الأصل فی ذلک کلّه الفساد.

و ممّا ذکرنا یظهر ضعف ما أورده علیه بعض الأعلام(مدظلّه) قال: و من هنا یظهر أنّ ما ذکره المحقّق الاصبهانی(قدس سره) من انّه یکفی فی حجیّتها عدم إحراز الردع عنها و لاتتوقّف علی إحراز عدم الردع لایمکن المساعدة علیه لانّ مردّ ما ذکره(قدس سره) إلی انّ الشکّ فی حجیّة السیرة من جهة الشکّ فی ردعها لایمنع من ترتیب آثار الحجیّة علیها و هو کما تری لانّه ینافی ما بنی علیه(قدس سره) و کذلک غیره من انّ الشکّ فی الحجیّة مساوق للقطع بعدمها، انتهی.(1)

إذ لایرد هذا الاشکال علی المحقّق الاصبهانی(قدس سره) بناءً علی ما ذهب إلیه من انّ حقیقة الحکم متقوّمة بنحو من الوصول.(2) فما ثبت فی الواقع عند الله تعالی إذا لم یصل إلی العبد لم یکن حکماً فقاعدة قبح العقاب بلابیان عنده راجعة إلی قبح العقاب بلاحکم و هکذا یقول فیما نحن فیه فانّ احتمال ثبوت سیرة خاصّة للشارع و ان کان ثابتاً فی الواقع لکنّها ما لم تصل إلی العبد نحکم فی الظاهر باتّحاد سیرته و مسلکه مع مسلک العقلاء و سیرتهم کما نحکم بالإباحة فی الشبهات الحکمیّة ما لم نحرز الحرمة

ص: 29


1- . المباحث الاصولیة، ج 8، ص 377.
2- . نهایة الدرایة، ج3، ص 88 و ج4، ص 240.

الشرعیّة و إن احتملنا وجودها فی الواقع فاحتمال عدم اقرار الشارع بحقّ التألیف أی عدم إمضائه له مستلزم لاحتمال حرمة بیعه و شرائه و هذا التحریم و إن کان محتملاً فی الواقع إلاّ انّه ما لم یصل إلینا لايكون حكماً حقیقةً فنحکم فی الظاهر بجوازه لانّ العقاب بلا حکم قبیح. فافهم، فانّه دقیق و بذاک حقیق، فلا تتوهّم انّ الشکّ فی جواز بیع حقّ التألیف مسبّب عن الشکّ فی حجیّة السّیرة و الشکّ فیها مساوق للقطع بعدمها لانّ الحجّة هو بناء العقلاء بما هم عقلاء و فیهم الشارع بما هو عاقل. فلانشکّ فیها و انّما نشکّ فی انّ للشارع بما هو شارع بناءً آخر أم لا و هذا شکّ بدوی فی ثبوت حکم شرعیّ و الأصل عدمه بدلیل العقل و النقل.

وقد حصل بما ذکرناه دفاعاً عن المحقّق الاصبهانیّ جواب إشکال آخر أورد علیه و هو انّ کون الشارع أعقل العقلاء مسلّم و لکنّ الأعقل کثیراً ما یکتشف خطأ العاقل و یلتفت إلی ما یمنعه من قبول ما قبله العقلا الخ.(1) فانّ المحقّق الاصبهانیّ لم ینکر هذا الاحتمال بل أقرّ به و لکن قال انّ الردع الواقعیّ لایکون کاشفاً عن اختلاف المسلک لانّ حقیقة الحکم عنده متقوّمة بنحو من الوصول.

الأمر الثامن:فی الإشارة إلی إشکالات یرد علی بیع السهام فی سوق البورصة

الأوّل المشهور اشترطوا فی ا لمبیع أن یکون عیناً لا منفعة أو حقّاً و السهام لاتکون عیناً. و الجواب انّه یمکن الصلح علیها، فتأمّل.

الثانی بیع السهام لو کان صحیحاً جائزاً فانّما هو فی السهام الحقیقیّة فیبقی الإشکال

ص: 30


1- . مباحث الاصول، الجزء الثانی من القسم الثانی، ص 124.

فی الأسهم الحقوقیّة لأنّ المبیع لابدّ و أن یکون عیناً موجودة و لو فی الذمّة.

الثالث جواز الصلح أو البیع فی الأسهم مطلقاً أو إذا کانت حقیقیّة انّما هو فی سهام الشرکات الّتی لاتشتمل علی المعاملات المحرمة کبیع الخمر و الخنزیر و نحوهما فضلاً عن سهام البنوک الربویّة.

الرابع لابدّ و أن یکون المبیع أی السهام معلوماً وإلاّ یکون مشمولاً للنهی النبویّ عن بیع الغرر، لکن یجوز الصلح علیها.

الخامس لایجوز بیع الأسهم المشتراه أقساطاً لأنّ أصلها دین و شرائها أقساطاً أیضاً دین فیکون بیع الدّین بالدّین.

السادس یشکل شراء أسهم الاندیة الریاضیّة لانّ جلّها أو کلّها أسهم حقوقیّة مضافاً إلی انّ أعمال تلک الاندیة و هی المراهنة و المغالبة فی غیر الموارد الثلاثة لاتخلو عن إشکال و إن کان المعطی للجائزة هی الدولة بل لاتبعد حرمته لانّ الدّولة الإسلامیّة لیس من شأنها الترویج عن هذه الأمور الّتی روحها مخالفة لروح الشریعة النبویّة. فأکل المال بإزاء هذه المغالبات و المراهنات أکل للمال بالباطل فتأسیس هذه الاندیة للترویج عمّا یؤدی إلی الفساد و الفحشاء و أخذ الجائزة و الجعل فی هذه المغالبات و المراهنات کلّها أکل للمال بالباطل. فشراء أسهمها الحقیقیّة و الحقوقیّة لایخلو من إشکال، بل لایبعد حرمته.

السابع إذا کان درک رأس مال المشتری أی انخفاض قیمة سهامه المشتراة علیه کما انّ منافعها المترقّبة له فلایکون مشمولاً لقاعدة ربح ما لم یضمن بشرط أن یکون المبیع ولو بالبیع الخیاریّ نفس السهام لا سهام منافعها المترقّبة لانّ هذه المنافع هی زیادة قیمة السهام فالمشتری یدفع الثمن إلی البائع نقداً لکنّ البائع لایدفع إلی المشتری

ص: 31

ما یساوی الثمن من المنافع الحاضرة للسهام بل یضمن له المنافع المترقّبة الّتی هی زیاد قیمة السهام فی سوق البورصة و هذا شرط الزیادة للمقرض أی المشتری فهذا قرض ربوی و إن ألبس ثوب البیع کما صرّح به بعض المحقّقین.(1)

الأمر التاسع: فی أحکام المقبوض بالعقد الفاسد

قد اختلفوا فی جواز التصرف فی المقبوض بالعقد الفاسد إذا علم برضی المالک(2) و نخبة القول هو التفصیل بین العقد الفاسد لأجل الإخلال ببعض شرائط العوضین أو المتعاقدین کما إذا کان فضولیّاً فلحوق الرضا المالکیّ یبیح التصرّف فیه بل یفید الملک(3)، و بین العقد الفاسد بالذات کالربا و بیع الخمر و الخنزیر و أجرة المغنیة و الفاجرة و المقامر، فإنّ الإجازة لایبیحها فضلاً عن العلم بالرّضا لما تقدّم فی الأمر السادس کما هو ظاهر سیّد مشایخنا(مدظله) فی تحریمه ما یأخذه مشتری أوراق الیا نصیب من البائع. قال: النوع الأوّل أن یکون إعطاء المال و أخذ البطاقة لأجل احتمال إصابة القرعة و أخذ المال الکثیر و لا اشکال فی حرمة ذلک و ما یأخذ من العوض علی تقدیر إصابة القرعة سحت، لأنّه من مصادیق القمار فإنّ من أظهر مصادیقه اللعب و العمل بالآلات المعدّة للمراهنة مع الرهن و هذه البطاقات معدّة لهذه المراهنة و المغالبة فهو حرام و العوض المأخوذ سحت. انتهی.(4)

فإنّ الظاهر منه انّ حرمة القمار باقیة و إن لحقه الرضا المالکیّ.

ص: 32


1- . منهاج الصالحین، ج 1، ص 429 للسید الهاشمی الشاهرودی.
2- . مصباح الفقاهة، ج2، ص 388.
3- . کتاب البیع، للامام الخمینی، ج2، ص 287.
4- . المسائل المستحدثة، ص 81.

فمن الغریب ما صدر عن بعض الاعلام(مدّظله) قال: انّ الشرکة بموجب قراراتها التقلیدیّة مقیّدة بالمعاملات و الاتّجارات فی الحدود المسموح بها شرعاً إذ کما انّها تقوم بالمعاملات و الإستثمارات فی هذه الحدود کذلک تقوم بها فی الحدود غیر المسموح بها شرعاً کالاتّجار بالخمور و المیتة و لحم الخنزیر و الربا فانّ حرمة هذه المعاملات و إن کانت وضعیّة فقط و لیست بتکلیفیّة غیر الربا فانّ حرمته تکلیفیّة و وضعیة معاً إلاّ انّ المساهمة و المشارکة فی هذه المعاملات توجب تبدیل المال المساهم الحلال بالحرام فلذلک لاتجوز.(1)

وقال فی موضع آخر: حرمة أکثر هذه المعاملات « غیر الربا» وضعیّة و هی لاتؤثّر فی حرمة التصرّف فی أثمان تلک الأعیان المحذورة لأنّ حرمة التصرف فیها منوطة بعدم رضا المشتری بالتصرّف فیها فی فرض بطلانها و المفروض انّه راضٍ به مطلقاً و إن کانت المعاملات باطلة من وجهة نظر الشارع، الی آخر ما نسجه.(2)

و أغرب منه ما أفتی به بعض الاعاظم(مدّظله) من جواز تصرّف المقرض فی الزیادة التی تعطیها المقترض إذا کان واثقاً برضاه، قال: لایجوز الإیداع فی البنوک الأهلیّة بمعنی اقراضها مع شرط الزیادة و لو فعل ذلک صحّ الإیداع و بطل الشرط، فإذا أقام البنک بدفع الزیادة لم تدخل فی ملکه و لکن یجوز له التصرّف فیها إذا کان واثقاً من رضا أصحابه بذلک حتّی علی تقدیر علمهم بفساد الشرط و عدم استحقاقه للزیادة شرعاً کما هو الغالب.(3)

فعلی هذا یجوز تصرف المغنیّة و الرقاصة و الفاجرة و المقامر و المرتشی و بائع الخمر و الخنزیر فیما یأخذونه و مخالفته لروح الشریعة النبویّة ممّا

ص: 33


1- . البنوک، ص 264.
2- . البنوک، ص 262.
3- . منهاج الصالحین، ج 1، ص 431 للسید السیستانی.

لایخفی علی المقلّدین فضلاً عن الفقهاء و المجتهدین. فهذا القائل هو الذی یقول: و من مقدّمات الوثوق أیضاً الموافقة الروحیّة بمعنی انّ مضمون الخبر موافق للأصول الإسلامیّة و القواعد العقلیّة و الشرعیّة.(1)

فمضامین الفتاوی لابدّ أن تکون موافقة لروح الشریعة النبویّة وإلاّ فهی بدع و اجتهادات منهیٌّ عنها نهیاً شدیداً. و بالجملة الناس مسلّطون علی أموالهم لا علی أحکام أموالهم.

الامر العاشر: فی مالکیّة الشخصیّات الحقوقیّة و ماليّة الأمور المعنویّة

قد اختلفوا فی مالکیّة الشخصیّات الحقوقیّة المستحدثة فی هذا الزمان کالدولة و البنك و مالیّة الأمور المعنویّة کحقّ التألیف و سائر حقوق الابتکار فإنّ العقلاء اعتبروا تلک الشخصیّات مالکة و تلک الأمور مالاً و قد فرغنا فی الأمر السادس عن إمضاء الشارع لتلک الإعتبارات العقلائیّة و أقمنا علیه البرهان. کما قال سید مشایخنا(مدّظله): انّ الحکومة الّتی تمثّل القوّة الحاکمة علی الأمة و هی من الأمور الإعتباریّة العقلائیّة و یعتبرونها لشخص أو لعدّة أشخاص قابلة لأن تکون هی المالکة فإنّ الملکیّة غیر المقولیة الخارجیّة و الملکیة الحقیقیّة من الإعتباریّات و الإعتبار لایحتاج إلاّ إلی طرف فی أفق الإعتبار و هو کما یکون عیناً خارجیّة یمکن أن یکون کلیّاً فی الذمّة و یمکن أن یکون إعتباریّاً و لذا تری إفتاء الفقهاء بأنّ الزکاة و الخمس یملکهما طبیعیّ المستحقّ لهما و أیضاً لاخلاف فی صحّة تملیک الکلیّ فی الذمّة فی بیع السلف و نحوه و علیه فیمکن أن تکون الحکومة و هی الهیئة التی تدبّر شأن الأمة و تطالب بمصلحتها مالکة و یکون هی طرف الملکیّة و العقلاء یعتبرونها لها و الشارع الأقدس

ص: 34


1- . الرافد، ج 1، ص 25 و ص 11؛ تعارض الأدلّة، ص 481.

لم یردع عن ذلک و هو آیة الامضاء. انتهی.(1)

و قد یورد علیه بأنّ الملکیّة الممضاة من قبل الشارع إمّا تتّصف بها الأشخاص الحقیقیّة و إمّا العناوین التی لها مصادیق خارجیّة من الأشخاص الحقیقیّة کعنوان الفقیر الذی هو مالک الزکاة و عنوان الهاشمی الذی هو مالک للنصف من الخمس، بناءً علی کونهما مالکین لهما کما هو لیس ببعید و کعنوان الإمام الذی هو مالک للنصف الآخر من الخمس و الأنفال و الفيء، و إمّا یتّصف بها جهة خاصة کجهة سبل الخیر أو زیارة مولی الکونین أبی عبدالله الحسین(علیه السلام)، و إمّا یتّصف بها العنوان الذی ینتزع من الشيء الموجود فی الخارج الفاقد للشعور و الإرادة کعنوان المسجد الذی ینتزع من مکان خاصّ و هو المکان المعدّ للعبادة بعد وقفه لها بشرائط و قد أمضی ملکیّته لجمیع ما یملّک إلیه هذه هی الملکیّات التی أمضاها الشارع و من المعلوم أنّ ملکيّة عنوان البنک الذی لایکون موجوداً إلاّ فی وعاء الإعتبار خارجة عن جمیع تلک الأقسام المعمولة الرائجة فی عصر التشریع، الخ.(2)

فعلی هذا لایمکن الاستدلال للإمضاء بوجود بیت المال فی زمان خلافة أمیرالمومنین(علیه السلام) لأنّ المال الذی کان یجمع فیه إمّا خمس فهو لمنصب الإمامة و عنوان الهاشمی و إمّا زکاة فهی لعنوان الفقیر و إمّا خراج فهو فيء للمسلمین و إمّا سائر الصدقات من ا لکفارات فهی لعنوان الفقیر و إمّا عوائد الأوقاف العامّة فهی لجهة المساجد و المدارس و نحوها. و لکنّ الأنفال التی هی لمنصب الإمامة فی زمان الحضور لا محیص عن القول بانّها للفقیه الجامع للشرائط فی زمان الغیبة إن تمّت أدلّة

ص: 35


1- . المسائل المستحدثة، ص 233.
2- . معتمد تحریر الوسیلة، ج 1، ص 293.

النیابة فالفقیه بشخصیّته الحقوقیّة مالک للأنفال و سهم الإمام(علیه السلام) أو الحکومة مالکة لها علی ما حقّقه قائد الثورة الإمام الخمینی(قدس سره).(1)

لذا قال بعض المدقّقین(مدّظله): قدیقال بإمکان الإستفادة من الإرتکاز فی المقام فی الجملة. و توضیح ذلک انّ هناک شخصیّات حقوقیّة کانت موجودة فی زمن المعصوم کالدولة المالکة للأنفال و المسجد المالک لما یوقف علیه و عنوان الفقیر المالک للزکاة مثلاً و لکن قد لانحصل علی إطلاقات کافیة فی النصوص الواصلة إلینا لإثبات کلّ الحقوق المطلوبة لهذه الشخصیّات أو علیها فمثلاً قدنمتلک دلیلاً لفظیّاً دلّ علی ملکیة الدولة للأنفال و لکن لانمتلک دلیلاً لفظیّاً علی صحّة هبة شیء للدولة أو علی صحّة اقتراض الدولة مالاً أو نحو ذلک و قد نمتلک دلیلاً علی صحّة الوقف علی المسجد و لا نمتلک دلیلا علی صحّة هبة النقود مثلاً لمسجدٍمّا أو اقتراض المسجد لمال ٍمّا و قد نمتلک نصّاً یدلّ علی مالکیّة کلیّ الفقیر للزکاة و لا نمتلک نصّاً یدلّ علی صحّة اقتراض کلیّ الفقیر أو هبة شيء له و ما إلی ذلک، فقد یمکن علاج هذا النقص بأن یقال انّ الإرتکاز العقلائی یحکم بأنّ الشخصیّة الحقوقیّة لاتتفکّک فما یقبل الملک یقبل الاستدانة و ما یقبل الوقف علیه یقبل الهبة. فبامضاء هذا الإرتکاز بعدم الردع تثبت الأحکام الحقوقیّة للشخصیّات التی کانت فی زمن المعصوم و علیها بل انّ هذا البیان لو تمّ لأمکن إثبات جمیع الشخصیّات الحقوقیّة به حتّی الّتی لم تکن موجودة فی زمن المعصوم، إلی آخر ما أفاده(مدّظله).(2)

و هناک وجه آخر لإثبات إمضا هذه الإعتبارات العقلائیّة أفاده سیّد المحقّقین و

ص: 36


1- . کتاب البیع، ج 2، ص 662.
2- . فقه العقود، ج 1، ص 93.

صفوة المدقّقين الشهید الصدر قال: و هناک وجه آخر لإثبات إمضاء السیرة و هو التمسک بوجوب تعلیم الأحکام و الحقائق الإسلامیّة علی الرسول و الإمام و هذا لایفرّق فیه بین المقدار الذی کان السکوت عنه ناقضاً للغرض و غیره فبهذا الوجه لو تمّ یتمّ إثبات إمضاء النکتة بسعتها إذ لو لم تصحّ لکان علی الإمام(علیه السلام) الردع عنها من باب وجوب إیصال الحقائق الإسلامیّة و أحکام الإسلام و هذا الوجه صحیح فی الجملة. انتهی.(1)

و أوضحه مقرّره المحقّق(مدّظله) بقوله: إن کان المدرک للدلالة علی الإمضاء هو العقل بلحاظ نقض الغرض و وجوب التبلیغ فلا یبعد التفصیل بین ما لو کان اقتضاء النکتة لسعة دائرة العمل فی المستقبل مترقّباً وقتئذٍ أو لا، فعلی الأوّل کان السکوت دلیلاً علی الإمضاء بخلافه علی الثانی و إن کان المدرک للدلالة علی الإمضاء هو العرف بأن یقال انّ السکوت من قبل معصوم شأنه بیان الحقائق الإسلامیّة و أحکام الإسلام یدلّ عرفاً علی الإمضاء فقد یقال انّ هذا یثبت إمضاء تمام النکتة. انتهی کلامه(مدّظلّه).

و أمّا ما یقال فی الحیازة من انّ المملکیّة حکم مرتکز فی ذهن العقلاء علی موضوع الحیازة و کان المصداق المتواجد فی زمان المعصوم هو الحیازة المختصرة بالید أو بالأدوات الیدویّة و قد وجد بعد ذلک مصداق جدید و هو الحیازة المفصّلة و بالأدوات الحدیثة و هو مصداق حقیقی تکوینی للحیازة فهنا یمکن أن یقال انّ الحکم بالمملکیّة ثبت لهذا المصداق الجدید لأنّه کامن فی الحکم الإرتکازی الذی کان ثابتاً وقتئذٍ لدی العقلاء و کان الضیق فی المصداق الخارجی لا فی الإرتکاز.(2)

ص: 37


1- . مباحث الاصول، الجزء الثانی من القسم الثانی، ص 126.
2- . فقه العقود، ج1، ص 90.

فلا یخفی ما فیه لأنّ العقلاء بما هم عقلاء و بما فیهم الشارع الذی هو أعقل العقلاء لایبنون علی عمل یلزم منه الظلم علی أحد إلاّ إذا زوحم بمصحلة عامّة فالعقلاء بما هم عقلاء لایبنون علی هذه الحیازة التی یلزم منها تفویت المصلحة العامّة کما أشار إلیه المحقّق الصدر.(1)

و قدیستدلّ علی وجود الشخصیّات الحقوقیّة فی الشریعة بالحدیث النبوی الذی رواه الفریقان انّه(صلی الله علیه و آله) قال: «المسلمون إخوة تتکافأ دمائهم و یسعی بذمّتهم أدناهم و هم ید علی من سواهم»(2)، فقوله(صلی الله علیه و آله): «یسعی بذمّتهم أدناهم» دلیل علی اعتبار مجموع الأمّة کشخصیّة واحدة یمثّلها فی إعطاء الذمّة و التأمین کلّ فرد منها.(3)

و قدیورد علیه بأنّه یمکن تفسیره بأنّ شخصیّة کلّ مسلم مهما تفترض دانیة یجب علی الآخرین مواساتها فیما أعطاها بالنیابة عن الکلّ من الأمان.(4)

أقول هذا التفسیر هو المنقول عن ابن الاثیر کما فی الوافی و مرآة العقول.(5) و لکن وردت روایة طویلة فی الکافی، باب الخمس و الانفال عن العبد الصالح(علیه السلام) من أنّ الأنفال شاملة لما فتحت بدعوة أهل الجور و انّ الامام(علیه السلام) استدلّ لما ادّعاه بهذا النبویّ(6)

و بالجملة انّا نستدلّ علی المطلوب بتطبیق الامام(علیه السلام) کلام النبیّ(صلی الله علیه و آله) علی إمام الجور و الخلفاء الغاصبین فإنّ من المعلوم انّ إمام الجور یسعی بذمّة المسلمین بشخصیّته الحقوقیّة أی الخلافة المدّعاة لا شخصیّته الحقیقیّة. نعم قد أطلق الأدنی علی

ص: 38


1- . الاسلام یقود الحیاة، ص 126.
2- . وسائل الشیعة، کتاب القصاص، ب21، من ابواب قصاص النفس.
3- . فقه العقود، ج 1، ص 82.
4- . نفس المصدر، ج 1، ص 86.
5- . الوافی، ج 10، ص 299؛ مرآة العقول، ج6، ص 367.
6- . الکافی، ج1، ص 619.

معناه الحقیقیّ فی موثّقة السکونیّ عن أبی عبدالله(علیه السلام) قال: قلت له: ما معنی قول النبی(علیه السلام) «یسعی بذمّتهم أدناهم» قال: لو أنّ جیشاً من المسلمین حاصروا قوماً من المشرکین فأشرف رجل فقال أعطونی الأمان حتّی ألقی صاحبکم و اناظره فأعطاه أدناهم الأمان وجب علی أفضلهم الوفاء به.(1)

وقدیستدلّ علی تصحیح الشخصیّات الحقوقیّة بمبدأ ولایة الفقیه بأن یفترض أنّ ولیّ الفقیه إذا رأی من المصلحة إمضاء أمثال هذه الشخصیّة الحقوقیة أمضاها و حصلت بذلک الشخصیّة الحقوقیّة.(2) ثمّ یورد علیه بأنّ ولایة الفقیه علی المجتمع أو علی أصحاب الشرکة انّما تدلّ علی انّه یحلّ محلّهم فی التصرّفات و یکون أولی بالتصرّف منهم فلو کان أمر إیجاد الشخصیّة الحقوقیّة بیدهم ثبت بذلک انّه من حقّه إیجادها بالولایة علیهم. أمّا إذا لم یکن ذلک بیدهم و کانت الشخصیّة الحقوقیّة فی ذاتها منتفیة شرعاً فإیجاد الفقیه لها خروج علی نظام الإسلام و هذا غیر صحیح و الشکّ فی ذلک کافٍ فی عدم الثبوت.(3)

أقول هذا انّما یناسب المبنی القائل بأنّ مشروعیّة الدولة تجيء من قبل الوکالة عن الأمّة و لکنّه(مدظله) یقول بما تبّناه أستاذه الشهید(قدس سره) من انّ مشروعیّة الدولة علی أساس مبدأ الحاکمیّة الله عزّو جل.(4) و انّ الفقیه الحاکم له أن یجعل أحکاما فی منطقة الفراغ(5)

فإذا کان الشارع ساکتاً فالمسئلة من مسائل منطقة الفراغ التی للفقیه أن یملأها، فتأمّل.

ص: 39


1- . وسائل الشیعة، کتاب الجهاد، ب 20، ابواب جهاد النفس، ح1.
2- . فقه العقود، ج1، ص 98.
3- . نفس المصدر، ج1، ص 100.
4- . اساس الحکومة الاسلامیة، ص 139.
5- . الاسلام یقود الحیاة، ص23 و ص42.

ثمّ قال هذا القائل المحقّق الفذّ(مدّ ظله) ما هذا لفظه: و هناک تقریب آخر لإثبات کلّ أو جلّ الآثار العملیّة للشخصیّات الحقوقیّة فی فقهنا عن طریق فرض تدخّل الفقیه بإعمال الولایة رغم عدم ثبوت نفس الشخصیّات الحقوقیّة و ذلک بأن یلحظ الفقیه الآثار العملیّة المترتّبة علی فرض الشخصیّة الحقوقیّة و یأمر بها إذا رأی المصلحة الإجتماعیّة فی ذلک من دون خلق هذه الشخصیّة ابتداءً التی فرضنا انّها لاتخلق ابتداءً بولایة الفقیه و ذلک بالقدر الّذی لایتنافی مع نظام الإسلام فمثلاً کان من جملة الآثار العملیّة للاعتراف بالشخصیّة الحقوقیّة للشرکة القانونیّة انّ من أقرض الشرکة مالاً لم یضرب مع الغرماء الشخصیّین للشرکاء لدی التفلیس بل أخذ حصّته من أموال الشرکة

لو کانت مشتملة علی ذاک المقدار من دون مزاحمة الدّیّان الشخصیّین لهم إیّاه و هذا یمکن تحقیقه لدی المصلحة بأمر الفقیه بأن یلزم الدیّان الشخصیّین للشرکاء بأمر کان مباحاً لهم و هو عدم مزاحمتهم لمن أقرضهم لمصالح الشرکة فی أخذ حصّته من المال الموجود فی حوزة الشرکة، الی آخر ما أفاده(مدّظله).(1)و إعمال الولایة یأتی أیضاً فی إثبات آثار مالیّة الأمور المعنویّة کحقّ التألیف. کما قال(مدّظله): فالولیّ الفقیه متی ما یری المصلحة الإجتماعیة بالمستوی المبرّر لإلزام المجتمع بأمثال هذه الحقوق یعمل ولایته فی تثبیت ذلک فإذا حرّم مثلاً علی الناس أن یطبعوا تألیف شخص مّا بلا إذنه صحّ للمؤلف أن یأخذ مبلغاً من المال ممّن یرید الطبع لقاء إذنه له بذلک و لو طبع بلا إذنه فرض علیه بمبدأ ولایة الفقیه دفع ثمن حقّ الطبع إلی المؤلّف(2)

ولایقاس طبع الکتاب بمطالعته لمن اشتری نسخة منه لأنّ المطالعة تصرّف

ص: 40


1- . فقه العقود، ج1، ص 101.
2- . نفس المصدر ، ج1، ص 159.

فی الکتاب بما انّه جسم مسطور فیه أمور فهو مملوک لمن اشتراه بخلاف نشره و طبعه فإنّه تصرّف فیه بما أنّه مال معنویّ و هو مملوک للمؤلّف لأنّه نتیجة أعماله الجانحیّة و أفکاره العلمیّة و هی کنتیجة أعماله الجانبیّة فی انّها مملوکة له و مال له و الناس مسلّطون علی أموالهم.

و أمّا ما قیل من أنّ انکار البنوک الحکومیّة و المشترکة بالنسبة إلی الاوراق النقدیّة الموجودة فیها مستلزم للعسر و الحرج الشدید، بل ینتهی إلی اختلال النظام لمجتمع المؤمنین بل لکلّ الأمّة و هو لایمکن الإلتزام به بعد علمنا من انّ الإسلام شریعة سمحة سهلة.(1)

فلایخفی ما فیه لأنّ أدلّة العسر و الحرج إنّما ینفی الأحکام الحرجیّة لا أن یثبت أحکاماً سمحة و سهلة.

إلاّ أن یقال انّ المدلول المطابقیّ لتلک الأدلّة هو عدم ردع الشارع لبناء العقلا بل تأیید لهم و امضاء لبنائهم و إذا ثبت الإمضاء بالمطابقة فقد ثبت الحکم السهل بالملازمة، فتأمّل.

و هذا قد فصّل بعض الأعلام(مدظله) بین البنک و الحکومة بأنّ البنک جهة مالیة مستقلّة و ملحوظ کالمعنی الإسمیّ بینما الحکومة جهة آلیة غیرمستقلّة و ملحوظ کالمعنی الحرفیّ و أفاد فی وجه ذلک: انّ البنک جهة مالیّة ذات شخصیّة مستقلّة فیملک المال بنفسه و باسمه لا بعنوان الوکالة عن غیره أو الولایة علیه لکی یتوقف تملّک البنوک للمال علی أیّ مقدمة و بکلمة انّ البنک فی نفسه قابل لأن یتملّک شیئاً سواءً کان بالتملیک أم بالاستیلاء و بذل الجهد و لایکون ذلک مشروطاً بشئ و لا

ص: 41


1- . معتمد تحریر الوسیلة، ج2، ص 18.

هناک مانع یمنع عنه و هذا بخلاف الحکومة فإنّها شخصیة آلیة تعمل بعنوان الوکالة عن الملّة و الرعیّة و الممثّلة لهم أو بعنوان الولایة علیهم إذا کانت الحکومة شرعیّة و هی الحکومة القائمة علی أساس مبدأ المالکیّة لله وحده و لا شریک له و علی الأوّل تتوقّف شرعیّتها علی الإذن من الملّة أو أولیائها والاّ فلاتکون مشروعة، إلی آخر ما أفاده(مدّظله).(1)

و یرد علیه انّ الحکومة إن کانت مشروعة فکلّ ما یکون تحت أمرها من الدوائر و المنظّمات و البنوک و غیرها من الشخصیّات الحقوقیّة، تصیر مالکة و ملکیّته مشروعة و إن لم تکن الحکومة مشروعة فلایمکن أن تکون ما تحت أمرها من الدوائر و المنظّمات و البنوک مالکة ملکیّة مشروعة.

الأمر الحادی عشر: فی ضمان انخفاض قیمة النقود الورقیّة

فی ضمان انخفاض قیمة النقود الورقیّة وجهان، بل قولان: ربّما یتوهّم عدم الضمان نظراً إلی انّها مثلیّة بضمیمة ما تسالموا علیه من أنّ ضمان المثلیّ بالمثل و ضمان القیمیّ بالقیمة.(2)

ویظهر فساده بتمهید مقدّمتین:

الأولی: انّ عمدة الدلیل علی ما تسالموا علیه هو بناء العقلاء. قال المحقّق البجنوردی: لا شکّ فی انّه ما دامت العین أی نفس المال المقبوض الذی هو تحت الید موجودة فیکون المصداق الحقیقیّ لذلک الموجود الإعتباریّ هو نفس المال الخارجیّ إذ هو واجد للجهات الثلاث أی المقوّمات النوعیّة و الصفات الصنفیّة و المشخصّات

ص: 42


1- . البنوک، ص 41.
2- . المکاسب، ج3، ص 209؛ مصباح الفقاهة، ج2، ص 427.

الخارجیّة .... و أمّا إذا تلف المال فمصداقه المثل مع وجوده و عدم تعذّره بل و عدم تعسّره لانّ المثل واجد لجهات نوعیّته و صنفیّته و إن کان فاقداً لجهات شخصیّة المال، نعم مع فقد المثل لایمکن أداء التالف إلاّ من جهة مالیّته و هذه الجهات الثلاث مترتّبة و طولیّة فی مقام تفریغ الذمّة عمّا ثبتت و استقرّت علی عهدته بمعنی انّه لاتصل النوبة إلی المثل إلاّ بعد تعذّر الشخص ولا إلی القیمة و المالیّة إلاّ بعد تعذّر المثل و هذا المعنی الذی ذکرنا للضمان هو المرتکز فی أذهان العرف و العقلاء فی باب الضمان. انتهی.(1)

ثمّ قال و أمّا الضّمان فقد ذکرنا انّ المتفاهم العرفیّ منه انّ الشّيء بمالیّته یکون علی العهدة و بیّنا معنی کون الشّيء فی العهدة و انّه بوجوده الإعتباریّ هناک لا بوجوده الخارجیّ فإنّه غیرمعقول و هذا المعنی هو الجامع بین ضمان المسمّی و الضّمان الواقعیّ، غایة الأمر فی ضمان المسمّی یعیّنون مالیّة ذلک فی مقدار معیّن من النقود أو فی عین من الأعیان المتموّلة و أمّا مع عدم تعیین مالیّة الشّيء فی نقد أو جنس من الطّرفین أی الضّامن و المضمون قهراً یکون ا لضّمان عبارة عن اشتغال ذمّته بذلک الشّيء بواقع مالیّته علی الترتیب الذی تقدّم من الجهات الثلاث، الخ.(2)

الثانیة قیاس النقود الإعتباریّة بالنقود الحقیقیّة التی من جنس الذهب و الفضة أی الدراهم و الدنانیر المسکوکة قیاس مع الفارق لأنّ النقود الحقیقیّة إنّما تحاسب مالیّتها بأوزانها فمالیّتها متمثّلة فی أوزانها فمالیّتها عین حقیقتها بخلاف النقود الإعتباریّة فإنّ مالیّتها إعتباریّة و هی غیر حقیقتها التی هی قرطاس.

ص: 43


1- . القواعد الفقهیة، ج2، ص 109.
2- . نفس المصدر، ج 2، ص 111.

و إن شئت قلت لا مالیّة للنقود الحقیقیّة وراء مادّتها الفیزیائیّة فالنقد الحقیقیّ المنخفض قیمته مثل لذاک النقد قبل الانخفاض بخلاف النقود الإعتباریّة فإنّ مالیّتها الإعتباریّة غیر حقیقتها القرطاسیّة فکلّ شيء مثلیّ مالیّته عین مادّتها فهو مضمون بمثله المادّیّ و کلّ شيء مثلیّ مالیّته غیر مادّتها فهو مضمون بمثله القیمیّ أی بما هو مثله فی القیمة.

و بعبارة ثالثة انّ القوة الشرائیّة للنقود الحقیقیّة لیست اعتباریّة و مجعولة من قبل من بیده الإعتبار أعنی الدولة بل القوّة الشرائیّة ذاتیّة لها أی لها قیمة حقیقیّة فکلّ نقد حقیقیّ و إن انخفضت قیمته مثل لذاک النقد قبل انخفاض قیمته بخلاف النقود الاعتباریّة فإنّ حقیقتها قرطاس و ثمنه الحقیقیّ بخس فقوّتها الشرائیّة التی هی أضعاف ثمنه الحقیقیّ اعتباریّة و قوام هذا النقد الإعتباریّ بهذه القوّة الإعتباریّة فالنقد الاعتباریّ المنخفض قیمته لیس مثلاً لذاک النقد قبل الانخفاض، هذا محصّل ما أفاده بعض المحقّقین(قدس سره).(1)

إذا عرفت هاتین المقدّمتین تعرف أنّ النقود الورقیّة مضمونة بواقع مالیّتها الإعتباریّة التی لیست هی إلاّ قوّتها الشرائیّة لأنّ بناء العقلاء علی ضمان المثل فی المثلیّ دلیل لبّی یقتصر علی ا لمتیقّن منه و هی المثلیّات الحقیقیّة لانّ واقع مالیّتها متمثّل فی مثلها بخلاف المثلیّات الإعتباریّة فانّ واقع مالیّتها متمثّل فی قوّتها الشرائیّة فهی مضمونة بقیمتها. و إن شئت قلت النقود الحقیقیّة و الإعتباریّة کلّها مضمونة بمثلها إلاّ انّ المثل فی الأولی هی المثل فی جنسها الفیزیائیّ و فی الثانیة هی المثل فی قوّتها الشرائیّة.

قال بعض المدقّقین(مدّظله) فقد یقال فی الأوراق النقدیّة المألوفة الیوم أنّ من أخذ

ص: 44


1- . قرائات فقهیة معاصرة، ج2، ص 183 – 178.

الزیادة فی القرض بمقدار التضخّم و انکسار القوّة الشرائیّة سابقاً فقد عمل بقوله تعالی: «فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ».(1)

نعم لو قلنا إنّ الرصید حیثیّة تعلیلیّة لمالیّة هذه الأوراق و أنّ المال العرفی قد أصبح عبارة عن نفس هذه الأوراق لا القوّة الشرائیّة التی هی أمر معنوی تقوّی فی الذهن إشکال الربا. انتهی.(2)

أقول: الرصید هو النّموّ الاقتصادیّ للجهة المصدّرة المتأثّر من عوامل خارجیّة کالقوّة النظامیّة و الثبات السیاسیّ، فالرصید أمر معنویّ تقدّم فی الأمر العاشر إثبات مالیّتها و انخفاض القیمة و ارتفاعها نتیجة التضخّم و عدمه و هو نتیجة ضعف الجهة المصدّرة و قوّتها إقتصادیّاً أو سیاسیّاً أو نظامیّاً أقوی دلیل علی أنّ القوّة الشرائیّة لتلک الأوراق جهة تقییدیّة لا تعلیلیّة و أنّ المال عند العرف لیس إلاّ قوّتها الشرائیّة کما أشار إلیه سیّد المحقّقین الشهید الصدر بقوله: ارتکاز النظر فی باب النقود إلی مالیّتها.(3)

فقد تحصّل انّ ضمان انخفاض النقود من قبیل ضمان الید أمّا تحمیل ضمان مالیّتها علی عهدة الشخص الآخر کما تقدّم عن سیّد المحقّقین فی الأمر الخامس فهو من قبیل الضمان الإنشائیّ.

الأمر الثانی عشر: حرمة ربح ما لم یضمن

أسّس بعض المحقّقین(قدس سره) استظهاراً من بعض الرّوایات قاعدة سمّاها قاعدة حرمة ربح ما لم یضمن.(4)

و هی أعمّ من الرّبا لشمولها جملة من المعاملات التی تنتهی إلی الرّبا روحاً و لبّاً. ففی موثّقة عمّار عن أبی عبدالله(علیه السلام) قال بعث رسول الله(صلی الله علیه و آله) رجلاً من

ص: 45


1- . البقرة / 279.
2- . فقه العقود، ج2، ص 485.
3- . البنک اللاربوی، ص 171.
4- . کتاب المضاربة، ص 224 – 169 لسید الهاشمی الشاهرودی.

أصحابه والیاً فقال: إنّی بعثتک إلی أهل الله؛ یعنی أهل مکّة فانههم بیع ما لم یقبض و عن شرطین فی بیع و عن ربح ما لم یضمن.(1)

و هذه الروایة معتبرة سنداً و واضحة دلالة علی بطلان ربح ما لم یضمن و لکنّهم اختلفوا فی تفسیر ما لم یضمن.

ففی الوافی هو أن یبیع المتاع الذی اشتراه مرابحة قبل أن یوجب البیع الأول علی نفسه و یضمن ثمنه لصاحبه.(2)

و لایخفی ما فیه من تخصیص الروایة بالبیع مع أنّها أعمّ منه و یظهر من صاحب الوسائل تفسیر ثان و هو النهی عن بیع الدّلّال لمتاع الغیر مرابحة فإنّه(قدس سره) أورد الرّوایات الناهیة عن ربح ما لم یضمن فی باب سمّاه باب انّه إذا قوّم علی الدّلّال متاعاً و جعل له ما زاد جاز و لم یجز للدلال بیعه مرابحة.(3)

و لایخفی أنّه أیضاً خلاف الظاهر فلا محیص عمّا أفاده المحقّق المذکور بقوله: انّ المراد هو النهی عن الاسترباح بمال لایکون ضمانه أی درکه و دفع ثمنه و بدله من کیس المستربح فما لم یکن المال مضموناً علی الانسان بحیث یکون ثمنه علیه لو تلف لا یستحقّ ربحه و هذه هی النکتة الموجودة فی الربا لأنّ المقرض بالأقراض یضمّن ماله علی ذمّة المقترض فتکون خسارته مضموناً علی المقترض لا المقرض و یصبح المال الخارجی ملکاً للمقترض، فما یربح به فی تجارته و غیره بدله علی تقدیر الخسران من کیسه لا من کیس المقرض فلا یستحق المقرض شیئاً من أرباحه لأنّه ربح ما لم یضمنه أی لیس ضمانه علیه، إلی آخر ما أفاده(قدس سره).(4)

ص: 46


1- . وسائل الشیعة، کتاب التجارة، ب 10 من ابواب احکام العقود، ح6.
2- . الوافی، ج 18، ص 707.
3- . وسائل الشیعة، ج 18، ص 56.
4- . کتاب المضاربة، ص 194 للسید الهاشمی الشاهرودی.

و خلاصته انّه کما لایجوز للمقرض أن یستربح من العین المقترضة لأنّها لیست مضمونة علیه بل مضمونة علی المقترض فهو یستربح منها لا المقرض، هکذا لایجوز لکلّ من لم یکن ضامناً لدرک مال أن یکون مستربحاً من ذلک المال فکما لایجوز للمقرض اشتراط الزیادة لأ نّه ربا هکذا لایجوز للمالک فی ا لمضاربة أن یحمّل ضمان المال علی العامل لأ نّه إذا کان المال مضموناً علی العامل فلابدّ أن تکون المنافع کلّها له فإذا کان رأس المال مضموناً للمالک کما فی القرض فلا ربح له و إذا کان الربح مضموناً له کما فی المضاربة فرأس المال لایکون مضموناً له فدرکه و خسارته علیه و قد صرّح بهذا فی صحیحة محمّد بن قیس عن أبی جعفر(علیه السلام) فی حدیث أنّ علیّاً(علیه السلام) قال: من ضمّن تاجراً فلیس له إلاّ رأس ماله و لیس له من الرّبح شیء.(1)

و الروایة کالصریح فی انقلاب القراض قرضاً کما صرّح به المحدّث الکاشانیّ قال: انّ فی المضاربة لا ضمان علی العامل فإن اشترط فیها الضمان علیه تصیر قرضاً فلا ربح حینئذٍ لصاحب المال.(2)

و هکذا فسّرها العلاّمة المجلسیّ(قدس سره) قال أی شرط علیه الضمان و لعلّ وجه الحکم انّه خرج حینئذٍ عن حکم المضاربة و صار قرضاً.(3) و استشکله المحقّق الخوئیّ بأنّ الروایة واردة فی التضمین من أوّل الأمر لا اشتراط الضمان عند التلف الذی هو محلّ کلامنا لأنّ الصحیحة واردة فی الضمان المطلق أعنی دفع ماله إلی غیره لیکون فی عهدته من أوّل الأمر و هو القرض ابتداءً لا فی انقلاب المضاربة إلی القرض بالاشتراط. انتهی.(4)

ص: 47


1- . وسائل الشیعة، کتاب المضاربة، ب 4، ح1.
2- . الوافی، ج 18، ص 880.
3- . ملاذ الاخیار، ج11، ص 339؛ مرآة العقول، ج 19، ص 292.
4- . موسوعة السید الخوئی، ج31، ص 37.

أقول: لایخفی ظهور «تاجراً» فی قوله(علیه السلام) «من ضمّن تاجراً» فی انّ دفع المال من أوّل الأمر بعنوان المضاربة و یؤیّده أنّ الشیخ روی فی التهذیب هکذا: من ضمّن مضاربه بعد الخ...(1)

قال سیّد المحقّقین: و لکن هذا الحمل «حمل الصحیحة علی القرض ابتداءً» و إن کان ممکناً فی نفسه إلاّ أنّه خلاف ظاهر الروایة فإنّ مقتضی إطلاقها انّ کلّ ما یصدق انّه تضمین للمال عرفاً لایجتمع مع استحقاق المالک لشيء من الربح شرعاً فیشمل التضمین بغیر الأقراض أی التضمین بالشرط بل قد یدّعی شموله لموارد اشتراط التدارک بنحو شرط الفعل لا شرط النتیجة أیضاً لأنّه و إن لم یکن تضمیناً بالمعنی الدقیق إلاّ أنّه ممّا یشمله العنوان عرفاً فیقال عن المالک الذی اشترط علی عامل المضاربة أن یدفع من ماله ما یساوی الخسارة إذا وقعت: انّه ضمّنه. انتهی کلامه رفع مقامه.(2)

و الحاصل انّ ربح ما لم یضمن منهيٌّ عنه فإذا حملنا النهی علی الإرشاد إلی الفساد علی ما تقدّم فی الأمر السادس فیکون أکلا للمال بالباطل فلایصیر مباحاً و إن لحقه الرضا المالکیّ کما تقدّم فی الأمر التاسع.

و أمّا ما أفاده صاحب المستمسک من أنّ ظاهر صحیحة محمد بن قیس انّها من قبیل ما روی مرسلاً من قول النبی(صلی الله علیه و آله) « الخراج بالضمان» الذی لم یکن بناء الأصحاب علی العمل به و لذا أفتوا بضمان المنافع المستوفاة للمقبوض بالعقد الفاسد کما دلّت علیه بعض الصحاح.(3)

فقد تقدّم فی الأمر الخامس انّ الظاهر انّ المراد بالنبویّ هو الضمان المعاوضیّ و قاس بعض العامّة ید الغاصب بید العاقد المالک فالأصحاب

ص: 48


1- . وسائل الشیعة، کتاب المضاربة، ب4، ح2.
2- . البنک اللاربوی، ص 192.
3- . مستمسک العروة، ح 12، ص 309.

لم یطرحوا الروایة بل طرحوا القیاس المذکور.

إذا عرفت هذه المقدّمات فلنشرع فی صلب المبحث أعنی الرّبا فنقول الربا فی اللغة هو الزیادة و العلوّ. قال الراغب: ربا إذا زاد و علا.(1) و قال صاحب المقائيس: ربا الشيء یربوا إذا زاد و ربا الرابیة یربوها إذا علاها.(2) و فی الاساس: ربا المال یربو إذا زاد.(3)

و قال الأزهری: ربا الشيء یربوا إذا زاد.(4)

و فی اصطلاح الشرع عبارة عن أخذ الزائد ممّا یعطی للطرف فی أبواب المعاوضات، بل ربّما یطلق علی المعاملة المشتملة علی هذه الزیادة و الظاهر انّه من هذا القبیل قوله تعالی: «وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا»(5)

إذ المراد منه لیس حرمة تلک الزیادة فقط بل المراد منه حرمة المعاملة المشتملة علی تلک الزیادة بقرینة المقابلة للبیع.(6)

و للقوم تعاریف آخر لایهمّنا التعرّض لها و لما أوردوا علیها طرداً و عکساً لأنّهم لم یریدوا التعریف الحقیقی.(7)

وکیف کان فهو محرّم کتاباً و سنّة و إجماعاً من المؤمنین بل المسلمین بل لایبعد کونه من ضروریّات الدّین فیدخل مستحلّه فی سلک الکافرین.(8) قال الله تعالی:

«يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (278) فَإِنْ لَمْ

ص: 49


1- . مفردات، ص 191.
2- . مقائیس اللغة، ص 361.
3- . اساس البلاغة، ص 257.
4- . تهذیب اللغة، ج 15، ص 86.
5- . البقرة / 275.
6- . القواعد الفقهیة، ج 5، ص 86.
7- . جواهر الکلام، ج 24، ص 628.
8- . نفس المصدر، ج 24، ص 625.

تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ (279)»(1)

و تدلّ علی حرمته صریحاً الروایات المستفیضة. فعن الصادق(علیه السلام): «درهم ربا أشدّ من سبعین زنیة کلّها بذات محرم». رواها المشایخ الثلاثة.(2) و عن أبی جعفر(علیه السلام) انّه قال: «أخبث المکاسب کسب الرّبا».(3) إلی غیرها من الرّوایات، فراجع الوسائل ب 1 من أبواب الرّبا و یتمّ مباحثه إن شاء الله تعالی فی فصول أربعة.

ص: 50


1- . البقرة / 278 و 279.
2- . وسائل الشيعة، کتاب التجارة، ب 1 ابواب الربا ح 1 .
3- . نفس المصدر، ح2، ب 1 أبواب الربا.

الفصل الأوّل:فی الرّبا المعاملیّ

اشارة

فنقول: یثبت الرّبا فی غیر القرض من المعاملات بشرطین: أحدهما اتّحاد الثمن و المثمن فی الجنس و الثانی أن یکونا من المکیل أو الموزون دون المعدود، فلایجوز معاوضة المکیل و الموزون بجنسهما متفاضلاً فلایجوز بیع منٍّ من الحنطة بمنّین ولکن یجوز بیع منٍّ من الارز بمنّین من الحنطة کما یجوز بیع بیضة ببیضتین لأنّها تباع عدّا و قد اختلفوا فی المراد باتّحاد الثمن و المثمن فی الجنس، فقال صاحب العروة: المراد بالجنس النوع المنطقیّ الّذی هو جنس لغویّ عرفیّ و ضابطه أن یکون له اسم خاصّ کالحنطة و التمر و الزبیب و الذهب و الفضة و نحوها ممّا یکون الاقدار المشترکة التی تحتها أصنافا لها و لیس لها اسم خاصّ بل تذکر مع الوصف فیقال الحنطة الحمراء أو الصفراء أو الجیّدة أو الردیئة ... فمثل الطعام و الحبّ و نحوهما ممّا یکون تحتها أقدار مشترکة کالحنطة و الشعیر و الماش و العدس لایعدّ جنساً واحداً فلایکون مثل الحنطة و الماش من جنس واحد.(1)

ص: 51


1- . العروة الوثقی، ج6، ص 34.

و أورد علیه بأنّ هذا المعنی غیر جارٍ فی أکثر موارد الربا فإنّ الشعیر و الحنطة مختلفان إسماً و لایصحّ إطلاق اسم أحدهما علی الآخر إطلاقاً حقیقیّاً مع أنّهما یعدّان فی الربا جنساً واحداً و کذلک السمسم مع الشیرج و اللبن مع الاقط أو الزبد و کذلک مع الجبن و کذلک الجبن معهما کما انّه ربّما یکون العوضان متّحدین فی الإسم و مع ذلک لایثبت الربا بینهما و ذلک کلحم الغنم و البقر فکلاهما یطلق علیهما اللحم إطلاقاً حقیقیّاً مع ذلک لایجری الربا بینهما فهذا الضابط غیر تامّ لا کلیة له لا طرداً و لا عکساً.(1)

الضابط فی اتّحاد الجنس

فالأولی فی بیان الضابط هو الذی أفاده شیخ الفقهاء و المجتهدین صاحب الجواهر من أنّ الضابط فی اتّحاد جنس العوضین هو رجوعهما إلی أصل واحد و إن کانا فعلاً بحسب الاسم مختلفین و لایطلق اسم أحدهما علی الآخر فانّ الاقط و الجبن و الزبد کلّها راجعة إلی اللبن بل الشعیر راجع إلی الحنطة و انّها هی أصله و إن لم نعرفه.(2) و یستفاد هذا الضابط من صحیحة هشام بن سالم عن أبی عبدالله(علیه السلام) قال: سئل عن الرجل یبیع الرجل الطعام الاکرار فلایکون عنده ما یتمّ له ما باعه، فیقول له: خذ منّی مکان کلّ قفیز من حنطة قفیزین من شعیر حتّی تستوفی ما نقص من الکیل، قال: لایصلح لأنّ أصل الشعیر من الحنطة و لکن یردّ علیه الدراهم بحساب ما ینقص من الکیل.(3) فقوله(علیه السلام) لأنّ أصل الشعیر من الحنطة تعلیل لعدم جواز معاوضتهما بالزیادة و ثبوت الربا فیؤخذ بعموم التعلیل و یسری الحکم إلی کلّ مورد یکون انتهاء العوضین إلی

ص: 52


1- . القواعد الفقهیة، ج5، ص 93.
2- . جواهر الکلام، ج24، ص638.
3- . وسائل الشیعة، کتاب التجارة، ب8، من ابواب الربا، ح1.

أصل واحد و إن لم یکونا متّحدین فی الإسم.(1)

أمّا الشرط الثانی أعنی کون العوضین من المکیل و الموزون فهو المشهور بین الاصحاب شهرة عظیمة(2) و قالوا المناط فی المکیل و الموزون هو المکیل و الموزون فی عصر النبی(صلی الله علیه و آله) و ما لایعلم حاله فی ذلک العصر یرجع إلی عادة البلدان فإن اختلفت البلدان فلکلّ بلد حکمه مثلاً إن علم انّ البیض فی عصر النبی(صلی الله علیه و آله) کانت تباع عدّا فیجوز بیعها متفاضلاً فی کلّ الأعصار و الأمصار و إن لم یعلم فلکلّ بلد حکمه ففی البلد الذی تباع فیه البیض عدّاً یجوز بیعها متفاضلاً و فی البلد الذی تباع وزناً لایجوز بیعه بجنسها متفاضلاً.(3)

و لمّا کان مفهوم المکیل و الموزون واضحاً فاستشکل الشیخ الأعظم فیما ذکروه فقال: إنّ الاستدلال بأخبار المسئلة المعنونة بما یکال أو یوزن علی ما هو المشهور من کون العبرة فی التقدیر بزمان النبی(علیه السلام) ثمّ بما اتّفق علیه البلاد ثمّ بما تعارف فی کل بلدة بالنسبة إلی نفسه فی غایة الاشکال، فالأولی تنزیل الأخبار علی ما تعارف تقدیره عند المتبایعین و إثبات ما ینافی ذلک من الأحکام المشهورة بالإجماع المنقول المعتضد بالشهرة المحقّقة. انتهی.(4)

و تفصیل هذا الاجمال هو الذی أفاده المحقّق البجنوردی قال: إنّ مفاد قوله(علیه السلام): «لایکون الرّبا إلاّ فیما یکال أو یوزن»(5)

هو أنّ دخول الربا فی معاملة منوط بأن یکون

ص: 53


1- . القواعد الفقهیة، ج5، ص 94.
2- . جواهر الکلام، ج24، ص677.
3- . نفس المصدر، ج24، ص 692 - 682؛ المکاسب، ج 4، ص 229.
4- . المکاسب، ج4، ص 231.
5- . وسائل الشیعة، کتاب التجارة، ب6، من ابواب الربا، ح1 وح3.

العوضان المتّحدان فی الجنس ممّا یکال أو یوزن فهذا حکم کلیّ مجعول بنحو القضیة الحقیقیة علی الموضوع المقدّر وجوده متی وجد مصداق فی الخارج لهذا الموضوع الکلی المقدّر وجوده یصیر حکماً فعلیّاً کما هو الشأن فی جمیع القضایا الحقیقیّة ... و مقتضی ما ذکرنا هو انّه لو کان العوضان من المکیل و الموزون فی زمان الشارع و لم یکن منهما فی هذا الزمان عدم دخول الربا فی تلک المعاملة لانّه من تبدّل موضوع الحکم کما انّه بالعکس لو کانا من المکیل و الموزون فی هذا الزمان ولو لم یکونا منهما فی زمن الشارع یجب الحکم بدخول الربا لتحقّق الموضوع و معلوم أنّ وجود الحکم و تحقّقه تابع لوجود موضوعه و تحقّقه... فإن کان من المکیل و الموزون فی عصره (النبی) فیدخل فیه الربا إلی یوم القیامة و إن تبدّل و صار من غیرهما فی الأزمنة المتأخّرة مع انّه خلاف ما ذکرناه من جعل الأحکام علی نحو القضایا الحقیقیّة و ذلک للإجماع الذی ادّعوه فی المقام فإن ثبت الإجماع فهو والاّ فللکلام مجال بأن یقال بانّ صرف کونه من المکیل و الموزون فی زمان النبی(صلی الله علیه و آله) مع عدم کونه منهما فی زمان وقوع المعاملة لایوجب دخول الربا فیه، الخ.(1)

أقول حاصل هذا التقریر هو حمل الأخبار علی المتعارف فی کلّ عصر و مصر لاقتضاء القضیّة الحقیقیّة المحمول علیها الأحکام الشرعیّة ذلک إلاّ فیما قام الإجماع علی حمله علی المتعارف فی عصر النبی(صلی الله علیه و آله) فنحمله علیه تعبّداً.

و بالجملة نحمل الأخبار علی القضیّة الحقیقیّة و نحمل ما قام الإجماع علیه علی القضیّة الخارجیّة لا ان نحمل الأخبار تارة علی القضیّة الحقیقیّة و أخری علی القضیّة الخارجیّة.

ص: 54


1- . القواعد الفقهیة، ج 5، ص 100.

فلایرد علیه ما أورده علیه المحقّق الخوئیّ بقوله: و الجمع بین الأمرین فی انشاء واحد مستحیل فانّ النظر فی القضیّة الخارجیّة إلی دخل الخصوصیّات الخارجیّة فی الانشاء و عدم کونه علی نحو الإطلاق و لابشرط و النظر فی القضیّة الحقیقیّة إلی فرض الموضوع مفروض الوجود و جعل الحکم علیه من غیر أن تکون الخصوصیّات الخارجیّة دخیلة فی الجعل و الإنشاء، فحمل الروایات علی ما ذکره المشهور حمل علی أمر محال، انتهی.(1) فانّا حملنا الروایات علی القضیّة الحقیقیّة و حملنا مورد الإجماع علی القضیّة الخارجیّة.

الأشیاء الستّة التی قام الإجماع علی ثبوت الرّبا فیها

نعم الإشکال فی تحقّق الإجماع و لم یثبت إلاّ فی الأشیاء الستّة الّتی ذکرها العلاّمة فی التذکرة قال: انّه قد أجمع المسلمون علی ثبوت الربا فی الأشیاء الستّة لقول النبیّ(صلی الله علیه و آله): «الذهب بالذّهب مثلاً بمثل و الفضّة بالفضّة مثلاً بمثل و التمر بالتمر مثلاً بمثل و البرّ بالبرّ مثلاً بمثل و الملح بالملح مثلاً بمثل و الشعیر بالشعیر مثلاً بمثل فمن زاد أو ازداد فقد اربی بیعوا الذهب بالفضّة کیف شئتم یداً بید و بیعوا البرّ بالتمر کیف شئتم یداً بید و بیعوا الشعیر بالتمر کیف شئتم یداً بید». و اختلف فیما سواها. انتهی.(2)

فهذه الأشیاء الستّة هی التی کانت فی زمن النبیّ(صلی الله علیه و آله) مکیلة أو موزونة و لا خلاف فی دخول الربا فیها و أمّا سائر مایکال أو یوزن فی الأعصار المتأخّرة فلانعلم انّه کان کذلک فی عصر النبیّ(صلی الله علیه و آله) أم لا، فلانعلم هل حکم النبیّ(صلی الله علیه و آله) بدخول الربا فیه أم لا.

قال المحقّق البجنوردی: و التحقیق دخول الربا فی هذه الأجناس الستّة الّتی صرّح

ص: 55


1- . مصباح الفقاهة، ج 3، ص 645.
2- . القواعد الفقهیة، ج 5، ص 98.

النبیّ(صلی الله علیه و آله) بدخول الربا فیها سواء کانت فی الأزمنة المتأخّرة عنه(صلی الله علیه و آله) یباع بالکیل أو الوزن أم لا و ذلک لجعله(صلی الله علیه و آله) موضوع الحکم نفس هذه العناوین من دون تعلیقه علی کونها مکیلة أو موزونة و احتمال أن یکون الحکم لأجل کونها من المکیل أو الموزون لا شاهد له. انتهی. (1)

أقول هذه الستّة هی القدر المتیقّن من مورد الرّبا کما یظهر من الرّوایات.(2) نعم فروعها و المشتقّات منها محکومة بحکمها للنصّ(3)

أو الإجماع کما سیأتی ان شاء الله تعالی فیحتمل أن یکون الحصر فی قوله(علیه السلام): «لایکون الرّبا إلاّ فیما یکال أو یوزن»(4) حصراً إضافیّاً أی لایکون الربا إلاّ فی هذه المکیلات و الموزونات أعنی الأشیاء الستّة المذکورة.

و أمّا ما ألحق بها من فروعها تعبّداً للنصّ أو الإجماع فهی لیست شیئاً خارجاً عن هذه الستّة و لمّا کان الحکم تعبدیّاً فلم یتعدّ المشهور من مورد الحکم و هی الأشیاء الستّة و فروعها إلی کلّ ما یکال أو یوزن بل وقفوا علی المکیل و الموزون فی عصر النبی(صلی الله علیه و آله).

و بالجملة استظهر المشهور من هذه الروایات انّ موضوع الحکم هی هذه العناوین بنحو القضیّة الخارجیّة دون القضیّة الحقیقیّة و مرادهم من المکیل و الموزون فی عصر النبیّ(صلی الله علیه و آله) هی هذه العناوین الستّة و فروعها.

فالمتحصّل انّ المشهور لم یحکموا بالربا إلاّ فی هذه الستّة و فروعها لا فی کلّ ما

ص: 56


1- . نفس المصدر، ص 99.
2- . وسائل الشیعة، کتاب التجارة، ب6، وب 8 من ابواب الربا.
3- . نفس المصدر، ب9.
4- . نفس المصدر، ب6 من ابواب الربا، ح 1 و 3.

یکال أو یوزن و إن شئت قلت لمّا کان الحکم بالربا المعاوضیّ تعبدیّاً فانّ الفروع لاتکون محکومة بحکم الأصل عند العرف ففیها الزیادة الحکمیّة کما أنّ الشعیر غیر الحنطة عند العرف و الحنطة الحمراء غیر الصفراء عندهم فبیع بعضها ببعضها متفاضلاً لایعدّ ظلماً عند العرف و إنّما حکم الشارع باتّحاد الشعیر و الحنطة و اتّحاد الجیّد و الردئ و اتّحاد الأصل و فروعه فهذا حکم تعبدیّ یقتصر علی المتیقّن منه و هی هذه الستّة و فروعها فبدلاً عن أن یقولوا بوجوب الاقتصار علی المتیقّن قالوا انّ المناط فی المکیل و الموزون هو المکیل و الموزون فی عصر النبیّ(صلی الله علیه و آله).

و هذا الوجه الذی احتملناه توجیهاً لما ذهب إلیه المشهور قد قوّاه المحقّق الخراسانیّ فقال فی تقریبه: لایخفی انّ أخذ المکیل و الموزون فی هذا الباب و فی حکم عدم جواز التفاضل فی باب الربا یمکن أن یکون بنحو السببیّة و الموضوعیّة و یمکن أن یکون بنحو العنوانیّة و الکشف عمّا یکال أو یوزن من الأجناس مثل الحنطة و الشعیر و الذهب و الفضّة و غیرهما... و إن کان بنحو الکشف و العنوانیّة لأجناس مخصوصة کما هو غیر بعید فی باب الربا فقضیّة إطلاقات أدلّته أن یکون المناط ما کان فی زمن الشارع و مکانه فانّ الحکمة عند عدم نصب دلالة مع کونه فی مقام البیان و اختلاف جنس واحد فی کونه مکیلاً أو موزوناً أو معدوداً فی زمانین أو مکانین یقتضی إرادة ما کان بحسب زمانه و مکانه یکون کذلک لتعیّنه و عدم تعیّن غیره فکلّما کان فی زمانه و مکانه مکیلاً أو موزوناً فلایجوز بیعه بجنسه متفاضلین فی مکان أو زمان آخر و إن کان معدوداً... و المسئلة بعد لاتصفو عن الإشکال فتدبّر. انتهی کلامه رفع مقامه.(1)

ص: 57


1- . حاشیة المکاسب، ص 217.

أقول: أخذ المکیل و الموزون بنحو الکشف و العنوانیّة هو الظاهر من صحیحة عمر بن یزید عن أبی عبدالله(علیه السلام) فی حدیث انّه قال: یا عمر، قد أحلّ الله ا لبیع و حرّم الرّبا بع و اربح و لاتربه، قلت: و ما الربا؟ قال: دراهم بدراهم مثلین بمثل و حنطة بحنطة مثلین بمثل.(1) فإنّ أخذ الدراهم و الحنطة موضوعاً لحکم الربا مشعر بأنّ المکیل و الموزون الذین جعلا موضوعین لحکم الربا فی بعض الروایات جعلا بنحو الکاشفیّة عن بعض مصادیقهما المعروفة آ نذاک و هی الأجناس الستّة المعروفة، فتأمّل. و لکن صریح بعض الروایات هو أخذ المکیل و الموزون موضوعاً ففی روایة منصور بن حازم کلّ شیء یکال أو یوزن فلایصلح مثلین بمثل إذا کان من جنس واحد فإذا کان لایکال و لایوزن فلابأس به اثنین بواحد.(2) فانّها صریحة فی أنّ المکیل و الموزون إذا صارا معدودین فلابأس بالتفاضل فی بیعهما و إن کان لایجوز قبل ذلک فالاحتمال الّذی احتملناه فی قوله(علیه السلام): «لایکون الربا إلاّ فیما یکال أو یوزن»(3)

من انّ الحصر إضافیّ لایعبأ به بل الحصر حقیقیّ فکلّ شیء یکال أو یوزن فی کلّ عصر و مصر لایجوز بیعه بجنسه متفاضلاً فإذا صارا معدودین فی عصر آخر أو مصر آخر یجوز التفاضل فی بیعهما بجنسهما.

کما قال الإمام الخمینی(قدس سره): و أمّا ما یظهر من الأدلّة خصوصاً الأدلّة الواردة فی باب الربا فهو انّ عنوان المکیل و الموزون أو ما یکال و یوزن مأخوذ فی الموضوع و انّ الحکم متعلّق بعنوانهما علی نحو الموضوعیّة لأنّ أخذ العنوان علی نحو الطریقیّة مخالف للظاهر کما فی الأمثال و النظائر و یحتاج إلی دلالة مفقوده فی المقام کما انّ

ص: 58


1- . وسائل الشیعة، کتاب التجارة، ب6 من ابواب الربا ح2.
2- . نفس المصدر، ب16، من ابواب الربا، ح3.
3- . نفس المصدر، ب6، من ابواب الربا، ح1 و 3.

الظاهر انّ القضیّة کالحقیقیّة قضاءً لإطلاق الأدلّة و عمومها، الخ.(1)

و الکلام فی هذا الفصل یتمّ ببیان مسائل:

الأولی هل کلّ أصل مع ما یتفرّع علیه و یعمل منه کالجنس الواحد أم لا؟ وجهان، بل قولان. المشهور علی الأوّل.(2) و المحقّق الاردبیلیّ علی الثانی، فقد حکی عنه التأمّل فی هذه الکلیّة(3) و تابعه صاحب العروة قال: المشهور علی انّ کلّ جنس مع ما یتفرّع علیه و یعمل منه کالجنس الواحد فلایجوز التفاضل بینه و بین فروعه و کذا لایجوز التفاضل بین فروعه بعضها مع بعض فلایجوز التفاضل بین الحنطة و دقیقها و سویقها و لا بینها و بین دقیق الشعر و سویقه کما لایجوز بین الشعیر و بینهما و لا بین الحنطة و الشعیر و الخبز منهما و لا بینهما و بین الهریسة کما لایجوز بین الخبز و الهریسة و لا بین الارز و طبیخه و لا بین الحلیب و المخیض أو الجبن و الزبد أو الاقط و لا بعضها مع بعض و کذا فی العنب مع دبسه و خلّه و هکذا کلّ أصل مع فروعه و بعض الفروع مع بعض، إلی أن قال: و عن الأردبیلیّ التأمّل فی هذه الکلیّة... و الانصاف عدم استفادة الکلیّة من الأخبار.(4)

و استدلّ صاحب الجواهر للمشهور بالمعتبرة المستفیضة المانعة عن بیع الحنطة بدقیقها و سویقها متفاضلاً.(5) و المانعة عن بیع التمر بالرطب و الزبیب بالعنب کذلک.(6)

ص: 59


1- . کتاب البیع، ج 3، ص 375.
2- . جواهر الکلام، ج 24، ص 658.
3- . نفس المصدر، ص 661.
4- . العروة الوثقی، ج 6، ص 47 – 45.
5- . وسائل الشیعة، کتاب التجارة، ب 8، ابواب الربا.
6- . نفس المصدر، ب14.

بضمیمة عدم القول بالفصل(1)

و بالتعلیل فی نصوص الحنطة و الشعیر الظاهر فی التعدیة إلی کلّ فرع بالنسبة إلی أصله(2) یشیر إلی قوله(علیه السلام) فی صحیحة هشام: «لأنّ أصل الشعیر من الحنطة»(3) و بالإجماع المنقول عن التذکرة مویّداً بعدم العثور علی خلاف فی شيء من القاعدة و فروعها إلاّ ما عن الأردبیلیّ من التأمّل فی ذلک.(4)

و أجیب عن الأوّل بأنّ هذه الأخبار وردت فی اختلاف الصورة فقط کالحنطة و الدقیق و لا بأس بالتعدّی إلی النظائر العرفیّة.(5) کما قال صاحب العروة: فالأظهر عدم التعدّی عن موارد الأخبار من مثل الدقیق و السویق إلاّ إلی أمثالها لا کلّ أصل و فرع و الفرق بین تغییر صورة الشيء إلی شيء آخر و بین استخراج شيء من شيء أو ترکیب شیء مع شیء فلایتعدّی إلی مثل الحلیب و الزبد و الدهن و السمسم و الخلّ و التمر و الحنطة و الهریس إذ فی الدقیق مجرّد تغیّر الصورة و یمکن أن یقال انّه حنطة مدقوقة و فی السویق انّه حنطة مجروشة و فی الجبن بالنسبة إلی الحلیب انّه حلیب جامد و هکذا و لایقال فی الزبد انّه حلیب غیّرت صورته و فی دهن السمسم انّه سمسم کذلک و کذا فی الخلّ لایقال انّه تمر أو عنب أو دبس أو عسل بخلاف السیلان فانّه یمکن أن یقال انّه تمر ممرود فتحصّل انّ الأظهر التفصیل بین تغییر صورة الشيء إلی شيء و بین استخراج شیء من شيء أو ترکیب شیء من أشیاء بحیث یصیر شیئاً آخر و حقیقة أخری، انتهی.(6)

ص: 60


1- . جواهر الکلام، ج 24، ص 660.
2- . نفس المصدر، ج24، ص 660.
3- . وسائل الشیعة، کتاب التجارة، ب8، ابواب الربا ح1.
4- . جواهر الکلام، ج24، ص 661.
5- . مهذب الاحکام، ج17، ص 313.
6- . العروة الوثقی، ج6، ص 48.

و عن الثانی بأنّه لایمکن الالتزام به إذ مقتضاه اجراء حکم الاتّحاد مع استحالة شيء إلی شيء آخر لا ربط به کاستحالة التمر ملحاً و الصفر ذهباً أو فضّة.(1)

وعن الثالث بأنّ المتیقّن منه علی فرض اعتباره تغییر الصورة فقط.(2)

و لنعم ما قال الفقیه الخبیر السبزواریّ: و بالجملة إن کان بناؤهم فی هذه الکلیّة علی العرف فهو یشهد بالخلاف فی جملة من الموارد و إن کان لدلیل آخر فهو مفقود و إن کان المناط وحدة الاسم و الآثار و الخصوصیّات فهو أیضاً مفقود و إن کان لاستظهار ممّا ورد فی الحنطة و الدقیق فهو مسلّم فی الجملة و لکن لاتفید الکلیّة إلاّ فی مورد تغیّر الصورة فقط کوحدة القند و السکّر مثلاً و أمّا وحدة الشعیر و الحنطة فهو قضیّة فی واقعة خرجت بالدلیل و إلاّ فلا بدّ و ان یقال بالربا فی العلف و الحلیب لأنّ أصل الحلیب من العلف و کذا فی نظائره من الاستحالات التکوینیّة، انتهی کلامه رفع مقامه.(3)

الزیادة المحقّقة للرّبا ما هی؟

المسئلة الثانیة: فی أن الزیادة المحقّقة للربا ما هی؟ فانّها امّا عینیّة سواء کانت جزءاً أو شرطاً أو حکمیّة سواء کانت منفعةً کسکنی دار أو انتفاعاً کعاریة سیّارة أو عقداً فیه منفعة کاشتراط مصالحة أو بیع محاباتی أو اشتراط بیع شيء نقداً فی بیع مثله نسیئة أو غیر ذلک ممّا فیه غرض عقلائیّ کاشتراط الإتیان بعمل واجب أو مستحبّ أو اعطاء صدقة للفقیر.

قد یقال انّ الموجب للربا هی الزیادة العینیّة فقط.(4) و قد یقال کلّ أقسام الزیادة

ص: 61


1- . نفس المصدر، ص 47.
2- . مهذب الاحکام، ج17، ص 313.
3- . نفس المصدر، ص314.
4- . نفس المصدر، ص 300.

موجب للربا.(1) و الحقّ انّ الموجب للربا هی الزیادة المالیّة سواء کانت عینیّة أم حکمیّة جزءاً أو شرطاً فانّها هی المتفاهم عرفاً من ظواهر الأخبار الدالّة منطوقاً أو مفهوماً علی عدم جواز اشتراط الزیادة فی معاوضة المتماثلین، ففی صحیح الحلبی عن أبی عبدالله(علیه السلام): «الفضّة بالفضّة مثلاً بمثل و الذهب بالذهب مثلاً بمثل لیس فیه زیادة و نقصان الزائد و المستزید فی النار».(2)

و فی صحیح منصور بن حازم عن أبی عبدالله(علیه السلام): «کلّ شيء یکال أو یوزن فلایصلح مثلین بمثل إذا کان من جنس واحد».(3) و فی صحیح محمد بن مسلم: «إذا اختلف الشیئان فلا بأس به مثلین بمثل یداً بید».(4) فانّ الزیادة فی المعاوضة ظاهرة فی الزیادة المالیّة و المترائی منها فی بادئ النظر و إن کانت هی الزیادة العینیّة لکنّها شاملة للحکمیّة عرفاً، فتأمّل.

وقد یستدلّ للقول الثانی بالإجماع و بخبر خالد ابن الحجّاج(5) ففیه جاء الربا من قبل الشروط و انّما تفسده الشروط.(6)

و أجاب عنه صاحب العروة بأنّ الإجماع ممنوع و المتیقّن منه الزیادة العینیّة بل عن الأردبیلیّ عدم الربا فی الزیادة الحکمیّة و کذا یظهر من المحکیّ عن ابن ادریس و أیضاً عن القواعد و جامع المقاصد جواز اشتراط البیع بثمن المثل، الخ.(7)

ثمّ قال و أمّا خبر خالد فهو فی القرض و کون البیع کالقرض فی ذلک محلّ منع و

ص: 62


1- . جواهر الکلام، ج 25، ص 66.
2- . وسائل الشیعة، کتاب التجارة، ب1، من ابواب الصرف، ح1.
3- . نفس المصدر، ب16، من ابواب الربا، ح3.
4- . نفس المصدر، ب13، من ابواب الربا، ح1.
5- . جواهر الکلام، ج22،ص 631 و ح 25 ص 66.
6- . وسائل الشیعة، کتاب التجارة، ب12، من ابواب الصرف، ح1.
7- . العروة الوثقی، ج6، ص 11.

دعوی انّ قوله جاء الربا من قبل الشروط قاعدة کلیّه لا فی خصوص الموارد محلّ منع و علی فرضه فالقدر المتیقّن منه شرط الزیادة العینیّة أو ما یکون له مالیة فلا یراد منه کلّ شرط.(1)

حرمة الربا المعاملیّ

المسئلة الثالثة هل حرمة الربا المعاملیّ تختصّ بالبیع أم تعمّ سائر المعاوضات؟ فیها خلاف، قال صاحب الجواهر انّ الظاهر ما صرّح به المصنّف فی باب الغصب من ثبوت الربا فی کل معاوضة وفاقاً للمحکیّ عن السیّد و الشیخ و القاضی و ابن المتوّج و فخر المحقّقین و الشهیدین و ابی العباس و القطیفی و العلیّین و الأردبیلیّ و غیرهم بل نسبه الأخیر فی أحکامه إلی الأکثر(2)

خلافاً للحلیّ و الفاضل فخصّاه بالبیع.(3)

و قال صاحب العروة: لاینبغی الإشکال فی الجریان فی غیر البیع من المعاوضات کالصلح و کالمبادلة و المعاوضة من غیر تعیین للبائع و المشتری کما إذا قالا تعاوضنا أو تبادلنا کذا بکذا فإنّها معاملة مستقلّة غیر البیع لایجری فیها الأحکام المختصّة به مثل خیار المجلس و الحیوان و غیر ذلک فلو قالا بادلنا هذا المنّ من الحنطة بهذین المنّین من الحنطة و الشعیر لم یصحّ لأنّه ربا و الظاهر جریانه فی الهبة المعوّضة کما اختاره المحقّق فی الشرائع و صاحب الجواهر لأنّها و إن کانت هبة فی مقابلة هبة إلاّ انّها فی اللبّ مبادلة بین الموهوبین، الخ.(4)

أقول حاصل ما أفاده هو التفصیل بین المعاوضة بین العینین فیجری فیها الربا و

ص: 63


1- . نفس المصدر، ص 12.
2- . جواهر الکلام، ج 24، ص 633.
3- . نفس المصدر، ج 24، ص 636.
4- . العروة الوثقی، ج 6، ص 18 – 19.

بین المعاوضة بین غیرهما کالمعاوضة بین عقدین کهبتین أو إیقاعین کالمعاوضة بین إبرائین أو مختلفین کالمعاوضة بین هبة و إبراءٍ فلایجری فیها الربا.

و هذا هو الّذی اختاره المحقّق الخوئیّ قال: و الأظهر اختصاصه بما کانت المعاوضة فیه بین العینین سواءً کانت بعنوان البیع أو الصلح مثل أن یقول: صالحتک علی أن تکون هذه العشرة التی لک بهذه الخمسة التی لی، أمّا إذا لم تکن المعاوضة بین ا لعینین کأن یقول: صالحتک علی أن تهب لی تلک العشرة و اهب لک هذه الخمسة، أو یقول: ابرأتک عن الخمسة التی لی علیک بشرط أن تبرئنی عن العشرة التی لک علیّ و نحوهما فالظاهر الصحّة. انتهی.(1)

و یشعر بهذا التفصیل کلام المحقّق البجنوردیّ أیضاً قال: فلابدّ من الحکم بدخوله «الربا» فی جمیع المعاوضات التی تقع بین متّحدی الجنسین إذا کانا من المکیل و الموزون.(2) بل بعض کلماته کالصریح فیه قال: بل معنی الربا فی أبواب المعاملات عرفاً هو زیادة العوضین علی الآخر وزناً أو کیلاً إذا کانا متّحدی الجنسین فلوصالح منّاً من الحنطة الجیّدة مثلاً بمنّین من غیر الجیّدة یکون من الربا المحرّم، انتهی.(3) و قال: فلیس فی باب القسمة مبادلة و معاوضة فی البین حتّی نتکلّم فی انّه إذا کان المال المشترک متّحد الجنس و کان المکیل و الموزون هل فیه الرّبا أم لا. انتهی.(4)

و کیف کان فإطلاقات أدلّة الرّبا شاملة لکل معاوضة بین متّحدیی الجنسین إذا کانا متفاضلین، ففی صحیح الحلبیّ عن أبی عبدالله(علیه السلام) قال: «الفضّة بالفضّة مثلاً بمثل لیس

ص: 64


1- . منهاج الصالحین، ج2، ص 52.
2- . القواعد الفقهیة، ج5، ص 109.
3- . مهذب الاحکام، ج17،ص302.
4- . القواعد الفقهیة،ج 5، ص 168.

فیه زیادة و لا نقصان الزائد و المستزید فی النار».(1)

و فی صحیحة أبی بصیر: «الحنطة بالشعیر رأساً برأس لایزاد واحد منهما علی الآخر».(2) إلی غیرهما من الأخبار الّتی استدلّوا بها فإنّها مطلقة شاملة لسائر المعاوضات و دعوی الانصراف إلی البیع لغلبته مردودة بما حقّق فی الأصول من أنّ کثرة الأفراد الخارجیّة لاتکون منشأً للانصراف. و أمّا ورود لفظ البیع أو القرض کثیراً خصوصاً الأوّل منهما فی الروایات الواردة فی أبواب الربا فمن جهة أنّهما المعاملتان الشائعتان فی الأسواق و عند الناس رباءً.(3)

و لکن قدیقال: إنّ إطلاقات المثل و المثلین و الزائد و المستزید إنّما هی لبیان شرط الربا لا لبیان موضوعه و الشک فی ذلک یکفی فی عدم صحّة التمسّک بمثل تلک الإطلاقات.(4)

فالأولی الاستدلال بصحیحة محمّد بن مسلم عن أبی جعفر(علیه السلام) قال: سألته عن الرجل یدفع إلی الطحّان الطعام فیقاطعه علی أن یعطی لکلّ عشرة أرطال اثنی عشر دقیقاً، قال: لا. قلت: فالرجل یدفع السمسم إلی العصّار و یضمن له لکلّ صاع أرطالاً مسمّاة، قال: لا.(5) و معلوم انّ هذا لیس بیعاً بل الأوّل صرف التزام و مقاطعة بأن یعطی بدل عشرة أرطال من الحنطة اثنی عشر من الدقیق و فی الثانی ضمان و لیس من باب البیع أو القرض. و لا وجه للتمسّک بالأصل و انّ المرجع فی الشکّ فی الشرط و المانعیة انّما هو البرائة العقلیّة و النقلیّة فی العبادات و المعاملات مطلقاً.(6)

و ذلک

ص: 65


1- . وسائل الشیعة، کتاب التجارة، ب1، من ابواب الربا، ح1.
2- . نفس المصدر، ب8، من ابواب الربا، ح3.
3- . القواعد الفقهیة، ج 5، ص 106.
4- . مهذب الاحکام، ج17، ص 302.
5- . وسائل الشیعة، کتاب التجارة، ب 9، من ابواب الربا، ح3.
6- . مهذب الاحكام، ج 17، ص 302.

لحکومة الإطلاقات علی الأصل.(1)

و ممّا ذکرنا ظهر عدم جریان الربا فی القسمة لأنّها إفراز الحقّ لا المعاوضة و المبادلة بین أموال الشرکاء أو مالی الشریکین.(2)

فلو کانت الشرکة بالمناصفة و اقتسما بالثلث و الثلثین لایکون من الرّبا.(3) و کذا ظهر عدم جریان الرّبا فی الغرامات کما إذا اتلف منّاً من الحنطة الجیّدة فدفع إلی المالک منّاً و نصف منّ الردیئة أو أعطی بدلاً عن المنّ من الحنطة منّین من الشعیر بعنوان الغرامة لا المعاوضة.(4)

و أمّا الهبة المعوّضة و الإبراء بشرط الإبراء فقد تقدّم الإشکال فیهما و انّهما إن رجعا إلی مبادلة الموهوبین و المبرئین فیجری فیهما الرّبا وإلاّ فلا، هذا کلّه هو الذی ذکره الفقهاء.

و لکن الذی یظهر لی شمول صحیحة محمّد بن مسلم المتقدّمة آنفاً لکلّ من الهبة المعوّضة و الإبراء بشرط الإبراء بل القسمة و الغرامات و الا قالة بشرط الزیادة فانّها کلّها یصدق علیها انّها مصالحة و هی تنطبق علی کلّها و قد دلّت الصحیحة علی عدم جواز المقاطعة متفاضلاً و هی تولیة عمل أجیراً بأجره معیّنة فتشمل الإجارة المعاطاتیّة و المصالحة المفیدة فائدتها و بضمیمة عدم الفصل بین أنواع المصالحة یتمّ المطلوب، فتأمّل. فالأحوط إن لم یکن الأقوی ترک التفاضل فی کلّ تعاوض یکون بحسب اللبّ مبادلة بین الربویین إلاّ مع الضمیمة علی ما سیأتی ان شاء الله تعالی فی طرق التخلّص من الرّبا.

و أمّا وفاء الدیون الثابتة فی الذمّة فی معاملة سابقة کما إذا اشتری منّا من الحنطة

ص: 66


1- . القواعد الفقهیة، ج 5، ص 107.
2- . نفس المصدر، ج 5، ص 168.
3- . العروة الوثقی، ج 6، ص 22.
4- . نفس المصدر، ج 6، ص 21.

الجیّدة نسیئة فأراد وفاء دینها بمنّین من الحنطة الردیئة أو بمنّین من الشعیر فلایجوز علی ما صرّح به فی بعض الروایات. ففی صحیحة الحلبیّ سئل عن الرجل یشتری الحنطة فلایجد صاحبها إلاّ شعیراً، أیصلح له أن یأخذ إثنین بواحد؟ قال: لا، إنّما أصلهما واحد.(1) أو باع منّاً من الحنطة الجیّدة سلماً فأراد وفائها بمنّین من الردیئة أو منّین من الشعیر فلایجوز لما فی صحیحة هشام بن سالم عن أبی عبدالله(علیه السلام) قال سئل عن الرجل یبیع الطعام الاکرار فلایکون عنده ما یتمّ له ما باعه، فیقول: خذ منّی مکان کل قفیز حنطة قفیزین من شعیر حتّی تستوفی ما نقص من الکیل، قال: لایصلح لأنّ أصل الشعیر من الحنطة و لکن یردّ علیه الدراهم بحساب ما ینقص من الکیل.(2) و أمّا صحیحة الحلبیّ عن أبی عبدالله(علیه السلام) قال سألته عن الرجل یستقرض من الدراهم البیض عدداً ثمّ یعطی سودا وزناً و قد عرف انّها أثقل ممّا أخذ و تطیب نفسه أن یجعل له فضلها، فقال: لا بأس به إذا لم یکن فیه شرط و لو وهبها له کلّها صلح.(3)

فهی واردة فی القرض و سیأتی ان شاء الله تعالی جواز تبرّع المقترض بزیادة فی العین أو الصفة بل استحبابه.

و ممّا ذکرناه یظهر ما فی الخلط الواقع فی الکلام بعض المعاصرین فإنّه استدلّ بالروایات الواردة فی باب القرض و انّه یجوز أن یتبرّع المقترض بزیادة علی جواز وفاء الدین مطلقاً بأکثر منه.(4)

و لایخفی ما فیه فإنّ الدین الثابت فی الذمّة فی السلم أو النسیئة إذا أراد وفائه بجنسه متفاضلاً یصدق علیه عرفاً انّه مبادلة ربویّة بخلاف أداء الدین الثابت فی الذمّة

ص: 67


1- . وسائل الشیعة، کتاب التجارة، ب12، من ابواب الصرف، ح2.
2- . نفس المصدر، ب7، من ابواب الربا، ح1.
3- . نفس المصدر، ب12، من ابواب الصرف، ح2.
4- . فقه الربا و البنوک، ص 75 – 74.

بالقرض فإنّه تفریغ الذمّة فیجوز التبرّع بالزیادة بل یستحبّ کما هو صریح الروایات. و ستأتی الإشارة إلیه.(1)

نعم إن أوفی دینه من جنس غیر الجنس الذی ثبت فی ذمّته فلا إشکال فیه سواء کان الثابت فی ذمّته ثبت بالقرض أو بالبیع أو سائر المعاوضات.

فساد المعاملات الربویّة

المسئلة الرابعة هل المعاملة الربویّة فاسدة أم لا؟ فیها وجوه، بل أقوال. الأول: الفساد مطلقاً، اختاره صاحب الجواهر ناسباً له إلی ظاهر الأصحاب(2) و تابعه جماعة من الأعاظم.(3) الثانی: الفساد بالنسبة إلی الزیادة فقط أو فقل صحّة المعاملة بالنسبة إلی ما عدا الزیادة، ذهب إلیه بعض الأعلام فی مهذّب الأحکام.(4) الثالث: صحّة المعاملة مطلقاً إذا کانت الزیادة خارجة عن أحد العوضین کما إذا کانت شرطا و نحوه، حکاه فی الجواهر.(5)

و الحقّ هو القول الأوّل بلافرق بین القرض و البیع و سائر المعاوضات وفاقاً لصاحب القواعد الفقهیة(6)

و خلافاً لصاحبی العروة و المنهاج ففصّلا بین البیع و ما الحقّ به من المعاوضات و بین القرض فقالا ببطلان البیع الربویّ من أصله بخلاف القرض فإنّه باطل بحسب الزیادة فقط و أمّا أصل القرض فهو صحیح.(7)

ص: 68


1- . وسائل الشیعة، کتاب التجارة، ب 12، من ابواب الصرف.
2- . جواهر الکلام، ج 24، ص 629.
3- . العروة الوثقی، ج 6، ص 13- 16؛ القواعد الفقهیة، ج 5، ص 150؛ منهاج الصالحین، ج2، ص 52.
4- . مهذب الاحکام، ج 17، ص 300.
5- . جواهر الکلام، ج 24، ص 630.
6- . القواعد الفقهیة، ج 5، ص 150 و ص 190 و ج 7 ، ص 245.
7- . العروة الوثقی، ج 6، ص 16؛ منهاج الصالحین، ج 1، ص 417.

فنقول قد تقدّم فی المقدّمة السادسة من مقدّمات هذه الرسالة انّ النهی فی المعاملات و إن لم يدلّ علی الفساد و لکنّهم تسالموا علی دلالته علی الفساد فی موردین: أحدهما ما أفاده صاحب الکفایة بقوله: و انّما یقتضی الفساد فیما إذا کان دالّا علی حرمة مالایکاد یحرم مع صحّتها مثل النهی عن أکل الثمن أو المثمن فی بیع أو بیع شیء. انتهی.(1) و قد ورد فی معتبرة سعد ابن طریف عن أبی جعفر(علیه السلام) قال: «أخبث المکاسب کسب الرّبا».(2) فانّ المتفاهم عرفاً من خبث المکسب هو انّ ثمنها سحت و هو مستلزم للفساد کما قال المحقّق البجنوردی: فجعل(علیه السلام) المعاملة المشتملة علی الزیادة من أخبث المکاسب و معلوم انّ خبث الکسب ظاهر فی فساده و حرمته أی نفس المعاملة لا خصوص الزیادة.(3) و هذه الروایة شاملة بعمومها للبیع و القرض و سائر المعاوضات و فی صحیحة الحلبیّ عن أبی عبدالله(علیه السلام): «الزائد و المستزید فی النار».(4) قال المحقّق البجنوردی: و ظاهر هذا الکلام انّ کون الزائد و المستزید أی المتعاملین فی النّار یکون لأجل معاملتهم فتکون المعاملة التی سبب لدخول النار حراماً و فاسداً. انتهی.(5)و لکن شمول الصحیحة للقرض غیر ظاهر لانّها وردت فی معاوضة الفضّة بالفضّة.

کما لایمکن الاستدلال لفساد القرض الربوی بروایة سیف التمار: إنّ علیّ بن أبی طالب(علیه السلام) کان یکره أن یستبدل وسقاً من تمر المدینة بوسقین من تمر خیبر لأنّ

ص: 69


1- . کفایة الاصول، ص 187.
2- . وسائل الشیعة، کتاب التجارة، ب1 من ابواب الربا، ح2.
3- . القواعد الفقهیة، ج 5، ص 152.
4- . وسائل الشیعة، کتاب التجارة، ب 1، ابواب الصرف، ح1.
5- . القواعد الفقهیة، ج 5، ص 150.

تمر المدینة أدونهما و لم یکن علیٌّ یکره الحلال.(1)

لأنّها ظاهرة فی البیع و ما ألحق به من المعاوضات دون القرض لأنّ الاستبدال لایطلق علی القرض.

نعم استدلّ بعض الاعلام(قدس سره) فی شرحه علی المنهاج(2)

لبطلان القرض الربویّ من أصل بصحیحة یعقوب بن شعیب عن أبی عبدالله(علیه السلام) قال سألته عن رجل یأتی حریفه و خلیطه فیستقرض منه الدنانیر فیقرضه و لولا أن یخالطه و یحارفه و یصیب علیه لم یقرضه، فقال: إن کان معروفاً بینهما فلا بأس و إن کان انّما یقرضه من أجل انّه یصیب علیه فلایصلح.(3) فانّ الصحیحة صریحة فی فساد القرض الربویّ من أصل.

و ممّا ذکرنا یظهر ضعف ما قاله صاحب العروة من انّه یمکن أن یقال بعدم بطلان أصل القرض باشتراط الزیادة فإنّ النهی فیه متعلّق بخصوص الزیادة و لاینفع سرایته إلی أصل القرض علی فرض تسلیمه فلایدلّ علی بطلان أصل القرض فیشکل الحکم بفساده، إلی أن قال: فبطلان القرض الربویّ مبنیّ علی کون الشرط الفاسد مفسداً و هو ممنوع.(4)

فإنّا استدلنا بالروایات الظاهرة أو الصریحة فی بطلان المعاملة الربویّة و القرض الربویّ لا بالقاعدة، فمن الغریب دعوی بعض المعاصرین عدم الدلیل علی بطلان القرض الربوی.(5)

فیجری فیما أخذ بالقرض الربوی أو المعاملة الربویّة أحکام المقبوض بالعقد الفاسد من وجوب ردّه و ضمانه بضمان الغرامة کما تقدّم تفصیله فی المقدّمه التاسعة من مقدّمات هذه الرسالة إن کان مالکه معلوماً و أمّا إن کان مجهولاً أو لا یمکن الوصول إلیه، فیجری علیه حکم المال المجهول مالکه کما تقدّم فی المقدّمة الأولی.

ص: 70


1- . وسائل الشیعة، کتاب التجارة، ب14، من ابواب الربا، ح3.
2- . مبانی منهاج الصالحین، ج9، ص159.
3- . وسائل الشیعة، کتاب التجارة، ب19، من ابواب الدین والقرض، ح9.
4- . العروة الوثقی، ج6، ص 16 -17.
5- . فقه الربا و البنوک، ص 60.

الفصل الثانی: فی الرّبا القرضیّ

اشارة

فنقول حقیقة القرض هو المال المضمون أعنی تملیک مال بعوضه الواقعی و قد عرفت فی الأمر التاسع من المقدمة انّ العوض الواقعی لکلّ شيء هو المثل الذی یکون واجداً لجهات نوعیته و صنفیته فإن تعذّر أو تعسّر فقیمته.

فما قیل من أنّ القرض تملیک مال لآخر بالضمان بأن یکون علی عهدته أداؤه بنفسه أو بمثله أو قیمته(1)، کلام متهافت لأنّ التملیک ینافی الضمان بنفسه بل لایجوز للمقرض أن یطالب العین المقترضة بعد أن ملّکها المقترض فالضمان انّما هو بالمثل فإن تعذّر أو تعسّر فبالقیمة.

کما انّ ما أفاده سیّد مشایخنا(مدظله) من انّ حقیقة القرض تملیک العین أی خصوصیّاتها مجّاناً و جعل مالیّتها فی الذمّة ففی الحقیقة هو ینحلّ إلی إنشائین تملیک مجّانیّ بالذمّة إلی العین و تضمین لمالیّة العین و استیمان لها فی ذمّة المقترض إلی أجل معیّن. انتهی.(2)

لایمکن المساعدة علیه رغم کونه کلاماً دقیقاً فانّه خلاف ما هو المتفاهم عرفاً من القرض و خلاف ما هو المتداول فی الخارج بین المقرضین و المقترضین لانّ المقرض لاینشأ التملیک مجّاناً.

ص: 71


1- . مهذب الاحکام، ج21، ص 34.
2- . المسائل المستحدثة، ص 34.

فأحسن التعاریف کما قال المحقّق البجنوردیّ هو انّ القرض تملیک مال بعوضه الواقعیّ إن کان من المثلیّات فبمثله و إن کان من القیمیّات فبقیمته.(1)

فهو کما قال بعض الأعلام فی مهذّب الأحکام برزخ بین المعاوضة المحضة و الضمان المحض.(2)

الزیادة المحقّقة للربا

نعم سیأتی ان شاء الله تعالی فی الحیل الربویّة عن الفقیه المدقّق الصدر انّ کلّ معاملة یکون مؤدّاها تبدیل المال المثلیّ بمثله فی الذمّة فهو قرض بحسب الارتکاز العقلائیّ و إن ألبس ثوب البیع،(3)

و کیف کان فان کان القرض مشروطاً بزیادة للمقرض سواء اشترطاه صریحاً أو کان العقد مبنیّاً علیه فهذا هو الربا القرضیّ الّذی تدلّ علی حرمته الأدلّة الأربعة إن کانت الزیادة زیادة مالیة سواء کانت عینیّة أو حکمیّة فلایجوز أن یقرضه عشرة دنانیر بشرط أن یؤدّی أحد عشر أو بشرط أن یخیط ثوبه مجّاناً أو یؤجره داره مجّاناً أو بأکثر من أجرة المثل أو بشرط أن ینتفع بالعین المرهونة عنده أو بشرط أن یبیعه شیئاً بأقلّ من ثمن المثل أو بشرط أن یؤدّی بدل الدنانیر المکسورة دنانیر صحیحة، فکلّ ذلک رباً

کما تقدّم فی الفصل الأوّل بلا فرق بین أن تکون العین المقترضة مکیلة أو موزونة أو معدودة و هذا هو الفارق بین الربا القرضیّ و المعاملیّ فالرّبا فی القرض أوسع من الرّبا فی المعاملات و یتفرّع علی ما ذکرناه فروع.

الأوّل: یجوز تبرّع المقترض بزیادة

یجوز تبرّع المقترض بزیادة کما صرّح به فی عدّة من الأخبار. منها صحیحة الحلبیّ

ص: 72


1- . القواعد الفقهیة، ج7، ص 235.
2- . مهذب الاحکام، ج21، ص 34.
3- . البنک اللاربوی، ص171.

عن أبی عبدالله(علیه السلام) قال إذا اقرضت الدراهم ثمّ اتاک بخیر منها فلا بأس إذا لم یکن بینکما بشرط(1) و بهذه الصحیحة جمعوا بین النبوی المشهور المعمول به المرویّ فی مصادر العامّة أعنی قوله(صلی الله علیه و آله): «کلّ قرض یجرّ منفعة فهو ربا»(2) و بین الخبر المستفیض : «خیر القرض ما جرّ منفعة»(3) بحمل الأوّل علی ما إذا اشترطت الزیادة و الثانی علی ما إ ذا لم تشترط فیجوز تبرّع المقترض بزیادة بل یستحبّ لما فی صحیح عبدالرحمن بن الحجّاج عن الصادق(علیه السلام): کان یستقرض الدراهم الفسولة فیدخل علیه الدراهم الجیاد، فیقول: ردّها علی الّذی استقرضتها منه، فأقول: یا ابه انّ دراهمه کانت فسولة و هذه خیر منها، فیقول: یا بنی انّ هذا هو الفضل فأعطه إیّاها.(4)

و کانّه إشارة الی قوله تعالی: «وَلَا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ».(5)

الثانی: یجوز اشتراط الأداء فی بلد آخر

يجوز اشتراط الأداء في بلد آخر لما تقدّم من انّ المحقّق للربا إنّما هو شرط الزیادة المالیّة و تدلّ علیه بالخصوص روایات منها معتبرة أبی الصباح عن أبی عبدالله(علیه السلام) فی الرجل یبعث بمال إلی أرض، فقال للّذی یرید أن یبعث به: اقرضنیه و أنا أو فیک إذا قدمت الأرض، قال: لا بأس.(6)

ص: 73


1- . وسائل الشیعة، کتاب التجارة، ب12، من ابواب الصرف، ح3.
2- . کنز العمال، ج16، ص 155.
3- . وسائل الشیعة، کتاب التجارة، ب 19 ، من ابواب القرض و الدین، ح4و5 و6.
4- . نفس المصدر، ب12، من ابواب الصرف، ح7.
5- . البقرة / 237.
6- . وسائل الشیعة، کتاب التجارة، ب14، من ابواب الصرف، ح2.

الثالث: لایجوز أن تشترط فی القرض معاملة فیها محاباة

کأن یقرضه دیناراً بشرط أن یبیعه شیئاً بأقلّ من قیمته السوقیّة أو یوجره داراً بأقلّ من أجرة المثل و ذلک لصدق الزیادة المالیّة عرفاً فیکون قرضاً ربویّاً.(1)

الرابع: یجوز القرض بشرط القرض

کأن یقرض زید عمرواً دیناراً إلی شهر بشرط أن یقرضه عمرو درهماً إلی شهرین و ذلک لعدم صدق الزیادة عرفاً، حکاه فی الجواهر عن القواعد و جامع المقاصد(2) و فی موضع آخر عن التحریر.(3)

أقول یمکن أن یستدلّ علی جواز القرض بشرط القرض بمفهوم صحیحة یعقوب بن شعیب عن أبی عبدالله(علیه السلام) قال سألته عن الرجل یسلم فی بیع أو تمر عشرین دیناراً و یقرض صاحب السلم عشرة دنانیر أو عشرین دیناراً، قال: لایصلح إذا کان قرضاً یجرّ شیئاً فلایصلح.(4) أی لایجوز هذا إذا کان بحیث یصدق علیه انّه قرض جرّ شیئاً أی إذا کان القرض مشروطاً بسلم فیه محاباة فلایجوز و مفهومه انّه یجوز اشتراط شيء لایصدق علیه انّه قرض جرّ شیئاً کما إذا کان السلم مشروطاً بالقرض أو کان القرض مشروطاً بقرض آخر.

نعم لایجوز أن یقرضه دیناراً بشرط أن یقرضه المقترض درهمین بدرهم أی اشترط فی القرض الأوّل قرضاً ربویّاً فانّه یصدق علیه الزیادة المالیّة عرفاً.

ص: 74


1- . جواهر الکلام، ج26، ص 118.
2- . نفس المصدر، ص26.
3- . نفس المصدر، ص 120.
4- . وسائل الشیعة، کتاب التجارة، ب19، من ابواب الدین والقرض، ح9.

و أمّا ما قیل من انّه لایجوز اشتراط أیّ شرط فی القرض(1) فسیأتی ان شاء الله تعالی جوابه فی الطریق الرابع من الطرق الغیر المنصوصة للتخلّص من الرّبا.

الخامس: انّما یحرم شرط الزیادة للمقرض

سواء اشترط المقرض لنفسه أو اشترط له المقترض فیجوز الشرط للمقترض کما إذا أقرضه عشرة دنانیر علی أن یؤدّی ثمانیة بلا خلاف و لا إشکال للأصل کما هو المتداول بین التجّار فی الحوالات المسمّاة عندهم بصرف البرات، فتأمّل.

السادس: یصحّ تعجیل الدّین المؤجّل

بإسقاط بعضه لانّ الحق قابل للاسقاط و لکن لایجوز و لایصحّ تأجیل الحال بإضافة شیء لانّه ربا و لکن یمکن تحصیله بشکل لایلزم منه الربا و هو أن یبیع المدیون ما یساوی عشرین بعشرة و یشترط علیه فی ضمن هذا العقد تأخیر الدین فبهذه الحیلة الشرعیّة تحصّل النتیجة و هو تأجیل الدین الحالّ و یمکن أیضاً تحصیل هذه النتیجة بأن یبیع الدائن ما یساوی عشرة بعشرین للمدیون و یشترط علی نفسه تأخیر المطالبة.(2)

ص: 75


1- . البنک اللاربوی، ص 173.
2- . القواعد الفقهیة، ج7، ص 211.

ص: 76

الفصل الثالث: فی المستثنیات

اشارة

و هی علی قسمین:

القسم الأول: ما استثنی من الرّبا المعاملیّ

ما استثني من الرّبا المعامليّ دون الربا القرضیّ و هو المعدود فانّه یجوز بیع المعدود بمثله متفاضلاً و کذا المذروع و ما یباع بالمشاهدة کالجوز و البیض و العبد و الثیاب و الدوابّ و النخیل و الأشجار و نحوها سواء کان البیع نقداً أو نسیئة علی المشهور.(1) بل عن الخلاف و مجمع البیان و التذکرة و ظاهر الغنیة و السرائر الإجماع علی عدم الربا فی المقدّر بالعدد.(2)

و فی قباله قولان آخران: الأوّل عدم جواز التفاضل فی المتجانسین و إن کانا معدودین مطلقاً نقداً و نسیئة نسب إلی الشیخ المفید و أبی علی و سلاّر.(3) الثانی عدم جواز الرّبا فی المعدود إذا کان البیع نسیئة حکی عن القدیمین ابن ابی عقیل العمّانیّ و ابن جنید الاسکافیّ و عن الشیخ فی الخلاف و وافقهم سیّد مشایخنا(مدظله) فی رسالته العملیّة.(4)

و الأظهر هو أن یقال بجواز بیع المعدود بمثله متفاضلاً إذا کان نقداً و عدم جوازه

ص: 77


1- . العروة الوثقی، ج6، ص 49.
2- . جواهر الکلام، ج24، ص 677.
3- . نفس المصدر، ص 680.
4- . توضیح المسائل، ص 461 للسید الروحانی.

نسیئة إلاّ إذا وصف الثمن فلایجوز بیع المعدود بمثله متفاضلاً إذا کان الثمن کلیّاً فی الذمّة الاّ بالوصف و هذا هو الذی یظهر من الروایات بعد تقیید بعضها ببعض آخر فإنّها علی طوائف:

الأولی ما تدلّ علی عدم جوازه مطلقاً، منها صحیحة محمّد بن مسلم عن أبی عبدالله(علیه السلام) عن الثوبین الردیئین بالثوب المرتفع و البعیر بالبعیرین و الدابّة بالدابّتین فقال(علیه السلام): کره علیّ ذلک فنحن نکرهه الاّ أن یختلف الصنفان و قال سألته عن الإبل و البقر و الغنم أو أحدهنّ فی هذا الباب قال: نعم نکرهه.(1) و نحوها صحیحة ابن مسکان.(2)

الطائفة الثانیة ما تدلّ علی جوازه مطلقاً نقداً کان أو نسیئة، منها موثّقة منصور بن حازم عن أبی عبدالله(علیه السلام) قال سألته عن البیضة بالبیضتین، قال(علیه السلام): لا بأس به، و الثوب بالثوبین، قال: لا بأس به، و الفرس بالفرسین، قال: لا بأس به. ثمّ قال کلّ شيء یکال أو یوزن فلایصلح مثلین بمثل إذا کان من جنس واحد فإذا کان لایکال و لایوزن فلا بأس به اثنین بواحد.(3)

و منها روایة زرارة عن أبی جعفر(علیه السلام) قال لا بأس بالثوب بالثوبین.(4)

و منها روایة داود بن الحصین انّه سأل أباعبدالله(علیه السلام) عن الشاة بالشاتین و البیضة بالبیضتین، فقال: لا بأس ما لم یکن مکیلاً أو موزوناً.(5) و منها صحیحة زرارة عن أبی عبدالله(علیه السلام) قال: لایکون الرّبا إلاّ فیما یکال أو یوزن.(6)

و نحوها صحیحة عبید بن زرارة.(7)

ص: 78


1- . وسائل الشیعة، کتاب التجارة، ب16، من ابواب الربا، ح3.
2- . نفس المصدر، ب17، ح16.
3- . نفس المصدر، ب 16، ح3.
4- . نفس المصدر، ح4.
5- . نفس المصدر، ب17، ح2.
6- . نفس المصدر، ب6، ح 8.
7- . نفس المصدر، ب6، ح3.

الطائفة الثالثة ما تدلّ علی جواز بیع المعدود بمثله متفاضلاً إذا کان نقداً و عدم جوازه إذا کان نسیئة، منها صحیحة الحلبیّ عن أبی عبدالله(علیه السلام) قال ما کان من طعام مختلف أو متاع أو شيء من الأشیاء یتفاضل فلا بأس ببیعه مثلین بمثل یداً بید، فامّا نظرة فلایصلح.(1)

رواها المشایخ الثلاثة.

الطائفة الرابعه ما تدلّ علی عدم جواز بیع المعدود متفاضلاً إذا کان نسیئة إلاّ بالوصف، منها صحیحة زرارة عن أ بی جعفر(علیه السلام) قال: البعیر بالبعیرین و الدابّة بالدابّتین یداً بید لیس به بأس و قال لا بأس بالثوب بالثوبین یداً بید و نسیئة إذا وصفتهما.(2) و منها موثّقة سماعة قال سألته عن بیع الحیوان إثنین بواحد، فقال: إذا سمّیت الثمن فلابأس.(3)

فإنّ التسمیة ظاهرة فی انّ الراوی سئل عن البیع الذی ثمنه کلیّ کما فی النسیئة فدلّت بمفهومها علی عدم الجواز إذا لم یسمّ الثمن أی لم یوصف.

هذه هی الروایات الواردة فی المسئلة و النسبة بین الطائفتین الأولیین و إن کانت هی التباین و لکنّهما لاتتساقطتان لانّهما لیستا متکافئتین بل متراجحتان فتقدّم الطائفة الثانیة لانّها نصّ فی الجواز علی الطائفة الأولی التی هی ظاهرة فی الحرمة بناءً علی انّ المراد بالکراهة فیها هی الکراهة اللغویة لا الشرعیة، هذا اولاً، و ثانیاً الطائفة الأولی أعرض المشهور عنها بخلاف الثانیة و ثالثاً کثرة عدد الطائفة الثانیة بلغت إلی حدّ الاستفاضة بخلاف الطائفة الأولی، و بالجملة الطائفة الثانیة ترجّح علی الأولی. و لمّا کانت الطائفة الثالثة أخصّ من الثانیة فتخصّص الثانیة بها فالنتیجة فی نهایة الشوط جواز بیع المعدود بمثله متفاضلاً إذا کان نقداً و عدم الجواز إذا کان نسیئة. ثمّ لمّا کانت

ص: 79


1- . نفس المصدر، ح2 و ب17، ح 9.
2- . نفس المصدر، ب17، ح1.
3- . نفس المصدر، ب17، ح15.

الطائفة الرابعة أخصّ من الثالثة فتخصّص الثالثة بها فالنتیجة فی نهایة المطاف انّه یجوز بیع المعدود بمثله متفاضلاً إذا کان نقداً و لایجوز إذا کان نسیئة إلاّ إذا وصف الثمن فلایجوز بیع المعدود بمثله إذا کان الثمن کلیّاً فی الذمّة إلاّ بالوصف کما استشکل بعض الاعاظم(مدظله) فی صحّة المعاملة فیما إذا کان العوضان من المعدود و نحوه مع اتّحادهما فی الجنس و کون الزیادة عینیّة کبیع عشرة جوزات بخمس عشرة جوزة إلی شهر.(1) و لا أقلّ من أن نشکّ فی جواز الرّبا فی المعدود مطلقاً فیدور أمره بین الأقل «إذا کان بالوصف» و الأکثر «أعم من الوصف و غیره» فنأخذ بالأقلّ و نرجع فی الأکثر إلی العام الفوقانی و هو عموم أدلة حرمة الربا. هذا کلّه فی المعدود الحقیقیّ کالجوز و اللوز و البیض.

و إمّا المعدود الاعتباریّ کالاسکناس فقد قال جماعة تبعاً لصاحب العروة: انّ الأوراق النقدیّة من أیّ قسم کان و بأیّ اسم سمیّت اسکناسا أو نوطاً ریالا أو دیناراً

دولارا أو تومانا أو غیرها لما لم یکن من المکیل و الموزون فلایدخل فیها الرّبا فیجوز بیع بعضها ببعض آخر متفاضلاً.(2)

ولایخفی ما فیه لانّ الروایات المتقدمّة الدالّة علی جواز بیع المعدود بمثله متفاضلاً کلّها وردت فی المثلیّات التی تکون من المعدودات الحقیقیّة و أمّا الأوراق النقدیّة فهی و إن کانت مثلیّة إلاّ أنّ قوامها بقوّتها الشرائیّة لا بجنسها الفیزیائیّ الّذی هو قرطاس و ثمنه بخس فلاتشملها الروایات المشار إلیها و لا أقلّ من الشک فنرجع إلی عمومات حرمة الربا. و إن شئت قلت انّ المعدود الاعتباریّ و إن کان مثلیّاً و لکن ضمانه

ص: 80


1- . منهاج الصالحین، للسید السیستانی، ج2، ص 72.
2- . العروة الوثقی، ج 6، ص 74؛ القواعد الفقهیة، ج 5، ص 148؛ مهذب الاحکام، ج 17، ص 329.

بالقیمة لا بالمثل فلایجوز بیعه بجنسه متفاضلاً سواء کانا عملة واحدة أو عملتین لانّ الارتکاز فی النظر إلی المعدود الاعتباریّ إلی مالیّته لا إلی أوصافه کما صرّح به الفقیه المدقّق الصدر.(1)

و قد تقدّم تفصیله فی الأمر الحادی عشر من المقدّمة. و منه یظهر الإشکال فیما أفتی به المحقّق الخوئیّ(قدس سره) من جواز التفاضل فی بیع الدینار العراقیّ فی الذمّة بالدینار الکویتی أو الریال الإیرانی.(2) و سیأتی ان شاءالله تعالی مزید بيان فی طرق التخلّص من الربا فانتظر.

القسم الثانی: من ا لمسثتنیات

اشارة

هو ما استثنی من الربا فی البابین أعنی الربا المعاملیّ و القرضیّ فمنه الوالد و الولد فلا ربا بینهما إجماعاً محکیّاً مستفیضاً إن لم یکن متواتراً صریحاً و ظاهراً بل یمکن تحصیله إذ لا خلاف فیه إلاّ من المرتضی فی الموصلیّات و قدرجع عنه فی الانتصار.(3) و منه المولی و مملوکه فلا ربا بینهما إجماعاً بقسمیه.(4) و منه الرجل و زوجته فلا ربا بینهما إجماعاً أیضاً بقسمیه.(5)

و یدلّ علی الحکم فی الموارد الثلاثة قبل الإجماع معتبرة زرارة و محمّد بن مسلم الّتی رواها الشیخان الکلینیّ و الطوسیّ عن أبی جعفر(علیه السلام): «لیس بین الرجل و ولده و بینه و بین عبده ولا بینه و بین أهله ربا انّما الربا بینک و بین ما لاتملک».(6) و لم یکن

ص: 81


1- . البنک اللاربوی، ص 171.
2- . منهاج الصالحین، ج2، ص 55.
3- . جواهر الکلام، ج24، ص 717.
4- . نفس المصدر، ص721.
5- . جواهر الکلام، ج24، ص 723.
6- . وسائل الشیعة، کتاب التجارة، ب7، من ابواب الربا، ح6.

فی سند الروایة من یخدش فیه إلاّ یاسین الضریر الذی لم یصرّح بتوثیقه فی کتب الرجال و لکنّ المحدّث النوریّ استظهر مدحه بل وثاقته و ناقشه المحقّق الخوئی.(1)

و تدلّ علی الحکم أیضاً معتبرة عمرو بن جمیع عن أبی عبدالله(علیه السلام) قال: «قال أمیر المومنین(علیه السلام) لیس بین الرجل و ولده ربا و لیس بین السیّد و عبده ربا» رواها المشایخ الثلاثة.(2)

و لم یکن فی سند الروایة من یخدش فیه غیر معاذ بن ثابت و هو ثقة علی ما حقّقه المحدّث النوریّ.(3)

وکیف کان فالروایتان معتبرتان لأنّ روایات الکافی بل اللکتب المعتبرة کلّها حجّة ما لم یعرض عنها المشهور أو لم تکن معارضة و قدعرفت الإجماع علی الفتوی بهما و لایعبأ بخلاف المحقّق الاردبیلیّ و من تبعه کالفاضل السبزواریّ کما قال صاحب الجواهر: فمن الغریب دغدغة بعض المتأخّرین فی الحکم المزبور و کأنّه ناشئ من اختلال الطریقة.(4) کما لا وجه لاستشکال المحقّق الخوئیّ و من تبعه من تلامذته فی الحکم تضعیفاً للروایة.(5)

و الظاهر انّ المراد بنفی الموضوع فی قوله(علیه السلام) لا ربا بین الوالد و ولده الخ بعد معلومیّة عدم رفعه خارجاً هو الّذی أفاده المحقّق الخراسانیّ فی تفسیر حدیث لا ضرر(6) من انّ المراد نفی الحکم بلسان نفی الموضوع فالمنفیّ حقیقة هو تحریم الربا و المنفی ادّعاءً و عنایةً هو الرّبا.

ص: 82


1- . خاتمة المستدرک، ج2، ص 828؛ معجم الرجال الحدیث، ح2، ص 16- 17.
2- . وسائل الشیعة، کتاب التجارة، ب7، ابواب الربا، ح1.
3- . خاتمة المستدرک، ج3، ص 754.
4- . جواهر الکلام، ج24، ص 719.
5- . منهاج الصالحین، ج2، ص 54.
6- . کفایة الاصول، ص 381.

وههنا فروع:

الأوّل:

الولد فی قوله(علیه السلام): «لا ربا بین الوالد و الولد» شامل للأنثی بحسب العرف و اللغة و دعوی الانصراف إلی الذکور عهدتها علی مدّعیها بل شامل للخنثی بناءً علی انّها لیست طبیعة ثالثة کما هو غیر بعید.

الثانی:

الربا بین الأمّ و ولدها ثابت لانّ الروایتین المتقدّمتین انّما نفی الربا بین الرجل و ولده.

الثالث:

لایبعد شمول الحکم لولد الابن أی الولد بواسطة لصدق الولد علیه عرفاً و انصرافه عن ولد البنت لعدم صدق الولد علیه.

الرابع:

لاینبغی الإشکال فی عدم شموله للولد الرضاعیّ.

الخامس:

الأظهر اختصاص الحکم بالزوجة الدائمة للشکّ فی صدق الأهل علی الزوجة المتمتّع بها و ان ابیت الاّ عن شمولها لها.

فالأقوی هو التفصیل بین المتّخذة أهلاً فلایثبت فیها الربا و بین غیرها فالربا ثابت کما قوّاه صاحب الجواهر.(1)

السادس:

الأقوی عدم شمول الحکم للمطلّقة رجعیّة لا لما ذکره صاحب الجواهر من عدم صدق الأهل علیها،(2) بل للشکّ فی انّ تنزیلها منزلة الزوجة فی الأخبار بحسب جمیع الآثار و الأحکام.(3)

ص: 83


1- . جواهر الکلام، ج24، ص 724.
2- . نفس المصدر، ص 724.
3- . القواعد الفقهیة، ج5، ص 182.

لا ربا بین المسلم و الکافر

ومنها أی المستثنیات من الربا فی البابین هو انّه لا ربا بین المسلم و الکافر الحربیّ إذا اخذ المسلم الفضل لا العکس و هذا مورد الاتفاق بین الأصحاب.(1)

و تدلّ علیه معتبرة عمرو بن جمیع عن أبی عبدالله(علیه السلام) قال قال رسول الله(صلی الله علیه و آله): «لیس بیننا و بین أهل حربنا ربا نأخذ منهم ألف درهم بدرهم و نأخذ منهم و لانعطیهم».(2) و قد تقدّم اعتبار سندها و لکنّها معارضة بذیل معتبرة محمّد بن مسلم المتقدّمة آنفا، «قلت: فالمشرکون بینی و بینهم ربا، قال: نعم».(3)

و حملوها علی الذمّی أو علی الکراهة کما فی الوسائل.(4) و الّذی یهوّن الخطب انّ المشهور أعرضوا عن ذیل الروایة و إن عملوا بصدرها، هذا أوّلاً و ثانیاً یجوز للمسلمین استنقاذ أموال الکافر الحربیّ لانّه و ماله فیء للمسلم فله السرقة و نحوها.(5)

فالمسلم یجعل الربا وسیلة لاستنقاذ أموالهم، فعلی هذا لایجوز أخذ الربا من الکافر المعاهَد و هو الذی أعطی له الأمان حتی یسمع کلام الله بل قال صاحب الجواهر بجریان الربا بیننا و بین سائر الفرق الکفّار المحترم مالهم بذمّة أو صلح أو امان أو عهد أو غیر ذلک. الخ.(6)

فعلی هذا نفی الربا بین المسلم و الکافر یختص بالکافر الحربیّ بالفعل أی إذا کانت الحرب قائمة و لایشمل الکافر الحربیّ بالقوّة أی إذا وضعت الحرب أوزارها فضلاً عمّا إذا کانت بیننا و بینهم علاقة تجاریّة

ص: 84


1- . جواهر الکلام، ج24، ص 725.
2- . نفس المصدر، ص728.
3- . وسائل الشیعة، کتاب التجارة، ب7، من ابواب الربا، ح1.
4- . نفس المصدر، ح3.
5- . نفس المصدر، ج18، ص 136.
6- . جواهر الکلام، ج24، ص 728.

فیشکل حینئذ استنقاذ أموالهم بل لایبعد ظهور قوله(صلی الله علیه و آله): «لیس بیننا و بین أهل حربنا ربا» فی الکافر الحربیّ بالفعل.

نعم یجوز أخذ الربا منهم إلزاماً لهم بما الزموا به أنفسهم و لا فرق حینئذ بین الذمّی و الحربی.

هذا و لکن صریح بعض الروایات جواز استرقاق الکافر الحربیّ فی غیر حال الحرب إن لم یکن معاهَداً کما أفتی به المحقّق الخوئیّ.(1) و بضمیمة عدم القول بالفصل بین جواز استرقاقهم و جواز استنقاذ أموالهم یتمّ المطلوب أی یجوز استنقاذ أموالهم

فی غیر حال الحرب فیجوز أخذ الربا منهم لانّه وسیلة للاستنقاذ أو لقاعدة الالزام بل اللأولویّة لانّه إذا جاز استرقاق الکافر الحربیّ فی غیر حال الحرب یجوز استنقاذ أمواله بطریق أولی.

و أمّا الذّمیّ فلایجوز الربا منهم علی الأشهر بل المشهور نقلاً و تحصیلاً کما فی الجواهر.(2) نعم یجوز أخذ الربا منهم لقاعدة الالزام و أما مرسلة الصدوق: «لیس بین المسلم و الذمیّ ربا»(3)

فمحمول علی الذمیّ الخارج عن شرائط الذمیّ کما فی الوسائل(4) و لکن الذمّی بمعناه المعروف فی الفقه فی هذا الزمان قلیل الوجود بل عدیمه، فالکفّار الموجودون فی بلاد الاسلام فی هذه الأزمنة لاینطبق علیهم أحکام الذمّة و هؤلاء کما قال المحقّق البجنوردیّ إمّا داخلون فی المعاهدین کما هو الغالب أو فی من أعطی له الأمان و علی کلّ واحد من التقدیرین أموالهم و نفوسهم و أعراضهم محترمة لایجوز

ص: 85


1- . منهاج الصالحین، ج 1، ص 374.
2- . جواهر الکلام، ج 24، ص 726.
3- . وسائل الشیعة، کتاب التجارة، ب 7، ابواب الربا، ح 5.
4- . نفس المصدر، ج 18، ص 136.

الأخذ منهم بالقهر و جبراً و لا بالسرقة و اما برضاهم المعاملیّ فلاینافی احترامهم فبناء علی ما ذکرنا یجوز أخذ الفضل فی المعاملة الربویة من الکتابیین الموجودین فی بلاد الاسلام فی هذه الأزمان و لایجوز اعطائهم. انتهی.(1) فیجوز و تصحّ المعاملة مع الکفّار و إن کانوا حربیین ما لم یکن تقویة للکفر أو ترویجاً للباطل فإن کان کذلک فالمعاملة معهم و إن کانت حراماً لکنّ التصرّف فی المال المأخوذ منهم مباح بل یجوز تملّکه استنقاذاً إن کانوا حربیین و للتراضی المعاملیّ إن کانوا ذمّیین لما تقدّم فی المقدّمة التاسعة من انّ الرضا المالکیّ یبیح التصرّف بل یفید الملک إن لم یکن العقد فاسداً من أصله.

ص: 86


1- . القواعد الفقهیة، ج5، ص 184.

الفصل الرابع: فی طرق التخلّص من الرّبا

اشارة

و هی علی قسمین:

الأوّل هی الطرق المنصوصة و الثانی هی الطرق التی ذکرها الفقهاء اجتهاداً.

القسم الأوّل: الطرق المنصوصة

1- البیع مع الضمیمة

فمن القسم الأوّل البیع مع الضمیمة. قال المحقّق: یجوز بیع درهم و دینار بدینارین و درهمین و یصرف کلّ واحد منهما إلی غیر جنسه و کذا لو جعل بدل الدینار أو الدرهم شيء من المتاع و کذا مدّ من تمر و درهم بمدّین أو أمداد و درهمین أو دراهم، انتهی. و ذیّله فی الجواهر بقوله: و لا خلاف بیننا فی الجمیع بل الإجماع بقسمیه علیه بل المحکیّ منه مستفیض جدّاً إن لم یکن متواتراً، انتهی.(1)

و قال السیّد فی العروة: إذا زاد أحد المتجانسین علی الآخر و ضمّ إلی الطرف الناقص ضمیمة من جنس آخر کما إذا باع مدّاً من الحنطة و درهماً بمدّین أو درهمین أو ضمّ إلی کلّ من الطرفین جنس آخر کما إذا باع مدّاً و درهماً بمدّین و درهمین صحّ البیع و خرج عن کونه رباً إذ فی الصورة الأولی تکون الزیادة فی مقابل الضمیمة و فی الثانیة کلّ جنس فی مقابل ما یخالفه حکماً تعبّداً و إن لم یکن کذلک عرفاً و فی قصد

ص: 87


1- . جواهر الکلام، ج24، ص 745.

المتعاملین و هذا حیلة تعبّدیة للفرار من الرّبا، الخ.(1)

أقول: المنصوص علیه فی الروایات إنّما هی الصورة الأولی ففی خبر الحسن بن صدقة عن أبی الحسن الرضا(علیه السلام) قال قلت له: جعلت فداک إنّی أدخل المعادن و أبیع الجوهر بترابه بالدنانیر و الدراهم، قال: لا بأس به، قلت: و أنا أصرف الدراهم بالدراهم و اصیّر الغلّة وضحاً و اصیّر الوضح غلّة، قال: إذا کان فیها ذهب فلا بأس، قال فحکیت ذلک لعمّار بن موسی الساباطیّ فقال لی کذا قال لی أبوه ثمّ قال لی الدنانیر این تکون قلت: لاادری. قال عمّار قال لی أبوعبدالله(علیه السلام) یکون مع الّذی ینقص(2)، و فی صحیحة الحلبیّ عن أبی عبدالله(علیه السلام) قال لا بأس بألف درهم و درهم بألف درهم و دینارین إذا دخل فیها دیناران أو أقلّ أو أکثر فلا بأس به.(3)

و أصرح من الکلّ صحیحة عبدالرحمن بن الحجّاج فقلت له اشتری ألف درهم و دیناراً بألفی درهم، فقال: لا بأس بذلک ان ابی کان اجرأ علی اهل المدینة منّی فکان یقول هذا فیقولون انّما هذا الفرار لو جاء رجل بدینار لم یعط ألف درهم و لو جاء بألف درهم لم یعط ألف دینار و کان یقول لهم نعم الشيء الفرار من الحرام الی الحلال.(4) و هذه الروایات کما تری کلّها ظاهرة أو صریحة فی الصورة الأولی دون الثانیة، الّلهم إلاّ أن یدلّ علی صحّة الصورة الثانیة الإجماع المستفیض الذی تقدّم عن الجواهر، فتأمّل.

ثمّ لایخفی علیک انّ المتیقّن ممّا دلّت علیه هذه الروایات انّما هی المعاملة النقدیّة فلا تشمل المعاملة التی تکون نسیئة و ذلک لوجهین: الأوّل ما أفاده المحقّق الخوئی بقوله: و لایمکن التخلّف من الربا ببیع مبلغ معیّن مع الضمیمة بمبلغ أکثر کان یبیع مأة

ص: 88


1- . العروة الوثقی، ج6، ص 66.
2- . وسائل الشیعة، کتاب التجارة، ب 2، من ابواب الربا، ح1.
3- . همان، ب 6، من ابواب الصرف، ح4.
4- . وسائل الشیعة، کتاب التجارة، ب 6، من ابواب الصرف، ح1.

دینار بضمیمة کبریت بمأة و عشرة دنانیر لمدّة شهرین فانّه قرض ربوی حقیقة و إن کان بیعاً صورة. انتهی.(1)

توضیحه انّه یعتبر فی تحقّق البیع تعدّد المبیع و الثمن و اختلافهما، فلو اتّحدا بطل البیع أی لم یتحقّق لأنّ الثمن الّذی هو کلیّ ینطبق علی المبیع المعیّن و زیادة فیصیر قرضاً ربویّاً حقیقة و إن ألبس ثوب البیع.

و أجیب عنه تارةً بکفایة المغایرة الناشئة من کون المثمن عیناً خارجیّة و الثمن أمراً کلیّاً فی الذمّة و مجرّد قابلیّته للانطباق ضمناً علی تلک العین لاینافی المغایرة المصحّحة لعنوان البیع و إلاّ للزم البناء علی عدم صحّة بیع القیمیّ بجنسه فی الذمّة مع الزیادة کبیع فرس بفرس فی الذمّة مع أنّ هذا منصوص علی جوازه فی بعض الروایات.(2)

أقول المنصوص علیه فی الروایات(3) جواز بیع الفرس بالفرسین و البعیر بالبعیرین أو الدابّة بالدابّتین أو الشاة بالشاتین أو البیضة بالبیضتین کلّها معرفة باللام فیمکن القول بأنّ اللام للعهد الحضوریّ أی هذه الدابّة المعیّنة المشاهدة بهاتین الدابّتین المشاهدتین و هکذا، فکلّ هذه الروایات وردت فی البیع نقداً لا نسیةً إلاّ أن یقال اللام للجنس و لایفید إلاّ تعریفاً لفظیّاً کما صرّح به ابن مالک فی شرح التسهیل و مال إلیه المحقّق الرضی فی شرح الکافیة و إن لم یصرّح به کثیر من النحویین کابن هشام فی المغنی.(4)

و أخری بالنقض علیه ببیع الدرهم بالدرهم و الدینار بالدینار بل کلّ منهما بالآخر الذی لاریب فی جوازه نصّاً و فتویً.(5)

ص: 89


1- . منهاج الصالحین، للسید الخوئی، ج1، ص 406.
2- . البنک اللاربوی، ص 169.
3- . وسائل الشیعة، کتاب التجارة، ب 16، ابواب الربا.
4- . شرح التسهیل، ج3، ص 311؛ شرح الکافیة، ج3، ص 239؛ شرح التصریح، ج2، ص 115.
5- . المسائل المستحدثة، ص 34، للسید الروحانی مدظله.

أقول أمّا بیع الدرهم بالدینار و بالعکس فلایجوز إلاّ إذا تقابضا فی المجلس کما هو صریح بعض الروایات(1) و به یقیّد إطلاق بعضها الآخر(2)

و التقابض فی المجلس لایمکن إذا کان الثمن و المثمن کلیّاً، فتأمّل. و أمّا بیع الفضّة بالفضّة و الذهب بالذهب أی الدرهم بالدرهم و الدینار بالدینار فالمصرّح به فی الروایات انّه لایجوز متفاضلاً.(3)

و بما انّ أوصافها مختلفة فبعضها طازجیّ و بعضها مندرس و بعضها عتیق و بعضها جدید و هکذا فبیع بعضها ببعض لایخلو غالباً عن اختلاف الثمن و المثمن فی الأوصاف التی تکون معتدّاً بها عرفاً و إن ألغاها الشارع. فتأمّل.

وثالثة بالنقض علیه بأنّ لازم هذا القول صحّة بیع عشرین کیلو من الحنطة نقداً بمثلها نسیئة بدعوی انّه قرض غیر ربوی حقیقة و إن کان بصورة البیع مع انّه من بیع أحد المثلین بالآخر مع زیادة حکمیّة فیکون من الرّبا المحرّم.(4)

و یمکن أن یجاب عنه بأنّ هذا بیع محرّم تعبّداً لما سیأتی من أنّ التعبّد فی البیع الربوی غیرعزیز. فتأمّل.

الوجه الثانی هو الذی أفاده الفقیه المدقّق الصدر قال: انّه لمّا کان القرض بمقتضی الأصل فی الارتکاز العقلائیّ هو تبدیل المال المثلی الخارجیّ بمثله فی الذمّة و تعمیمه للقیمیّات لیس إلاّ بنحو من العنایة فیصدق عرفاً عنوان القرض علی المعاملة التی تتکفّل بهذا التبدیل و لو کان المنشأ فیها عنوان التملیک بعوض، الخ.(5)

و حاول بعض الأعلام (مدظله) أن یجیب عنه فقال: المرتکز لدی العرف العامّ انّ صدق عنوان البیع أو القرض أو غیره من المعاملات منوط بکون المنشأ فیه مفهومه عن

ص: 90


1- . وسائل الشیعة، کتاب التجارة، ب2، من ابواب الصرف، ح3 و ح7.
2- . نفس المصدر، ب2، همان، ح11 و ح 12.
3- . نفس المصدر، ب1، ابواب الصرف.
4- . منهاج الصالحین، ج 1، ص 445، للسید السیستانی.
5- . البنک اللاربوی، ص 170.

جدّ، فإن کان مفهوم البیع کان بیعاً و لیس بقرض و لا غیره و إن کان مفهوم القرض فهو قرض و لا غیره. انتهی.(1)

أقول نسبة هذا الاتکاز إلی العرف الخاصّ أعنی الفقهاء أولی و أقرب منها إلی العرف العامّ کما لایخفی علی المتأمّل. هذا أوّلاً و ثانیاً لایتحقّق مفهوم البیع إذا کان بقصد الفرار من الربا.

فقد تحصّل انّ هذه الحیلة أی البیع مع الضمیمة إنّما تنفع فی الفرار من الرّبا المعاملی دون القرضي.

و السرّ فیه هو الذی أفاده الفقیه المحقّق الإمام الخمینی قال: انّ ما سمّاه الإسلام ربا و حرّمه قسمان: الأوّل الربا المعاوضیّ الجاری فی النقود و فی المکیل و الموزون کالحبوب و نحوها من المکیلات و الموزونات فقد منع الشرع الأنور التعامل بها إلاّ مثلاً بمثل و هذا القسم علی قسمین: أحدهما ما إذا کان بین المثلین تفاضل فی القیمة کالارز العنبر و الشنبه مثلاً و الصنف الأعلی من الحبوب و الأدنی فقد تکون قیمة الأعلی أضعاف الأدنی و کاللیرة الانجلیزیّة مع العثمانیّة و کالدراهم المخلتفة فی الجودة و الردائة و أمثال ذلک ممّا تختلف قیمتها السوقیّة و أظهر منها الحنطة و الشعیر و الأصول و الفروع و فرع أصل مع فرع آخر منه کالجبن مع الزبد و السمن ممّا ألحقها الشارع بالمثلین فمنع التعامل فیها إلاّ مثلاً بمثل مع ما تری من اختلاف القیم فیها. و ثانیهما ما لم یکن کذلک کالدینارین من واحد و کرّ من حنطة مع کرّ آخر من صنف واحد و صفة واحدة.

و القسم الثانی الربا القرضیّ ممّا حرم الشارع و شدّد علیه النکیر بما لا مزید علیه کتباً و سنةً و قد عدّ الکتاب أخذ الزیادة عن رأس المال ظلماً فقال تعالی شأنه:

ص: 91


1- . البنوک، ص 77.

«فَلَکُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِکُمْ لاَ تَظْلِمُونَ وَلاَ تُظْلَمُونَ». إلی أن قال: فهذه الأقسام التی ذکرناها منها ما لایکون بحسب العرف و عند العقلا من الرّبا و هو أول القسمین من القسم الأول فإنّ قیمة منّ من الارز العنبر إذا ساوت منّین من غیره لاتعدّ مبادلة منّ منه بمنّین ربا. إلی أن قال: بل لعلّ سرّ تحریم الشارع المقدّس المبادلة فیما یکال و یوزن مثلاً بمثل خارج عن فهم العقلا و إنّما هو تعبّد فالحیلة فی هذا القسم لا إشکال فیها. انتهی. (1)

2- بیع العینة

و منها أی الطرق المنصوصة للتخلّص من الربا بیع العینة و هو أن یبیع من رجل سلعة بثمن معلوم إلی أجل مسمّی ثمّ یشتریها منه بأقلّ من الثمن الذی باعها به فإن اشتری بحضرة صاحب العینة سلعة من آخر بثمن معلوم و قبضها ثمّ باعها المشتری من البائع الأوّل بالنقد بأقلّ من الثمن فهذا أیضاً عینة و هی أهون من الأولی و سمیّت عینة لحصول النقد لصاحب العینة لأنّ العین هو المال الخاصّ، انتهی کلام ابن الاثیر کما نقله العلاّمة المجلسیّ.(2) فیجوز للمقرض أن یبیع متاعاً من المقترض نسیئة ثمّ یشتریه منه بأقلّ من الثمن الذی باعه به و بذلک یحصل له زیادة دون الربا کما قال المحقّق البجنوردی: العینة عبارة عن بیع مال نسیئةً بقیمة أزید ممّا یباع نقداً فیکون الزائد مقابل ذلک الأجل الذی عیّنه فی بیعه نسیئة ثمّ یشتریه منه نقداً بقیمة أقلّ ممّا باعه و فی الواقع هذا القسم من البیع للفرار من الربا مع تحصیل ما هو نتیجتها من أخذ الزائد علی ما یعطی بعد مضیّ مدة. انتهی.(3)

و یدلّ علیه خبر أبی بکر الحضرمیّ الّذی حسّنه العلاّمة

ص: 92


1- . البیع، ج2، ص 544.
2- . مرآة العقول، ج 19، ص 223.
3- . القواعد الفقهیة، ج 4، ص 211.

المجلسی(1) قال قلت: لأبی عبدالله(علیه السلام) یکون لی علی الرجل الدراهم، فیقول لی: بعنی شیئاً اقضیک فابیعه المتاع ثمّ اشتریه منه و اقبض مالی، قال: لا بأس.(2)

نعم لایجوز ذلک فیما إذا اشترط علی المشتری أن یبیعه بأقلّ ممّا اشتری أو یشترط المشتری علی البائع أن یبیعه بأکثر ممّا باعه کما أفتی به المحقّق الخوئی و قال ببطلان البیع فی الفرضین.(3)

کما صرّح به فی خبر علیّ بن جعفر عن أخیه موسی بن جعفر:: قال سألته عن رجل باع ثوباً بعشرة دراهم ثمّ اشتری بخمسة دراهم، أیحلّ؟ قال: إذا لم یشترط و رضیا فلا بأس.(4)

فقد دلّ بمفهوم الشرط علی ثبوت البأس إذا اشترط البیع الثانی فی الأوّل فإن باع المقرض متاعاً من المقترض نسیئة بأکثر من قیمته السوقیّة ثمّ اشتراه منه نقداً بالدین الّذی فی ذمّة المقترض فقد ادّی دینه و اشتغلت ذمّته بدین جدید أکثر فلا إشکال فیه. و قد دلّت علیه معتبرة الحضرمیّ، قال: قلت لأبی عبدالله(علیه السلام) رجل یعیّن ثمّ حلّ دینه فلم یجد ما یقضی، أیتعیّن من صاحبه الذی عینّه و یقضیه؟ قال: نعم.(5)

قال العلاّمة المجلسی فی شرحه: و ذلک مثل أن یکون له علی رجل دین یطلبه منه و لیس عنده ما یقضیه کأن یکون له ألف درهم مثلاً فیقول له: أبیعک متاعاً یسوی ألف درهم بألف و مأتی درهم علی أن تؤدّی ثمنه بعد سنة، فإذا باعه المتاع یشتریه منه بألف درهم التی هی فی ذمّته فیکون قد قضی الدّین الأوّل و بقی علیه الألف و

ص: 93


1- . مرآة العقول، ج 19، ص 226.
2- . وسائل الشیعة، کتاب التجارة، ب6، ابواب احکام العقود، ح1.
3- . منهاج الصالحین، ج2، ص 42، للسید الخوئی.
4- . وسائل الشیعة، کتاب التجارة، ب5، من ابواب احکام العقود، ح6.
5- . نفس المصدر، ب6، من ابواب احکام العقود، ح2.

المأتان و هذا من حیل الربا. انتهی.(1)

و الحاصل انّ الّذی منعه خبر علیّ بن جعفر هو القرض الذی جرّ نفعاً و الّذی جوّزته معتبرة الحضرمیّ هو القرض الذی دفع ضرّاً، فافهم فانّه دقیق، لأنّ مماطلة الدین و عدم قضائه بعد حلوله ظلم علی المقرض کما انّ اشتراط الزیادة علی رأس المال ظلم علی المقترض و کلاهما قبیح عقلاً و حرام شرعاً. و قد قال الله تعالی: «فَلَکُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِکُمْ لاَ تَظْلِمُونَ وَلاَ تُظْلَمُونَ».

3- بیع المقرض متاعاً من المقترض بأکثر من قیمته

و منها أن یبیع المقرض متاعاً من المقترض بأکثر من قیمته السوقیّة و یشترط للمقترض التأخیر فی أداء القرض کما تدلّ علیه موثّقة محمد بن اسحاق بن عمار قال: قلت لأبی الحسن یکون لی علی الرجل دراهم، فیقول اخّرنی بها و أنا أربحک، فأبیعه جبّة تقوّم علیّ بألف درهم بعشرة آلاف دراهم أ و قال بعشرین ألف و أؤخرّه بالمال، قال: لا بأس.(2) و ذلک لأنّ الزیادة لم تقع فی قبال المدّة بل الزیادة جعلت بالشرط فی ضمن العقد.(3) و لایکون هذا من القرض الذی جرّ نفعاً بل دفع ضرّاً لأنّ التأخیر فی أداء الدین خسران علی المقرض دفعه بتلک الحیلة.

4- اشتراء المقترض متاعاً بأکثر من قیمته

اشارة

و منها أن یشتری المقترض متاعاً من المقرض بأکثر من قیمته السوقیّة و یشترط

ص: 94


1- . مرآة العقول، ج19، ص 226.
2- . وسائل الشیعة، کتاب التجارة، ب9 من ابواب احکام العقود، ح4.
3- . القواعد الفقهیة، ج 7، ص 272.

علیه أن یقرضه کذا مبلغاً أو یبیع المقترض متاعاً من المقرض بأقلّ من قیمته السوقیّة و یشترط علیه أن یقرضه کذا مبلغاً لمدّة یتّفقان علیها کما أفتی به المحقّق الخوئی قال و مثل البیع الهبة بشرط القرض(1)

و تابعه شیخنا الاستاد(مدظله) قال و کذلک بالاشتراط فی ضمن مثل الإجارة و الصلح.(2)

و استدلّ لهذه الحیلة بعض المعاصرین بروایة زعمها صحیحة و هی روایة محمد بن اسحاق بن عمّار قال: قلت لأبی الحسن(علیه السلام) ان سلسبیل طلبت منّی مأة ألف درهم علی أن تربحنی عشرة آلاف فأقرضتها تسعین ألفاً و أبیعها ثوباً وشیّا قوّم علیّ بألف درهم بعشرة آلاف درهم، قال لابأس(3).

(4)

أقول: الروایة ضعیفة بعلیّ بن حدید(5)

کما صرّح العلاّمة المجلسی بضعف سندها(6)

و لکنّها معتبرة لأنّها وردت فی الکافی الشریف و لم یعرض عنها المشهور و قد أفردنا رسالة فی أنّ الروایات الموجودة فی الکتب المعتبرة حجّة ما لم یعرض عنها المشهور أو لم تکن معارضة. و لکنّ الروایة تدلّ علی جواز الشقّ الأوّل أی اشتراء متاع من المقرض بأکثر من قیمته بشرط أن یقرضه و هذا جائز لأنّه لیس قرضاً جرّ نفعاً بل شراء جرّ قرضاً. إلاّ أن یقال هذا قرض حقیقة و إن ألبس ثوب البیع و الشراء لأنّ المقترض یضمن للمقرض أن یؤدّی مثل ما اقترضه و زیادة و هی اشتراء متاع بأکثر من قیمته فیصدق علیه عرفاً انّه قرض جرّ نفعاً و لعلّه لهذا استشکل فیه بعض

ص: 95


1- . منهاج الصالحین، ج1، ص 406، للسید الخوئی.
2- . منهاج الصالحین مع حواشی الشیخ الوحید الخراسانی، ج2، ص 459.
3- . وسائل الشیعة، کتاب التجارة، ب9، ابواب احکام العقود، ح1.
4- . فقه الربا و البنوک، ص 241.
5- . قاموس الرجال، ج 7، ص 395؛ معجم رجال الحدیث، ج12، ص 331.
6- . مرآة العقول، ج19، ص 227.

الاعاظم(مدظله) فقال: لکنّه لایخلو من إشکال و الأحوط لزوماً الاجتناب عنه و مثله الحال فی الهبة و الاجارة و الصلح بشرط القرض. انتهی.(1)

و أمّا الاستشکال فیه بالإجماع علی عدم جواز القرض بشرط البیع محاباةً بل کل معاملة محاباتیّة کالصلح و الهبة بضمیمة ما یظهر من جماعة کما نقله فی مفتاح الکرامة من انّ البیع بشرط القرض کالقرض بشرط البیع فلایخفی ما فیه. کما یظهر ممّا نقله صاحب الجواهر عن العلاّمة فی المختلف ان قال: المشهور بین علمائنا الماضیین و من عاصرناه إلاّ من شذّ انّه یجوز بیع الشيء الیسیر بأضعاف قیمته بشرط أن یقرض البائع المشتری شیئاً. انتهی.(2)

استمهال المقترض بشرط الزیادة

نعم لو استمهل المقترض من المقرض و اشترط له زیادة فاحتال المقرض بأن باعه شیئاً بأضعاف قیمته و اشترط له أی للمقترض أن یؤخّر دینه إلی سنة مثلاً لکان جائزاً لأنّه لیس قرضاً جرّ نفعاً بل قرض دفع ضرّاً و هذا هو مورد أکثر الروایات الواردة فی الباب التاسع من أبواب أحکام العقود من الوسائل، فراجع.

فما قیل من أنّ فی حکم جعل القرض شرطاً فی المعاملة المحاباتیة جعل الامهال فی أداء الدین شرطاً فیها(3)

فکأنّه اجتهاد فی مقابل النصّ کما قال المحقّق البجنوردی: و الانصاف أنّ صرف النظر عن تلک الأخبار الکثیرة و القول بحرمة أمثال هذه المعاملات جرأة و یکون من عدم الاعتناء بالأخبار الصادرة عن الأئمّة الأطهار مع انّها مخالفة للتقیّة. انتهی.(4)

ص: 96


1- . منهاج الصالحین، ج1، ص 430، للسید السیستانی.
2- . جواهر الکلام، ج 26، ص 124.
3- . منهاج الصالحین، ج1، ص 430 للسید السیستانی.
4- . القواعد الفقهیة، ج7، ص 275.

و أمّا الشقّ الثانی و هو أن یبیع المقترض متاعاً من المقرض بأقلّ من قیمته و یشترط علیه أن یقرضه فهو جائز بناءً علی ما تقدّم فی الأمر الرابع من المقدّمة و هو انّ الثمن یقسّط علی المبیع و علی الشرط فهو بیع جرّ قرضاً لا قرض جرّ نفعاً کما قال المحقّق البجنوردی: ظاهر الأخبار انّ فساد المعاملة لیس بصرف أخذ الزیادة عمّا أعطی المقرض بل الفساد یأتی من ناحیة شرط الزیادة فالقرض بشرط أن یعامل المقرض معه معاملة فی باقیه من بیع أو إجارة أو غیرها حیث انّه موجب لحصول الزیادة بالشرط یکون باطلاً و فاسداً و المعاملة الأخری «غیر القرض» بشرط القرض حیث لیس قرضاً مشروطاً لا وجه لبطلانه و فساده. انتهی.(1)

فالمتحصّل انّ القرض بشرط المعاملة المحاباتیّة قرض جرّ نفعاً فهو حرام و المعاملة بشرط القرض فإن کان اشتراء شيء بأکثر من قیمته ففیه إشکال لاحتمال رجوعه إلی القرض الذی یجرّ نفعاً و إن کان بیع شیء بأقلّ من قیمته فلا إشکال فیه لأنّه بیع جرّ قرضاً و إن کان بیع شيء بأکثر من قیمته بشرط التأخیر فی أداء الدین فهو جائز لأنّه قرض دفع ضرّاً لا جرّ نفعاً.

5 - بیع الجنس الربوی بثمن من غیر جنسه

ومنها ما ذکره صاحب العروة و هو أن یبیع الجنس الربوی بثمن من غیر جنسه من زید ثمّ یشتری منه من ذلک الجنس أزید من الأوّل أو أقلّ منه بذلک الثمن أو بغیره کما إذا باع منّاً من الحنطة بستّ قرانات من زید ثمّ اشتری منّین منها بذلک الستّ أو بغیره أو بالعکس. إذ حینئذٍ لم یکن من بیع المنّ بالمنّین أو بالعکس و لا فرق فی ذلک

ص: 97


1- . نفس المصدر، ج7، ص 287.

بین أن یشترط البیع الثانی فی البیع الأوّل أو لا. الخ.(1)

أقول: أصرح روایة تُوهم جواز هذه الحیلة هی ما رواه الکلینی عن محمد بن یحیی عن احمد بن محمد عن ابن أبی عمیر عن أبان بن عثمان عن بعض أصحابنا عن أبی عبدالله(علیه السلام) فی الرجل یسلم الدراهم فی الطعام إلی أجل فیحل الطعام فیقول لیس عندی طعام انظر ما قیمته فخذ منّی ثمنه فقال: لا بأس بذلک.(2)

و لایضرّها الإرسال لأنّ ابان بن عثمان ممّن أجمعت العصابة علی تصحیح ما یصحّ عنهم و لذا عبّر عنها العلاّمة المجلسی بالمرسل کالموثّق(3) و تقریب الاستدلال انّ الروایة ظاهرة فی جواز معاوضة الدراهم التی اسلمها بدراهم أکثر منها.

و لایخفی ما فیه لأنّها مطلقة تشمل معاوضة الدراهم بدنانیر و هذا الإطلاق یقیّد بروایة علیّ بن جعفر قال سألته عن رجل له علی آخر تمر أو شعیر أو حنطة أیأخذ بقیمته دراهم؟ قال: إذا قوّم دراهم فسد لأنّ الأصل الذی یشتری به دراهم فلایصلح دراهم بدراهم.(4) و لم یکن فی سندها من یخدش فیه إلاّ بنان بن محمّد و هو ثقة علی الأظهر کما حقّقه المحدّث النوری.(5) فإطلاق روایة ابان یقیّد بروایة علیّ بن جعفر کما حکی عن شیخ الطائفة ان قال فی التهذیب: الذی افتی به ما تضمّنه هذا الخبر الأخیر: «خبر علیّ بن جعفر» من انّه إذا کان الذی اسلف فیه دراهم لم یجز أن یبیعه علیه بدراهم لأنّه یکون قد باع دراهم بدراهم و ربّما کان فیه زیادة و نقصان و ذلک ربا،

ص: 98


1- . العروة الوثقی، ج6، ص 76.
2- . وسائل الشیعة، کتاب التجارة، ب11، من ابواب السلف، ح5.
3- . مرآة العقول، ج19، ص 191.
4- . وسائل الشیعة، کتاب التجارة، ب11، من ابواب السلف، ح12.
5- . خاتمة المستدرک، ج3، ص 340.

الخ.(1) هذا أولاً و ثانیاً لاتدلّ روایة أبان إلاّ علی جواز المعاوضة علی المسلم فیه إذا تعذّر بعد حلول أجله بسعر الوقت و لاتدلّ علی جواز هذه المعاوضة إذا تبانی علیه المتبایعان من أوّل الأمر لأنّه من قبیل ربح ما لم یضمن الذی تقدّم فی الأمر الثانی عشر من المقدّمة بطلانه و حرمته. بل دلّت علی حرمته بالخصوص صحیحة محمّد بن قیس عن أبی جعفر(علیه السلام) قال قال أمیر المؤمنین(علیه السلام): من اشتری طعاماً أو علفاً إلی أجل فلم یجد صاحبه و لیس شرطه إلاّ الورق و إن قال خذ منی بسعر الیوم ورقاً فلا یأخذ إلاّ شرط طعامه أو علفه فإن لم یجد شرطه و أخذ ورقاً لامحالة قبل أن یأخذ شرطه فلا یأخذ إلاّ رأس ماله لاتَظلمون و لاتُظلمون.(2)

و هذه الصحیحة صریحة فی عدم جواز المعاوضة علی المسلم فیه بأزید منه و لو عند التعذّر و من دون التبانی فضلاً عمّا إذا تبانیا علیه من أول الأمر کما هو صریح ما حکیناه عن صاحب العروة و تابعه بعض المعاصرین استظهاراً من روایة ابان و ترجیحاً لها علی روایة علیّ بن جعفر.(3)

فان روایة ابان لیست ظاهرة فی معاوضة الدراهم بالدراهم کما ادّعاها الفاضل المعاصر، هذا أوّلاً و ثانیاً لم تدل هذه الروایة إلاّ علی جواز المعاوضة عند التعذّر و ثالثا لو سلّمنا دلالتها علی جواز المعاوضة مطلقاً کما ادّعاها هذا الفاضل فلاتقاوم صحیحة محمّد بن قیس و سائر الأدلة التی دلّت بالصراحة علی بطلان و حرمة ربح ما لم یضمن کما تقدّم فی الأمر الثانی عشر فراجع. و قد قوّی فی الجواهر(4) جواز بیع المسلم فیه و إن لم یقبضه علی من هو علیه و علی غیره بجنس الثمن و مخالفه بالمساوی له أو بالأقلّ

ص: 99


1- . مرآة العقول، ج16، ص 191.
2- . وسائل الشیعة، کتاب التجارة، ب11، من ابواب السلف، ح15.
3- . فقه الربا و البنوک، ص 261.
4- . جواهر الکلام، ج 25، ص 614.

أو بالأکثر ما لم یستلزم الربا سواء کان المسلم فیه طعاماً أو غیره مکیلاً أو موزوناً أو معدوداً أو غیره و استدلّ علیه بعموم الأدلّة و بخصوص روایة ابان بن عثمان، فراجع. فالاستدلال بهذه الروایة علی جواز بیع المسلم فیه قبل قبضه ما لم یستلزم الربا ظاهر فیما استظهرناه منها أعنی جواز المعاوضة علی المسلم فیه بأکثر إذا تعذّر بعد حلول أجله لا مطلقاً و فراراً من الربا. نعم صرف صاحب الجواهر(قدس سره) صحیحة محمّد بن قیس عن ظاهرها فقال: و المراد من خبر محمّد بن قیس ان المسلم إذا لم یوجد شرطه لآفة فی المسلم فیه أو لعدم مطالبته به إلاّ بعد انقطاعه و لم یرد الانتظار إلی زمن حصول شرطه بل أراد الورق فلیس له أن یأخذ إلاّ رأس ماله لایظلم و لایظلم فیفسخ العقد حینئذٍ و یستردّ الثمن لا انّ المراد بیعه علیه برأس ماله، الخ.(1) و هذا الحمل و إن کان خلاف ظاهر الروایة و لکن لایضرّ بما نحن بصدده من انّ روایة ابان لم ترد فی الحیل الربویّة و لا تدلّ علی ما زعمه الفاضل المعاصر بل علی خلاف مطلوبه ادلّ لمن أمعن فیها النظر.

القسم الثانی من وجوه التخلّص من الرّبا

اشارة

فهی التی لم ینصّ علیها فی الروایات بل الفقهاء ذکروها اجتهاداً و هی کثیرة نذکر أهمّها:

الأوّل: بیع الدین بأقلّ منه نقداً « تنزیل الصکوک»

و یعبّر عنه فی زماننا هذا بتنزیل الصکوک فلیعلم انّ بیع الدین أقسام:

1- بیع الدین بالدین. و هو غیر جائز إجماعاً و تدلّ علیه قبل الإجماع معتبرة

ص: 100


1- . نفس المصدر، ج 25، ص 622.

طلحة بن یزید رواها فی الکافی عن محمد بن یحیی عن احمد بن محمد عن ابن محبوب عن ابراهیم بن مهزم عن طلحة بن یزید عن أبی عبدالله(علیه السلام) قال: قال رسول الله(صلی الله علیه و آله): «لایباع الدّین بالدّین».(1) و لیس فی سند الروایة من یخدش فیه إلاّ طلحة و هو و إن کان عامیاً لم یصرّح بتوثیقه إلاّ انّ کتابه معتمدعلیه کما قال الشیخ فی الفهرست.(2) و لذا عبرّ عنها العلامة المجلسی بالضعیف کالموثّق(3)

و قد قلنا انّ الروایات الموجودة فی الکتب المعتبرة حجّة ما لم یعرض عنها المشهور أو لم تکن معارضة.

2- بیع الدّین من الدّائن بأقلّ منه نقداً أی تعجیل الدین المؤجّل بنقصان مع التراضی و لا اشکال فیه بحسب القواعد و تدلّ علیه صریحاً صحیحة الحلبی عن أبی عبدالله(علیه السلام) قال سُئل عن الرجل یکون له دین إلی أجل مسمّی فیأتیه غریمه فیقول انقدنی من الذی لی کذا و کذا و اضع لک بقیّته أو یقول انقد لی بعضاً و امدّ لک فی الأجل فیما بقی علیک، قال: لا أری به بأساً ما لم یزد علی رأس ماله شیئاً یقول الله: لکم رؤوس أموالکم لاتظلمون ولاتظلمون.(4)

3- بیع الدین علی من هو علیه بأقلّ منه و لا إشکال فیه حسب القواعد لأنّ الربا هو شرط الزیادة للمقرض علی المقترض و هذا شرط للمقترض فهو نظیر البرات جائز بلا إشکال.

4- بیع الدین بأقلّ منه نقداً من شخص ثالث غیر الدائن فقد اختلفوا فیه. فالمشهور هو الجواز للأصل و الإطلاقات و العمومات ولایلزم الربا المعاملی لفرض عدم کون

ص: 101


1- . وسائل الشیعة، کتاب التجارة، ب15، من ابواب الدین والقرض، ح1.
2- . الفهرست، ص 86.
3- . مرآة العقول، ج16، ص 52.
4- . وسائل الشیعة، کتاب الصلح، ب7، ح1.

العوضین من المکیل أو الموزون بل من النقود الورقیّة المعدودة و لا الربا القرضی لفرض انّ العنوان هو البیع دون القرض. انتهی ما أفاده الفقیه السبزواری.(1)

کما قال الشیخ الفقیه الحلی ما هذا لفظه: و هی «الکمبیالات» المعبّر عن وجود قرض حقیقی بین الدائن و المدین فیمثّل لها بما لو کان لزید فی ذمّة شخص آخر مبلغ قدره مأة دینار و موعد استحقاق هذا القرض بعد مرور ثلاثة أشهر من تاریخ حصول المداینة بین الطرفین و فی هذه الحالة یأخذ زید الورقة المذکورة لینزلّها عند شخص ثالث بمبلغ ثمانیة و تسعین دیناراً و لابدّ لحامل الورقة و الشخص الثالث بعد ذلک مطالبة المدین بالمبلغ المذکور و هو المأة دینار فی الموعد المحدّد و من الواضح عدم تحقّق الربا فی هذه الصورة و إن تحقّق الزیادة لأنّ هذه العملیة من صغریات مسئلة بیع الدین بأقلّ منه مع انّ الدین لم یکن من جنس ربوی بل هو من الأوراق غیر المکیلة و لا الموزونة و فی الوقت نفسه لا قرض فی البین لیتحقّق الربا لیقال انّ وجود القرض مع الفرق یحقّق الزیادة حتّی و لو لم یکن الموضوع مکیلاً أو موزوناً بل هو بیع لماله بذمّة الآخر إلی أجل.(2)

و لکن الشیخ خالف المشهور فأفتی فی النهایة بأنّ من باع الدین أقلّ ممّا له علی المدین لم یلزم المدین أکثر ممّا وزن المشتری من المال.(3) و تابعه السید الشهید الصدر فقال: و لکن أصل تخریج خصم الکمبیالة علی أساس بیع الدین بأقلّ منه موضع بحث لأنّ هذا المبلغ و إن لم یکن ربویّاً لأنّ الدین المبیع لیس من الذهب و الفضّة و لکن هناک روایات خاصّة دلّت علی انّ الدائن إذا باع دینه بأقلّ منه فلا یستحقّ المشتری

ص: 102


1- . مهذب الاحکام، ج17، ص 273.
2- . بحوث فقهیة، ص 121 – 119.
3- . النهایة، ص 311؛ الجواهر، ج26، ص115.

من المدین إلاّ بقدر ما دفع إلی البائع و یعتبر الزائد ساقطاً من ذمّة المدین رأساً. انتهی.(1) و تابعه بعض الاعلام(مدظله).(2)

أقول مستند هذا القول روایتان رواهما ثقة الاسلام الکلینی عطّرالله تعالی مرقده فی باب بیع الدین بالدین، إحدیهما رواها عن محمد بن یحیی عن احمد بن محمد عن الحسن بن علی عن محمد بن الفضیل عن أبی حمزه قال سألت أبا جعفر(علیه السلام) عن رجل کان له علی رجل دین فجائه رجل فاشتراه منه بعرض ثمّ انطلق إلی الذی علیه الدین فقال له: اعطنی ما لفلان علیک فانّی قداشتریته منه، کیف یکون القضا فی ذلک؟ فقال أبوجعفر(علیه السلام): یردّ الرجل الذی علیه الدین ماله الذی اشتری به من الرجل الذی له الدین.(3) و هذه الروایة ضعیفة لأن أباحمزة إن کان هو الثمالی الراوی عن الإمامین الهمامین السجاد و الباقر8 فکیف نقل عنه بلاواسطة محمد بن الفضیل الراوی عن الامام الرضا(علیه السلام) و إن کان هو شخصا آخر روی عن أبی جعفر الثانی(علیه السلام) فهو مجهول، فتصحیح السند بتوهّم انّه الثمالی الثقة لاینبغی صدوره من بعض المعاصرین.(4) و أمّا دلالتها علی هذا القول فلیس بذلک الوضوح.

و ثانیها رواها عن محمد بن یحیی و غیره عن محمد بن احمد عن محمد بن عیسی عن محمد بن الفضیل قال: قلت للرضا(علیه السلام) رجل اشتری دیناً علی رجل ثمّ ذهب إلی صاحب الدین فقال له: ادفع ما لفلان علیک فقد اشتریته منه، قال: یدفع إلیه قیمة ما دفع إلی صاحب الدّین و برئ الذی علیه المال من جمیع ما بقی علیه.(5) و هذه الروایة

ص: 103


1- . البنک اللاربوی، ص 152.
2- . البنوک، ص 118.
3- . وسائل الشیعة، کتاب التجارة، ب 15، من ابواب الدین والقرض، ح2.
4- . فقه الربا و البنوک، ص 279.
5- . وسائل الشیعة، کتاب التجارة، ب 15، من ابواب الدین والقرض، ح3.

صحیحة لأنّه لیس فی سندها من یخدش فیه إلاّ محمد بن الفضیل و الظاهر انّه محمد بن القاسم بن الفضیل بقرینة روایته عن أبی الحسن الرضا(علیه السلام) و هو ثقة. و أمّا دلالتها فواضحة.

قال بعض الأعلام(مدظله): إنّ المستفاد من الروایة أمور: الأول بطلان بیع الدّین نقداً بأقلّ منه، الثانی: برائة ذمّة المدین من الدائن المستفید، الثالث: اشتغال ذمّته للمشتری بمقدار ما دفعه إلی المستفید دون الأکثر. انتهی.(1)

أقول لا دلالة للروایة علی انّها وردت فی بیع الدّین نقداً فقد رواها الکلینی فی باب بیع الدّین بالدّین فالمظنون انّ موردها فی الأصل الذی نقلها عنه الکلینی هو بیع الدّین بالدّین، هذا أولاً و ثانیاً هذه الروایة تعم المعدود و غیره فتخصّص بالروایات الکثيرة المصرّحة بجواز بیع المعدود بمثله متفاضلاً.(2)

نعم لایجوز بیع المعدود بمثله متفاضلاً إذا کان الثمن کلیّاً فی الذمّة إلاّ بالوصف کما تقدّم و ثالثاً المشهور أعرضوا عنها حتّی انّ الشیخ لم یعمل بها إلاّ فی الموزون دون المعدود کما هو صریح عبارته المتقدّمة.(3) و هذه هی الثغرات التی أشار إلیها السید الشهید الصدر بقوله: و بالرغم من بعض الثغرات فی الاستدلال بهاتین الروایتین فأنّی شخصیّاً لا انسجم نفسیّاً و لا فقهیّاً مع الأخذ بالرأی المعاکس و لا اجد فی نفسی و حدسی الفقهی ما یبرّر لی بوضوح ترک هاتین الروایتین و الأخذ برأی یناقضهما. انتهی.(4)

لکنّه(قدس سره) لم یفت فی حواشیه علی المنهاج بمضمون الروایتین فعلّق علی کلام الماتن: یصحّ بین الدین بالحاضر و إن کان أقلّ

ص: 104


1- . البنوک، ص 119.
2- . وسائل الشیعة، کتاب التجارة، ابواب الربا، ب6و ب16 و ب17.
3- . جواهر الکلام، ج26، ص 115.
4- . البنک اللاربوی، ص 153.

بقوله: و فی هذه الحالة الأحوط استحباباً للمشتری أن لایأخذ من المدین إلاّ ما یعادل ما دفعه إلی الدائن فی القیمة. انتهی.(1)

الثانی: الاستیلاء علی مجهول المالک

من طرق التخلّص من الربا غیر المنصوصة هو الاستیلاء علی مجهول المالک کما أفتی به المحقّق الخوئی(قدس سره) قال: لایجوز الاقتراض منه «البنک الحکومی» بشرط الزیادة لأنّه ربا بلا فرق بین کون الاقراض مع الرهن أو بدونه، نعم یجوز قبض المال منه بعنوان مجهول المالک لا القرض بإذن الحاکم الشرعی أو وکیله و لا یضرّه العلم بأنّ البنک یستوفی الزیادة منه قهراً فلو طالبه البنک جاز له دفعها حیث لایسعه التخلّف. انتهی.(2)

أقول هذا الوجه مبتنٍ علی عدم مالکیّة الدولة و سائر الشخصیّات الحقوقیّة و قد زیّفناه فی الأمر العاشر من المقدّمة. أمّا لو فرضنا عدم مالکیّة الدولة و البنک و أنّ الأموال المجموعة فی البنوک الحکومیة بحکم المجهول مالکه فالإذن من الحاکم الشرعی و إن کان هو الأحوط لکنّ الافتاء بوجوب الاستئذان منه و عدم جواز التصرّف فیه بدون الإذن من الحاکم الشرعی منافٍ لما أفتی به من عدم ثبوت ولایة الحاکم الشرعی علی مجهول المالک، قال: و دعوی انّ الحاکم ولیّ الغائب دعوی غیر صحیحة لأنّ ولایته علی الغائب إنّما هی من جهة الحسبة فلا بدّ من الاقتصار فیها علی المورد المتیقّن و هو ما إذا لم یکن له ولیّ آخر غیر الحاکم و قد عرفت انّ الروایات المتقدّمة قد أثبتت ولایة مجهول المالک لمن وضع یده علیه فلا تصل النوبة إلی غیره

ص: 105


1- . منهاج الصالحین. للسید الحکیم، ج2، ص 288.
2- . منهاج الصالحین، للسید الخوئی، ج1، ص407.

کما انّه لاتثبت للحاکم ولایة علی الیتیم مع وجود الجدّ له. انتهی.(1)

و قال: و کما لایجب دفع مجهول المالک إلی الحاکم فکذلک لایجب تحصیل الإجازة منه فی إیصاله إلی موارده، الخ.(2) أقول: بعض الروایات صریحة فی أنّ مجهول المالک ملک الإمام(علیه السلام) و بضمیمة أنّ المتصدّی و المتولّی لأموال الإمام(علیه السلام) فی عصر الغیبة هو الفقیه الثقة الأمین یتمّ المطلوب أی لابدّ من الاستئذان من الحاکم الشرعی للتصرّف فیه و لإیصاله إلی موارده. و الروایة المشار إلیها هی التی رواها الکلینی عطرالله تعالی مرقده عن محمد بن یحیی عن أحمد بن محمد عن موسی بن عمرو عن الحجال عن داود بن أبی یزید عن أبی عبدلله(علیه السلام) قال قال رجل انّی قد اصبت مالاً و انّی قد خفت فیه علی نفسی و لو اصبت صاحبه دفعته إلیه و تخلّصت منه. قال قال أبوعبدالله(علیه السلام): والله أن لو اصبته کنت تدفعه إلیه، قال: ای والله، قال: فانا والله ماله صاحب غیری قال فاستحلفه أن یدفعه إلی من یأمره قال فحلف. فقال فاذهب فاقسمه فی اخوانک و لک الأمن ممّا خفت منه قال فقسمته بین اخوانی.(3)

و الروایة معتبرة لأنّه لیس فی سندها من یخدش فیه غیر موسی بن عمر و هو ثقة علی ما حقّقه المحدّث النوری.(4)و

أمّا الحجال فالظاهر بقرینة روایته عن أصحاب الصادق(علیه السلام) انّه هو عبدالله بن محمد بن الاسدی الذی هو من أصحاب الرضا(علیه السلام) و وثّقه النجاشی و الشیخ کما فی خاتمة الوسائل.(5)

فلا وجه لمناقشة بعض مشایخنا فی سندها.(6)

ص: 106


1- . مصباح الفقاهة، ج1، ص799.
2- . نفس المصدر، ص 800.
3- . وسائل الشیعة، اللقطة، ب7، ح1.
4- . خاتمة المستدرک، ج2، ص 465.
5- . وسائل الشیعة، ج30، ص 413.
6- . ارشاد الطالب، ج2، ص 214.

الثالث: إیداع النقود الورقیّة فی البنوک

من الوجوه الغیر المنصوصة أن یکون إیداع النقود الورقیة فی البنوک بعنوان الودیعة و یقرّر بوجهین:

التقریر الأوّل للإیداع

ما أفاده سیّد مشایخنا(مدظله) و إلیک نصّ عبارته: ان یکون بعنوان الودیعة و الأمانة الشرعیّة و ان کان لایجوز ان یتصرّف فیها الأمین الاّ انّه إذا لم یأذن صاحب المال فمع إذنه کما فی الودائع لدی البنوک جاز التصرف و الإذن المذکور لیس إذناً فی التملّک حتّی یقال انّه ان کان مجانیّاً لزم منه عدم استحقاق صاحب المال شیئاً علی البنک و إن کان ضمانیّاً کان ذلک قرضاً بل هو أذن فی التصرّف مع بقاء المال علی ملک صاحبه. فان قیل انه لایمکن تنزیل معاملات البنوک علی هذه الصورة لأنّ لازم ذلک کون ما یشتریها البنک بإزائها لأصحاب تلک الأموال و لایعقل کونه للبنک إذ کیف یجتمع إباحة التصرّفات الناقلة مع کون العوض ملکاً للمتصرف لانّه لابدّ ان یدخل أحد العوضین فی ملک من خرج العوض الآخر عن ملکه لانّ طبیعة المعاوضة تقتضی ذلک. أجبنا عنه انّه لیس هناک تصرّف متوقّف علی الملک حتّی البیع فانّه عبارة عن اعطاء شيء بعوض و لم یؤخذ فی مفهومه المعاوضة... فلصاحب المال أن یأذن للبنک فی التصرف فیما یودعه حتّی التصرفات الناقلة غایة الأمر انه لایکون إذنا فی التصرّف الناقل مجاناً بل بعوض.... أنّ البنک یلتزم بإعطاء مبلغ یختلف باختلاف المدّة التی یکون المال فیها مودعاً. الخ.(1)

أقول: یرد علیه مضافاً إلی ما تقدّم من انّ کلّ معاملة یکون مفادها تبدیل المال

ص: 107


1- . المسائل المستحدثة، ص 61.

بمثله فی الذمّة فهو قرض بحسب الارتکاز العقلائی و إن ألبس ثوب البیع أو الودیعة ان المتداول بین المودعین و البنوک انّه کلّما یزید المودع فی المدة یزید البنک فی الفائض و هل هذا إلاّ قرض ربوی؟!

التقریر الثانی للإیداع:

ما أفاده الفقیه المدقّق الصدر(قدس سره) و نأتی به ملخّصاً و هو ان الأموال المودعة فی البنوک ودائع حقیقة و هی باقیة علی ملک أصحابها و انّهم أذنوا للبنک فی التصرّف فیها مع الاحتفاظ بملکیّتهم لها و البنک ضامن لهذه الأموال الخارجیّة بمعنی أنّ البنک یتعهّد حفظ مالیة المال و یشترط البنک فی ضمن هذا الضمان علی المودع أن یکون الثمن ملکاً له بنحو شرط النتیجة بان ینتقل إلیه الثمن فی طول انتقاله إلی المودع و أمّا دفع البنک مبلغاً محدّدا للمودع فیمکن تفسیره علی أساس انّه استثناء من شرط النتیجه المتقدّم بمعنی أنّ البنک یشترط أن یکون مالکاً لما یزید علی المقدار الذی یدفعه إلی المودع من الربح. انتهی ملخّصاً.(1)

أقول: یرد علیه انّ ضمان مالیة المال شریطة أن ینتقل إلی الضامن ثمنها الاّ شیئاً یسیراً کما هو المتداول فی البنوک یکون مناط الربا و هو الظلم فیه موجوداً فلا یخلو عن إشکال.

الرابع: الوکالة

بینّها السید الشهید الصدر فقال: یمکن للبنک أن یعتبر نفسه وکیلاً عن المودعین فی الأقراض من أموالهم فهو حین یقرض من الودائع التی لدیه یحتفظ لهذه الودائع بملکیة أصحابها الأوّلین لها و یقرض منها باعتبار کونه مخوّلاً فی ذلک من قبل أصحابها

ص: 108


1- . البنک اللاربوی، ص 201.

فیکون الدائن و المقرض حقیقة هو المودع لا البنک و انّما یکون البنک وکیلاً عن المقرض و مفوّضاً من قبله فی اقراض ماله بالشکل الذی یرتیئه و فی هذه الحالة یمکن للبنک أن یشترط علی المقترض ضمن عقد القرض أن یدفع زیادة علی المبلغ المقترض لدی الوفاء لکن لا للدائن الذی هو المودع بحسب الفرض بل للبنک نفسه و لیس هذا ربا لانّ الربا هو الزیادة التی یشترطها صاحب المال المقرض لنفسه علی المقترض و فی هذا الفرض لم یجعل للمقرض أیّ حقّ فی الزیادة و انّما فرض علی المقترض أن یدفع الزیادة إلی شخص آخر غیر الدائن الحقیقی فهو من قبیل أن زیداً یقرض خالداً دیناراً و یشترط علیه ان یدفع درهماً للفقیر. ثمّ استشکل فی هذا الوجه ببعض الروایات الظاهرة فی عدم جواز شرط الزیادة فی القرض مطلقاً.(1)

أقول الروایة المشار إلیها هی معتبرة محمد بن قیس عن أبی جعفر(علیه السلام) قال من أقرض رجلاً ورقاً فلایشترط الاّ مثلها فان جوزی اجود منها فلیقبل و لا یأخذ احد منکم رکوب دابة او عاریة متاع یشترط من أجل قرض ورقه.(2)

إذا استفدنا انّ ایّ شرط لایجوز إلاّ شرط استرجاع مثل المال المقترض فلایصحّ اشتراط المنفعة لغیر المال فی عقد القرض أیضاً.(3)

أقول ذیل الروایة صریح فی الاشتراط للمقرض فیحتمل أن یکون قرینة للصدر فتصیر مجملة لایمکن التمسّک بها فی عدم جواز اشتراط المنفعة لغیر المقرض و لکنّا لانجوّز هذه الحیلة لانّه مشمول للنهی النبوی عن ربح ما لم یضمن لانّ صاحب المال و وکیله أی البنک یضمّنان المقترض أی البنک وکالة عن المودع یحکم بضمان المقترض

ص: 109


1- . نفس المصدر، ص 173.
2- . وسائل الشیعة، کتاب التجارة، ب 19، من ابواب الدین والقرض، ح11.
3- . البنک اللاربوی، ص 173.

المستثمر فلایجوز له شرط الربح لما تقدّم تفصیله فی الأمر الثانی عشر من المقدّمة فراجع.

الخامس: بیع الخیار

حکی عن الفقیه التقیّ الزکیّ السیّد الواعظ البسهودی(قدس سره) و هو أن یبیع صاحب المال داره أو بستانه أو سیارته ببیع الخیار بألف دینار مثلاً علی أنّه إن ارجع المبلغ المذکور إلی المشتری لحدّ سنة مثلاً فالدار له ثمّ استأجرها البائع من المشتری إلی سنة بمأة دینار و بذلک یحصل لصاحب المال زیادة من دون ربا و هذا طریق حسن جیّد للتخلّص من الرّبا.

السادس: بیع المرابحة

أی بیع البنک متاعاً مرابحة بثمن مؤجّل علی العمیل بعد شراء ذلک المتاع لنفسه نقداً بجعالة من العمیل و أوضحه بعض الاعلام(مدظله) بقوله: و هو أنّ البنک بدلاً من ان یقرض عملائه بفائدة ربویة لکی یقوموا بشراء حاجیاتهم الشخصیة أو التجارة یقوم البنک بنفسه بشراء تلک الحاجیات نقداً ثمّ یبیعها علیهم بثمن مؤجل یتضمّن ربحاً و تطبیق هذه العملیة لایتطلّب ان تکون للبنک مخازن و مستودعات تفی بکافة متطلبات عملائه من المواد الشخصیّة و التجاریّة أو الانشائیّة أو المهنیّة أو الصناعیّة أو غیرها و ذلک لأنّ البنک لایقوم بشرائها إلاّ بعد مطالبة العمیل بذلک و حینئذ فإذا لم یرغب العمیل فی اتمام الشراء من البنک فله أن یبیع البضاعة إلی طرف ثالث و إذا خسر فی هذا البیع فهل الخسارة علی العمیل أو لا؟

و الجواب: انّ الشراء حیث کان بأمره و طلبه کانت الخسارة علی ذمّته و بذلک تتفادی مشکلة تراجع العملاء عن الوفاء بعهودهم مع البنک فانّ وعد الشراء منه و إن

ص: 110

کان غیر ملزم لهم إذا لم یکن شرطاً فی ضمن عقد لازم إلاّ أنّ قیام البنک بشراء السلعة و البضاعة لمّا کان بأمر منهم و طلبهم کان موجباً للضمان فانّ الأمر بالعمل الذی له قیمة مالیة فی نفسه سواء کان بالأمر الخاص أو العام موجب للضمان لانّه ملاک الضمان فی باب الجعالة باعتبار انّ الضمان فیه ضمان الغرامة لا ضمان المعاوضة. الخ.(1)

أقول: وردت روایة ظاهرة أو صریحة فی عدم الضمان و هی صحیحة عبدالرحمن بن الحجاج قال: قلت لأبی عبدالله(علیه السلام) الرجل یجئنی یطلب المتاع فاقاوله علی الربح ثمّ اشتریه فأبیعه منه فقال ألیس ان شاء أخذ و إن شاء ترک قلت بلی، قال: فلا بأس.(2) فإنّها تشمل بإطلاقها ما لو قال الرجل من اشتری متاعاً لی فباعه منّی بکذا فله کذا و الروایة دلّت علی انّه بالخیار إن شاء أخذ و إن شاء ترک من دون ضمان. نعم العمیل ضامن لما خسره البنک.

السابع: الإجارة بشرط التملیک

و هی أن یشتری البنک ما یحتاجه المشتری من عقار أو دار أو بستان أو معمل أو غیر ذلک ممّا یمکن إیجارها ثمّ یوجرها للمشتری فی کلّ شهر مثلاً بسعر الفائدة أو أکثر أو أقلّ حسب التوافق بینهما مع اشتراط حقّ تملّک المشتری لذلک عند تسدیده ثمن الشراء و یمکن إلزام المشتری ضمن عقد الإیجار أیضاً بالتسدید و تملّک العین فی مدّة معیّنة و إن یکون ضامناً لما یخسره البنک إذا تخلّف المشتری عن ذلک و هذه الطریقة تحقّق للبنک غرضه إلی حد کبیر فی جانب إعطاء التسهیلات.(3)

و قد یقال انّه

ص: 111


1- . البنوک، ص 70.
2- . وسائل الشیعة، کتاب التجارة، ب7، من ابواب احکام العقود، ح3.
3- . منهاج الصالحین، للسید الهاشمی الشاهرودی، ج، ص 423.

لیس عقد إیجار بل بیع بالتقسیط.(1)

الثامن: بیع السلم

أی شراء البنک منتجات الشرکات من أصحابها بثمن نقدی سلماً و أوضحه بعض الاعلام(مدظله) فقال: فبدلاً عن أن یقرض البنک عملائه بفائدة ربویّة لشراء السلع بغایة الاستثمار أو الاتجار أو لحاجة شخصیّة سلماً یقوم البنک بشرائها کذلک و بعد نهایة المدّة و قبض السلع یبیعها علیهم بثمن التکلیف مؤجّلاً مع إضافة ربح محدّد یقوم مقام سعر الفائدة و من هنا یقوم عقد السلم مقام القرض الربوی کوسیلة لتوفیر التمویل لشرکات التجاریّة أو المؤسسات الصناعیّة أو الزراعیّة أو الإنشائیّة عن طریق قیام البنک بشراء منتجات تلک الشرکات و المؤسسات سلماً و دفع الثمن إلیها نقداً لتمویلها بدلاً عن اقراضها ربویّاً فإذا انتجت الشرکات قام أصحابها ببیع منتجاتها لعملائها وکالة عن البنک و یدفع ثمنها إلیه و بذلک یکون شراء البنک منتجاتها من أصحابها بثمن نقدی سلماً بدیلاً عن القروض الربویّة. انتهی. (2)

التاسع: الجعالة

اشارة

و تقریرها من وجوه:

التقریر الاول: إیقاع المضاربة بعنوان الجعالة

قال صاحب العروة: یجوز إیقاع المضاربة بعنوان الجعالة کأن یقول إذا اتّجرت بهذا المال و حصل لک ربح فلک نصفه فیکون جعالة تفید فائدة المضاربة و لایلزم أن یکون جامعاً لشروط المضاربة فیجوز مع کون رأس المال من غیر النقدین أو دیناً أو

ص: 112


1- . الاستفتاءات الشرعیة، للشیخ الفیاض، ج1، ص 309.
2- . البنوک، ص 72.

مجهولة جهالة لاتوجب الغرر(1)

و قرّره علیه جماعة المحشّین و بذلک یحصل لصاحب المال زیادة من دون ربا و قد یستدلّ علی صحّته باصالة الصحّة و قاعدة السلطنة و عموم دلیل الجعالة.(2)

أقول: أمّا اصالة الصحّة فجریانها فی المقام مبتن علی انّ الأصل فی الشبهات الحکمیّة هی الصحّة دون الفساد و قد تقدّم تحقیقها فی الأمر السابع من المقدّمة و أمّا قاعدة السلطنة فلا تجری فی الشبهات الحکمیّة لأنّ الناس مسلّطون علی أموالهم لا علی أحکام أموالهم وإلاّ یلزم تأسیس فقه جدید فإذا شککنا فی صحّة ایقاع المضاربة بعنوان الجعالة و بنینا علی اصالة الفساد فلا تجری القاعدة و أمّا عموم دلیل الجعالة فیعارضه عموم النهی النبوی عن ربح ما لم یضمن و النسبة بینهما عموم من وجه فإن قلنا فی العامّین من وجه بالتوفیق العرفی کما یظهر من صاحب الکفایة فالعرف یوفّق بینهما بأنّ الجعالة مقتضیة للجواز فتؤثّر أثرها ما لم یمنع عنها مانع و النهی عن ربح ما لم یضمن مانع أی الجعالة هذه جائزة إن لم توجب ربح ما لم یضمن فإن أوجبته فهی حرام و باطل و إن قلنا بمقالة المشهور من انّ العامّین من وجه یتعارضان فی مادة الاجتماع فیتساقطان فنرجع إلی العام الفوقانی و هو قوله تعالی: (و حَرّّمَ الرّبا). و قد تقدّم فی الأمر الثانی عشر من المقدّمة تقریر قاعدة حرمة ربح ما لم یضمن و بطلانه فکلّ مضاربة أو جعالة أو غیرهما من العقود إن کانت مستلزمة لربح ما لم یضمن فهو فاسد و حرام فلا یجوز لصاحب المال ان یضمّن العامل أو التاجر و یشترط لنفسه الربح فانّه ربا و إن شئت قلت المستفاد من الروایات المتقدّمة فی الأمر الثانی عشر انّ صاحب ا لمال إمّا أن یضمّن العامل لرأس ماله فلایکون له الربح کما فی القرض و إمّا

ص: 113


1- . العروة الوثقی، ج5، ص 263.
2- . مهذب الاحکام، ج19، ص 363.

أن لایضمّنه فله الربح کما فی القراض و الجمع بینهما لایجوز.

الإشکالات الواردة علی التقریر الأول

هذا و قد أورد علی صاحب العروة فی هذه المسئلة إشکالات:

1- هو الذی أورده سیّد المحقّقین الفقیه البروجردی من الإشکال فی صحّة الجعالة فإذا کان الجعل مجهولاً بل غیر موجود فی حال عقد الجعالة.(1)

أقول: أمّا کون الجعل مجهولاً فلا یضرّ بصحّة الجعالة لما تقدّم فی الأمر الثانی من المقدّمة و أمّا عدم وجوده حال العقد فلایضرّ لما تقدّم فی الأمر الخامس.

2- هو الذی أورده الفقیه الفحل صاحب المستمسک من أنّ هذه الجعالة مخالفة لقاعدة لزوم رجوع الربح إلی المالک قال: انّ المضاربة مخالفة لقاعدة کون الربح لصاحب الأصل التی هی مقتضی المعاملة و لکن بنی علیها للدلیل الخاص و هذا الدلیل لم یکن فی الجعالة و علیه فلا تصحّ فی المقام لمخالفتها لقاعدة لزوم رجوع الربح إلی المالک. انتهی. (2)

و أجاب عنه الفقیه الخبیر السبزواری بانّ الجعالة تفید فائدة المضاربة فی المقام فیشملها عین دلیل صحة المضاربة من النصّ و الإجماع غایة الأمر انّ الفرق هو الاختلاف فی التعبیر بینهما.(3)

و لایخفی ما فیه لأنّ الجعالة المفیدة فائدة المضاربة و التی لا فرق بینها و بین المضاربة إلاّ فی التعبیر لابدّ أن تکون جامعة لجمیع شروط المضاربة.

و أجاب عنه بعض المعاصرین بقوله: انّ النماء فی الجعالة أیضاً تابع للأصل الذی هو

ص: 114


1- . العروة الوثقی، ج 5، ص 263.
2- . مستمسک العروة، ج12، ص 445.
3- . مهذب الاحکام، ج19، ص 364.

رأس المال بمعنی انّ الربح یدخل أولاً فی ملک مالک الأصل «رأس» آناًمّا و المالک بعد ذلک یملّک الجعل العامل بنفس الجعالة فانّ الجعالة من أسباب التملیک. انتهی.(1)

ولایخفی ما فیه لأنّ الملکیة آناًمّا إنّما یلتزم بها لو ورد دلیل خاص علی جواز هذا النحو من الجعالة فالجمع بین القاعدة و هذا الدلیل لو فرض وجوده هو القول بالملکیّة آناًمّا.

فالأولی فی الجواب عن الإشکال و دفعه هو الذی أفاده المستشکل نفسه أعنی صاحب المستمسک بقوله: نعم إذا قال له اتّجر بهذا المال فإذا ربحت اعطیتک حصّة من الربح صحّ جعالة لعدم مخالفة القاعدة فی ذلک. انتهی. (2)

أو الذی أفاده بعض المحقّقین(قدس سره) من أنّ قانون تبعیّة النماء للأصل فی الملکیّة لاینافی حصوله فی ملک الغیر بإذن المالک و التزامه إذ لیس حقّ المالک و ملکه فی النماء بأکثر من حقّه فی الأصل فکما انّ للمالک أن ینقل الأصل إلی الغیر لکونه تحت سلطانه فکذلک الحال بالنسبة إلی النماء فدلیل التبعیّة یقول انّ نماء الشيء و منافعه کنفس ذلک الشيء من حقّ المالک لذلک الشيء ما لم یأذن بخلافه و هذا لاینافی ظهوره و تحقّقه فی ملک الغیر بإذن المالک و رضاه، لانّ دفع الحقّ کرفعه تحت سلطان المالک الخ... ما أفاده.(3)

3- هو الذی استشکله المحقّق الخوئی من استلزامه تملیک مالایملک و هو غیر معقول قال: مقتضی القاعدة هو الحکم بالبطلان فیها حتی و لو کانت مستکملة لجمیع الشرائط باعتبار انّه لیس للإنسان أن یملّک غیره ما لایملکه هو بالفعل... انّما خرجنا

ص: 115


1- . فقه الربا و البنوک، ص 376.
2- . مستمسک العروة، ج12، ص 445.
3- . المضاربة، ص 23، السید الهاشمی الشاهرودی.

عن القاعدة فی المضاربة و المزارعة و المساقاة و التزمنا بصحّتها للدلیل الخاص وحیث انّه مفقود فی المقام إذ لم یدلّ دلیل علی الصحّة فی الجعالة الفاقدة لشرائط المضاربة فلایمکن القول بصحّتها بل مقتضی القاعدة هو البطلان.(1) و أجاب عنه بعض المحقّقین بقوله: إنّ قانون المعاوضة لایقتضی أکثر من دخول العوض فی الکیس الذی یکون تحت سلطان مالک المعوّض سواء کان کیس نفسه أو کیس غیره إذا کان تحت سلطانه... الخ ما أفاده.(2)

و أمّا الإشکال علی هذه الجعالة بأنّها تعلیقیّة و التعلیق فی العقود مبطل لها فقد تقدّم تزییفه فی الأمر الثالث من المقدّمة.

و أمّا الإشکال علیها بأنّ الجعالة إیقاع و المضاربة عقد و بینهما تباین فقد أجاب عنه الفقیه الخبیر السبزواری بأنّ الجعالة یصحّ أن تکون من الإیقاع کما یصحّ أن تنطبق علی العقد و یصحّ أن تکون من مطلق التسبیب فهی الجامع بین الجمیع و تتصوّر بصور مختلفه.(3)

التقریر الثانی: الجعالة فی عملیّة الاقراض

من تقاریر الجعالة التی تکون بدیلاً عن الرّبا هو الجعالة فی عملیة الاقراض بتقریب ذکره السید الشهید الصدر(قدس سره) فانّه بعد ما بیّن أنّ فی القرض عنصرین أحدهما المال المقترض و الثانی نفس الاقراض و انّ الرّبا هو وضع الزیادة بإزاء العنصر الأول فإن فرضت بإزاء العنصر الثانی علی أساس الجعالة فلا یکون ربا قال: فالشخص الذی یحاول ان یحصل علی قرض یقوم بإنشاء جعالة یعیِّن فیها جعلاً معیّناً علی الاقراض

ص: 116


1- . موسوعة السید الخوئی، ج31، ص 162.
2- . المضاربة، ص24 للسید الهاشمی الشاهرودی.
3- . مهذب الاحکام، ج19، ص364.

فیقول من أقرضنی دیناراً فله درهم و هذه الجعالة تغری مالک الدینار فیقدم إلیه و یقرضه دیناراً و حینئذٍ یستحقّ علیه الدرهم و هذا الاستحقاق لایجعل القرض ربویّاً لانّه لیس بموجب عقد القرض بل هو استحقاق بموجب الجعالة ثمّ أورد علی نفسه إیرادین:الأوّل أنّ الارتکاز العقلائی قائم علی کون الدرهم فی مقابل المال المقترض لا فی مقابل نفس الاقراض و جعله بإزاء عملیّة الاقراض مجرّد لفظ.

الثانی انّ الجعالة بحسب الارتکاز العقلائی تنحلّ إلی جزئین أحدهما الأمر الخاص أو العام بالعمل أی بالخیاطة مثلاً و الآخر تعیین مبلغ معیّن بإزاء ذلک و الجزء الأوّل من الجعالة هو ملاک الضمان و الضمان هنا من قبیل ضمان الغرامة لا الضمان المعاوضی و الجزء الثانی یحدّد قیمة العمل المضمونة بضمان الغرامة حیث انّ أجرة المثل هی الأصل فی الضمان ما لم یحصل الاتفاق علی الضمان بغیرها و إذا تحقّق هذا فیترتّب علیه انّ الجعالة لا تتصور إلاّ علی عمل تکون له أجرة المثل فی نفسه و قابل للضمان بالأمر به کالخیاطة و الحلاقة و أمّا ما لا ضمان له فی نفسه و لاتشمله أدلّة ضمان الغرامة فلاتصحّ الجعالة بشأنه لأنّ فرض الجعل فی الجعالة لیس هو الذی ینشأ أصل الضمان و انّما یحدّد مقداره. إلی أن قال: و بناءً علی ذلک لاتصحّ الجعالة علی الاقراض لانّ الجعالة دائماً تقع فی طول شمول أدلة ضمان الغرامة للعمل المفروض له الجعل ففی مورد لا تشمله أدلّة ضمان الغرامة و لایکون العمل مضموناً بالأمر علی الآمر لاتصحّ فیه الجعالة. انتهی.(1)

أقول یمکن الإجابة عن الإشکال الثانی بأنّه لا دلیل علی اختصاص الجعالة بعمل

ص: 117


1- . البنک اللاربوی، ص 162 – 159.

تکون له أجرة المثل فی نفسه بل تصحّ الجعالة علی حفظ القرآن مثلاً کما قال بعض الأعلام فی مهذّب الاحکام: یمکن توسعة الأمر فی الجعالة بأکثر ممّا هو المشهور من التوسعة بأن یقال الجعاله متقوّمة بوجود غرضین صحیحین فیها أحدهما للجاعل و هو وصوله إلی مقصوده و الآخر للطرف هو حصول نفع له فهی من هذه الجهة تشبه البیع و الإجارة و سائر المعاوضات فی انّ کلاّ من الطرفین یبذل شیئاً لأجل أن یستفید شیئاً لو قیل کلّ من حفظ القرآن فله علیّ کذا یکون ذلک جعالة(1)

فالعمدة فی الإشکال علی هذه الجعالة هو الإیراد الأوّل فإنّه یصدق علیها انّها قرض جرّ نفعاً.

التقرير الثالث: الجعالة علی تسدید الدین

من تقاریر الجعالة هی الجعالة علی تسدید الدّین، أفاده الفقیه المدقّق الصدر أیضاً. قال فی تقریبه: إذا حوّلنا العملیة من قرض إلی شيء آخر فلاتکون الفائدة ربا قرضیّاً و تصبح بالتالی جائزة و أمّا تحویل العملیّة من قرض إلی شيء آخر فیتمّ إذا استطعنا أن نمیّز بین الحالتین التالیتین الأولی إذا فرضنا انّ زیداً مدین خالد بعشرة دنانیر و مطالب بوفائها فیأتی إلی البنک و یقترض عشرة دنانیر و یسدّد بها دینه الثانیة ان زیداً فی الفرض السابق یتّصل بالبنک و یأمره بتسدید دینه و دفع عشرة دنانیر إلی خالد وفاءً لماله فی ذمّته و النتیجة واحدة فی الحالتین و هی أنّ زیداً سوف تبرأ ذمّته من دین خالد علیه و سوف یصبح مدیناً للبنک بعشرة دنانیر و لکن الفارق الفقهی بین الحالتین أنّ زیداً فی الحالة الأولی یمتلّک من البنک عشرة دنانیر معیّنة علی أن یصبح مدیناً بقیمتها و هذا هو معنی القرض فانّه تملیک علی وجه الضمان و أمّا فی الحالة الثانیة فزید لایمتلک شیئاً و إنّما تشتغل ذمّته ابتداءً بعشرة دنانیر للبنک من حین قیام البنک

ص: 118


1- . مهذب الاحکام، ج 18، ص 201.

بتسدید دینه و اشتغال ذمّته بذلک قائم علی أساس أنّ البنک بوفائه من ماله الخاص لدین زید قد أتلف علی نفسه هذا المال و لمّا کان هذا الاتلاف بأمر زید فیضمن زید قیمة التالف فالعشرة التی دفعها البنک إلی دائن زید لم تدخل فی ملکیّة زید و إنّما هی ملک البنک و دخلت فی ملکیّة دائن زید رأساً لأنّ وفاء دین شخص آخر أمر معقول کما حقّقناه فی محلّه و هذا معناه انّه لم یقع قرض فی الحالة الثانیة و انّما وقع أمر بإتلاف علی وجه الضّمان فلو التزم زید للبنک حین إصدار الأمر له بالوفاء بأن یعطیه أکثر من قیمة الدین إذا امتثل الأمر لم تکن هذه الزیادة الملتزم بها موجبة لوقوع قرض

ربوی لانّ الضمان لیس ضماناً قرضیّاً و إنّما هو ضمان بسبب الأمر بالإتلاف، إلی أن قال: و قد یراد تصویر هذا السبب عن طریق جعالة یجعلها زید فیقول للبنک إذا سددت دینی البالغ عشرة دنانیر فلک دینار فیستحقّ البنک حینئذٍ عشرة دنانیر بقانون ضمان الغرامة و دیناراً بقانون الجعالة بإزاء عمله و هو تسدید الدین.

ثمّ استشکل فیما أفاده بقوله: و لکن بالرغم من هذا فإنّ هذه الجعالة تواجه نفس الاعتراض الذی اثّرناه علی الجعالة المتقدّمة فی التقریب السابق لأنّ تسدید البنک لدین زید لیس له مالیة إضافیة وراء مالیة نفس المال الذی یسدّده لخالد بعنوان الوفاء و المفروض انّ هذا المال المسدّد مضمون فلایتحمّل المورد ضماناً آخر لنفس عملیة التسدید و إذا لم یتصوّر الضمان لم تصحّ الجعالة لما تقدّم من انّها لاتنشأ الضمان و إنّما تحدّده فی الجعل المعیّن. انتهی کلامه رفع مقامه.(1)

أقول یرد علی هذا الإشکال ما أوردناه علی إشکاله علی التقریب السابق من انّ الجعالة علی ما قالوا جائزة علی کلّ عمل محلّل مقصود للعقلاء فلو قال أحد من حفظ

ص: 119


1- . البنک اللاربوی، ص 165 – 163.

القرآن فله کذا دیناراً لکان جائزاً. و أمّا ما قاله من انّ العمل الواحد لایتحمّل ضمانین ففیه انّ العمل الواحد یمکن أن یکون متحمّلاً لضمانین من جهتین فالتسدید من جهة انّه عمل صدر من شخص غیر متبرّع مضمون بضمان الغرامة و من جهة انّه عمل صدر إجابة لطلب المدین مضمون بضمان الجعالة، فتأمّل. و لکن فیه شائبة الرّبا لانّه یصدق علیه عرفاً انّه قرض جرّ نفعاً.

التقریر الرابع: الجعالة فی جملة من الأعمال

الرابع من تقاریر الجعالة ما هو المتداول فی البنوک اللاربویّة الایرانیّة فی جملة من الأعمال مثل إنشاء البناء فیقول الزبون للبنک إذا أنشأت بیتاً لی فادفع إلیک کذا ملیون تومان نسیئة فیأتی البنک و یدفع نصف ذلک الجعل نقداً لشخص آخر بعنوان الجعالة أن ینشأ البیت فما یحصل من الجعالة بین البنک و العمیل نسیئة و ما یحصل بین البنّاء و البنک نقداً هو الربح الحاصل للبنک فقد حصل للبنک زیادة غیر ربویّة.

العاشر: المضاربة فی اطروحة الشهید الصدر

من طرق التخلّص من الربا غیر المنصوصة هی المضاربة بین المودعین أی الذین أودعوا نقودهم الورقیة فی البنک لأجل «الودائع الثابتة دون المتحرّکة» بقصد الحصول علی دخل و بین المستثمرین من التجّار و الصنّاع و العمّال الاقتصادیین بتوسیط البنک و هذه هی الاطروحة التی طرحها سیّد المحقّقین و صفوة المدقّقین الشهید الصدر و هی أحسن بدیل للقرض الربوی من بین البدائل التی ذکرها الفقهاء لانّها لیست مجرد تغییر صوری فلیس قرضاً ألبس ثوب القراض بل تحویل المعاملة حقیقة من القرض إلی عقود الاستثمار کالمضاربة. قال و أعضائها ثلاثة:

1- المودع بوصفه صاحب المال و نطلق علیه اسم المضارِب بالکسر.

ص: 120

2- المستثمر بوصفه عاملاً و نطلق علیه اسم العامل أو المضارَب بالفتح.

3- البنک بوصفه وسیطاً بین الطرفین و وکیلاً عن صاحب المال فی الاتّفاق مع العامل.(1)

و مراده(قدس سره) من المضاربة لیس معناها الخاص فی الفقه أعنی تجارة العامل بمال المالک فقط بل مراده منها شامل لسائر المشاریع الا نتاجی و الصناعی و البناء التحتانی(2)

فتشمل سائر عقود الاستثمار کالمشارکة و المزارعة و المساقاة و مراده من انّ البنک وکیلاً عن صاحب المال هو الوکالة فی عملین: الأوّل ایقاع المضاربة بین صاحب المال و بین العامل المستثمر و تعیین حصّة کلّ منهما بنسبة مئویه، الثانی إنشاء الشرکة بین ودائع المودعین بنحو الإشاعة فیکون مجموع الودائع ملکاً مشاعاً لمجموع المودعین و نتیجة ذلک انّ رأس مال کلّ مضاربة مشترکة بین الجمیع بنسبة ودیعته.(3) و البنک یضمن لأصحاب الودائع نقودهم (4)

بمعنی ضمان مالیّتها(5)

بإنشائه بعقد خاص أو باشتراطه بنحو شرط النتیجة فی عقد آخر أو بنحو شرط الفعل فی ضمن عقد و ذلک بأن یشترط علیه المودع فی ضمن عقد أن یدفع إلیه مقداراً من المال مساویاً للخسارة التی تقع فی ودیعته عند المضاربة بها.(6) و الوساطة التی یمارسها البنک تعتبر خدمة محترمة یقدمها البنک لرجال الأعمال و من حقّه أن یطلب مکافاة علیها له علی

ص: 121


1- . البنک اللاربوی، ص 38.
2- . نفس المصدر، ص 40و 45.
3- . نفس المصدر، ص 45.
4- . نفس المصدر، ص 44.
5- . نفس المصدر، ص 190.
6- . نفس المصدر، ص 193.

أساس الجعالة.(1) فیمکن للبنک أن یلزم المالک بشرط شرعی مثلاً بأن یتنازل عن نسبة معیّنة من أرباحه عند ظهورها أو یلزم العامل بملزم شرعی بالتنازل عن تلک النسبة من حصّته عند ظهور الأرباح.(2)

فالمتحصّل من هذه الاطروحة عقود: الأول وکالة البنک عن أصحاب الودائع فی الأمرین المذکورین آنفا، الثانی: المضاربة بین أصحاب الودائع و المستثمرین بتوسیط البنک، الثالث: ضمان البنک الودائع لأصحابه، الرابع: الجعالة بین البنک و کلّ من طرفی المضاربة للاحتفاظ بحقوقه و الحصول علی الفائدة و لکن یتوجّه علی الاطروحة إشکالات تفطّن هولها و أجاب علیها.

الأوّل انّه لایجوز تضمین العامل أی تحمیل الضمان علی التاجر فی باب المضاربة بل الخسارة کلّها علی المالک مع انّ المتداول فی أعمال البنوک انّ الودائع محفوظة لأصحابها، فأجاب عنه بانّ الذی هو ممنوع فی الشریعة علی ما هو صریح الروایات انّه لایجوز أن یحمّل المالک الضمان علی العامل فلایجوز أن یکون العامل ضامناً لخسارة المال وإلاّ ینقلب القراض قرضاً کما تقدّم فی الأمر الثانی عشر من المقدّمة و لکن یجوز أن یکون شخص ثالث و هو البنک ضامناً للخسارة و لمالیّة المال،(3)

کما تقدّم تفصیله فی الأمر الخامس من المقدّمة.

الثانی الأموال المودعة فی البنوک لاتکون ودائع حقیقة لانّ الودیعة باقیة علی ملک مالکها فیلزم حینئذٍ عود الثمن و الربح إلی المالک بحکم قانون المعاوضة و

ص: 122


1- . نفس المصدر، ص 52.
2- . نفس المصدر، ص 53.
3- . نفس المصدر، ص 193.

عنه بما تقدّم تفصیلاً فی الوجه الثالث من الوجوه غیر المنصوصة.(1) و تابعه بعض الأعلام(مدظله) فقال: یمکن تصویر انّ هذه الودائع ودائع بالمعنی الفقهی ثبوتاً و باقیة فی ملک أصحابها و أنّ الإذن بالتصرّف فیها انّما هو مع الاحتفاظ بملکیّة المودع للودیعة لا بالقرض لکی تخرج عن ملک أصحابها و لا بمعنی النقل من ذمّة إلی ذمة فانّه لایتصوّر إلاّ فی الدین بل بمعنی تعهّد البنک و جعلها فی مسئولیّته مع بقائها علی ملک المودع و هذا نحو من الضمان المعاملی فانّه علی نحوین: أحدهما مختصّ بباب الدیون و یعبّر عنه بنقل الدّین من ذمّة إلی ذمّة و ثانیها لایختص بها بل یشمل الأعیان الخارجیّة أیضاً و هو التعهّد بشيء و جعله فی عهدة الشخص و فی المقام یقوم البنک بإنشاء العهدة و تعاقده مع المودعین علی ذلک فإذا قام البنک بذلک تصبح الودائع فی عهدته و مسئولیته مع بقائها علی ملک المودعین و نتیجة هذا التعهّد هی انّ خسارتها علی ذمّة البنک لو تلفت.(2)

و یمکن أن یجاب عن الإشکال بما تقدّم فی الأمر الحادی عشر من المقدّمة من انّ القوّة الشرائیّة فی النقود الورقیة حیثیّة تقییدیّة لها فقوامها بتلک القوّة لا بمادّتها الفیزیائیّة التی هی قرطاس و ثمنه بخس کما صرّح صاحب الاطروحة بانّ النظر فی باب النقود إلی مالیتها دون خصوصیاتها.(3)

فحفظها بحفظ مالیتها و قوّتها الشرائیّة لا بحفظ شخصها و مادتها الفیزیائیّة کما قال بعض الأعلام من المعاصرین(زیده عزّه) ان الودیعة هی الاستنابة فی الحفظ و الحفظ فی کلّ شیء بحسبه... و حیث انّ المهم عند العقلاء فی النقود لیس حفظ شخص الورقة إلاّ نادراً بل المهم عنده بقاء مالیتها فالحفظ

ص: 123


1- . نفس المصدر، ص 200و 211و 185.
2- . البنوک، ص 35.
3- . البنک اللاربوی، ص 171.

فیها بمعنی حفظ مالیتها و لو فی ضمن ورق آخر و حیث انّ البنوک تحفظ مالیة الأوراق بهذا المعنی فیصدق علی عملها الودیعة، الخ.(1)

فما قیل: من انّ المودع بحسب ما یظهر من عقد الودیعة لایرید حفظ مالیّة العین بل یرید حفظ نفس العین... و مالیة المال قد تتغیّر فی بعض الأحیان للتضخّم المالی و المودع قطعاً لایرید حفظ المالیة... الخ،(2)

غیر سدید لما تقدّم تفصیله فی الأمر الحادی عشر من المقدّمة و ملخّصه انّه یجوز ضمان انخفاض قیمة النقود الورقیّة لانّ قوامها بقوّتها الشرائیّة فهی مودعة بتلک القوة لا بأعیانها فالمودع لایرید إلاّ تلک القوّة التی کانت لها قبل التضخّم و هو قطعاً یرید حفظ نقودها بتلک القوّة و لایرید عینها و إن انخفضت قیمتها بل یرید ضمانها بتلک القوّة التی کانت لها قبل التضخّم و البنک لایضمنها إلاّ بجعل و هی حصّة معیّنة بنسبة مئویّة من أرباح تلک النقود الحاصلة فی المضاربة.

و من هنا ینشأ إشکال ثالث و هو انّ الجعل الذی هو حصّة من الربح مجهول بل معدوم فأجاب صاحب الاطروحة عن الأوّل بانّ الجهل لایضرّ بالجعالة کما تقدّم فی الأمر الثانی من المقدّمة انّ الجعالة کالصلح فی بنائها علی التسامح.

و أجاب عن الثانی بما هذا نصّه: إنّ المجعول لایملک الجعل بنفس إنشاء الجعالة من الجاعل بل بعد انجاز العمل المفروض فلابدّ أن یکون الجعل قابلاً للتملیک من الجاعل فی هذا الظرف و المفروض فی المقام انّ المودع یجعل للبنک حصّة من الربح إذا انجز المضاربة و واصل الاشراف علیها إلی نهایتها و فی هذا الظرف تکون تلک الحصّة من الربح مالاً خارجیّاً مثلاً مملوکا للجاعل و قابلاً للتملیک من ناحیة و یکفی هذا فی صحّة الجعالة و قد جاء نظیر ذلک فی الأخبار ففی روایة محمد بن مسلم عن

ص: 124


1- . فقه المصارف و البنوک، ص 199 للشیخ السند.
2- . فقه الربا و البنوک، ص 313.

أبی عبدالله(علیه السلام) ان قال فی رجل قال لرجل بع ثوبی هذا بعشرة دراهم فما فضل فهو لک قال(علیه السلام) لیس به بأس.(1)

و روایة زرارة قال قلت لأبی عبدالله(علیه السلام) ما تقول فی رجل یعطی المتاع فیقول ما ازددت علی کذا وکذا فهو لک؟ فقال(علیه السلام): لا بأس.(2)

و مثلهما غیرهما من الروایات التی فرض فیها الجعل جزءاً من الثمن علی تقدیر زیادته و هو شيء غیرمملوک بالفعل للجاعل و انّما یکون مملوکاً له فی ظرف انجاز العمل کالحصّة التی یجعلها المودع للبنک فی المقام.(3)

انتهی کلامه ورفع مقامه.

و هنا إشکال رابع: من حیث العمل فانّه ربّما یوجد مشاریع اقتصادیّة تدوم لمدّة عشر سنوات علی الأقلّ فاذن لو استخدمت الثروات المالیّة فی مثل هذه المشاریع فکیف یمکن احتساب الربح قبل تمامیة المشروع بالضبط و التحدید و المفروض أنّ أصحاب الودائع ربما یودعون أموالهم لمدة سنة أو سنتین فکیف یقدّر الربح علی أساس هذه الفکرة؟ و لرفع المحذور احتسب طریق آخر للحلّ فی نموذج البنک اللاربوی الایرانی و هو انّ البنک کما هو وکیل فی إیقاع العقد الاستثماری المشروع کذلک یکون وکیلاً فی إیقاع عقد الصلح بین رجال الأعمال و أصحاب الودائع أنّه فی هذه الحالات یصالح معهم بنسبة معیّنة من الربح بدلاً من النسبة الواقعیة من الربح و هذا عقد صحیح و بهذا ینحلّ هذه الإشکالیة أیضاً و من هنا یدخل فی الاحتساب عقد رابع أیضاً و هو عقد الصلح و هذا العقد یحلّ کثیراً من الإشکالیات إذ بدل ان یواجه رجال الاستثمار مع عدد کثیر من أصحاب الودائع و یتقاولون معهم فی کلّ أمر فی مجال الربح و الخسارة یجیء و یقاول مع البنک بوصفه وکیلاً فی إیقاع عقد الصلح و

ص: 125


1- . وسائل الشیعة، کتاب التجارة، ب10، من أبواب أحکام العقود، ح1.
2- . نفس المصدر، ب1، همان، ح2.
3- . البنک اللاربوی، ص 197.

یتصالحون معاً علی مقدار الارباح بدلاً من المحاسبة الدقیقة، انتهی کلام بعض المعاصرین(زیدعزه).(1)

و إشکال خامس: أورده بعض الأعلام من المعاصرین(زیدعزه) قال: انّ الشامل فی الأسواق التجاریة لیس علی صعید الأوراق النقدیّة و السیولة و العمولات بل الموجود فیها التعامل علی اعتبار الشیک و هو فی واقعة لیس إلا تعاملا علی الذمم... و علی هذا الأساس یتملّک البنک فی ذمّته المالیة الاعتباریة من أموال المودع لا السیولة النقدیّة منها ثمّ یقوم بهذا الاعتبار بالتعامل مع أصحاب العمل التجاری و الزراعی و الصناعی فی معاملاتهم مع الآخرین یحیلون تسدید دیونهم علی ذمّة البنک بتوسط الشیکات و هذا المعنی یرجع إلی القرض لانّ البنک یتملّک فی الذمّة و یملّک ذمّته للآخرین و لیس فی الوکالة تملیک بل المال یبقی علی ملک صاحبه الأول فما یجری فی الأسواق المالیّة و بورصة المعاملات هو القرض بسبب التملیک فی الذمم و ببیان آخر: انّ أصحاب الأموال لیست أموالهم نقدیة بل ذمیّة و اعتبار رأس مال البنک یتکوّن من ذمم أخری و بذلک یتحقّق للبنک ذمّة معتبرة یتعامل البنک علیها مع أصحاب الأعمال فذمّته مملوکة له لا مملوکة لأصحاب الأعمال و هو قد تعامل علی أمواله الإعتباریّة «الذمّة» و هم لم یسلّموه الأوراق النقدیّة فما یتملّک هو أیضاً ذمّة اعتباریّة لصاحب المال و تلک الذمّة الاعتباریّة هی مال معیّن علی ذمّة بنک آخر و هلمّ جرّاً تترامی الاعتبارات... ثمّ استشهد لدعواه بشواهد أربعة. ثمّ قال: فتحصّل من جمیع ما ذکرناه انّ هذه الفکرة و إن بنیت علی أساس الوکالة و لکن ترجع فی الحقیقة بناء علی واقع الحرکة المصرفیة إلی القرض فترتطم فی الرّبا.(2)

انتهی کلامه(مدظله).

ص: 126


1- . اسس البنک الاسلامی، ص 497.
2- . فقه المصارف و البنوک، ص 223- 221 للشیخ السند.

أقول حاصل الاشکال انّ المضاربة لابدّ أن تکون بمال عینی خارجی فالمضاربة بالدّین باطل لانّها عقد اذنی بین مالک رأس المال و العامل علی أن یکون من المالک المال و من العامل الاتّجار به و من هنا قیل وجود رأس المال رکن فی عقد المضاربة فلابدّ من وجود رأس مال فی الخارج، و الدین قبل القبض لایکون معیّناً فرکن المضاربة غیر موجود فی المال الکلیّ فی الذمّة فهی فاسدة.

و أجاب عن الإشکال بعض المحقّقین(قدس سره) بأنّ ما هو رکن لتحقّق المضاربة کمعاملة و عقد إذنی انّما هو وجود مال یتّجر به أمّا کونه عیناً خارجیّاً أو ذمّیاً فهذا لا دخل له فی معقولیة المضاربة فکما یمکن أن یأذن المالک للعامل بالاتّجار بما له الخارجی یمکنه أن یأذن له بمال له فی ذمّة الغیر أو بمال فی ذمّته بأن یأذن له بالشراء علی ذمّته بمقدار معیّن یتعهّد به فانّ المال فی الفقه الاسلامی أعمّ من الخارجی الحقیقی و الذمی الاعتباری و الدّین أیضاً حق عینی فی فقهنا لا شخصی أی هناک ملکیة للدائن و مملوک عینی هو ذلک المال الاعتباری الذمّی و هو علی حدّ المال الحقیقی الخارجی من حیث وقوعه طرفاً للمعاملات و موضوعا للآثار و الأحکام و من هنا یصحّ بیع الدّین و الاتّجار به أو الشراء بالمال فی الذمّة و هکذا و علیه فیصحّ أن یأذن المالک لما یملکه من المال علی ذمّة الغیر و لو کان هو العامل أن یتّجر العامل بما یملکه من الدین فیشتری به و یبیع و هذا ما هو رائج الیوم فی الأوراق و المستندات المالیّة من الشیکات و الکمبیالات حیث یباع و یشتری بالمال الذمی المودع فی البنوک فیمکن للمالک أن یعقد المضاربة بها مع العامل بنسبة من الربح الحاصل من ذلک، الخ.(1)

ص: 127


1- . کتاب المضاربة، ص 46، للسید الهاشمی الشاهرودی.

الخاتمة فی مسائل متفرقة

المسألة الأولی: فی الأقراض بشرط أن یصرفه فی جهة خاصة

لو أقرضه بشرط أن یصرفه فی جهة خاصة فصرفه فی غیرها فلا إشکال فی انّه فعل حراماً تکلیفاً مطلقاً سواء وقعت المعاملة بالعین المقترضة أم بالکلی فی الذمّة لکنّ المعاملة صحیحة فی الصورة الثانیة دون الأولی و إن شئت قلت الحرمة الوضعیة مختصّة بالصورة الأولی لکنّ الحرمة التکلیفیة مشترکة بین الصورتین.

المسألة الثانیة: نقل المدین ما فی ذمّته إلی ذمّة شخص آخر

لو نقل المدین ما فی ذمّته إلی ذمّة شخص آخر بإذن الدائن فالظاهر انّه مسقط للدین و مبرء للذمّة و ان لم یتحقّق القبض لانّ قبض الکلی انّما یتحقّق بقبض الفرد لکن استیفاء الدین لایتوقّف علی القبض نظیر الحوالة و تظهر الثمرة فی المضاربة المتداولة بین المالکین و البنوک فانّها تنقل ما فی ذمّة المالکین من حسابهم إلی حساب المستثمرین من التجّار و العاملین فالمضاربة بین أصحاب الأموال المودعة و بین المستثمرین بتوسیط البنک فالبنک وکالة عن المالکین ینقل ما فی ذممهم إلی ذمم المستثمرین کما تقدّم تفصیله فی الفصل الرابع.

المسألة الثالثة: عدم جواز المضاربة بالدّین

المشهور عدم جواز المضاربة بالدّین بل ادّعی علیه الإجماع.(1)

و استدلّوا لهذا الحکم

ص: 128


1- . مستمسک العروة، ج 12، ص 242.

بروایة السکونی عن أبی عبدالله(علیه السلام) قال قال أمیر المؤمنین(علیه السلام) فی رجل له علی رجل مال فیتقاضاه و لایکون عنده فیقول هو عندک مضاربة، قال: لایصلح حتّی تقبضه منه.(1)

قال المحقق البجنوردی فهذه الروایة صریحة فی عدم جواز جعل الدین الذی هو أحد قسمی القرض بالمعنی الأعم مضاربة لا لعدم کونه ملکاً بل لعدم تعیّنه.(2)

أقول حاصل استدلاله(قدس سره) هو تنقیح المناط عن النهي عن جعل الدین مضاربة تنقیحاً قطعیاً و هو عدم تعیّن الدین فیشمل کلّ ما هو من قبیل الکلی فی الذمّة من الشیکات و الکمبیالات المتداولة بین التجّار فلاتصحّ المضاربة علی الکلیّ قبل تطبیقه علی الفرد الخارجی و علی الدین قبل قبضه لانّه انّما یتعیّن بالقبض.

و لایخفی ما فیه لانّ من المحتمل أن یکون مناط النهی فی الروایة هو انّ الدین مضمون للدائن علی المدین کما هو مقتضی قانون القرض عند الشارع و العقلاء بخلاف المضاربة فانّ المال لایکون مضموناً للمالک علی العامل فجعل القرض قراضا مآله إلی تضمین التاجر لرأس المال أی تحمیل المالک ضمان المال علی التاجر فالمالک یملک بعض أرباح المال من دون أن یکون ضمان ماله و درکه علیه و هذا غیر جائز کما تقدّم تفصیله فی الأمر الثانی عشر من المقدّمة، هذا أوّلاً.

و ثانیاً روایة السکونی إنّما دلّت علی عدم جواز جعل الدین الثابت فی ذمّة المالک علی العامل مضاربة و لاتدلّ علی عدم جواز مطلق الدین مضاربة فضلاً عن أن تدلّ علی عدم جواز جعل مطلق الکلیّ فی الذمّة مضاربة.

بل بعض الروایات کالنصّ فی جواز المضاربة بالکلیّ فی الذمّة ففی صحیحة

ص: 129


1- . وسائل الشیعة، کتاب المضاربة، ب5، ح1.
2- . القواعد الفقهیة، ج7، ص 292.

أبی بصیر قال سألت أباعبدالله(علیه السلام) عن الرجل یقول للرجل ابتاع لک متاعاً و الربح بینی و بینک، قال: لابأس.(1)

فقول الراوی ابتاع لک متاعاً إن لم یکن نصّاً فی بیع المتاع بثمن کلیّ فلا أقلّ من ان إطلاقه شامل له.

المسألة الرابعة: وظیفة الوارث إن علم انّ مورثه کان یرتکب الربا

ما هی وظیفة الوارث إذا علم انّ مورثه کان یرتکب الرّبا فنقول إن لم یعلم انّه الرّبا المحرّم فان احتمل انّ مورثه کان یعمل الحیل الربویة فیبنی فعله علی الصحّة و لا شيء علیه و إن علم انّه الربا المحرّم فإن کانت عینه معلومة تفصیلاً یجب علیه ردّها إلی صاحبها إن عرفه و إلاّ یجری علیه حکم المجهول مالکه کما تقدّم فی الأمر الأوّل من المقدّمة، و إن کانت معلومة إجمالاً و کان جمیع الأطراف مورداً لابتلائه یجب الاجتناب لتنجیز العلم الإجمالی و إن لم یکن جمیع ا لأطراف مورداً لابتلائه فلا شيء علیه لانحلال العلم الإجمالی بخروج بعض الأطراف عن الابتلاء و لورود النصّ بالخصوص فی المسألة و هو صحیح الحلبی عن الصادق(علیه السلام) قال: أتی رجل أبی(علیه السلام) فقال انّی ورثت مالاً و قد علمت انّ صاحبه الذی ورثته منه قد کان یربی و قد اعرف انّ فیه ربا و استیقن ذلک و لیس یطیب لی حلاله لحال علمی فیه و قد سألت فقهاء أهل العراق و أهل الحجاز فقالوا لایحلّ أکله، فقال أبوجعفر(علیه السلام): إن کنت تعلم بأنّ فیه مالاً معروفاً ربا و تعرف أهله فخذ رأس مالک و ردّ ما سوی ذلک و إن کان مختلطاً فکله هنیئاً فإنّ المال مالک و اجتنب ما کان یصنع صاحبه.(2)

ص: 130


1- . وسائل الشیعة، کتاب المضاربة، ب3، ح1.
2- . نفس المصدر، ب 5، من ابواب الربا، ح3.

المسألة الخامسة: تنزیل الأوراق النقدیّة

أعنی بیع ما فی الذمّة من الأوراق بأوراق حاضرة أقل فإن کانا من جنس واحد کتنزیل عشرة دنانیر عراقیة فی الذمّة بثمانیة منها نقداً فهذا هو المسمّی ببیع الدین و قد تقدّم حکمه فی الفصل الرابع و إن کانا من جنسین کبیع الدینار العراقی بالدینار الکویتی فیأتی فیه إشکال الصرف و یظهر ذلک بمقدّمات:

الأولی ما تقدّم تفصیله فی الأمر الحادی عشر من مقدمات الرسالة و هو انّ المعدود الاعتباری و إن کان مثلیّاً لکن ضمانها بالقیمة لأنّ حقیقتها هی قوّتها الشرائیّة.

و الثانیة ما تقدّم فی الفصل الثالث من ا نّه لایجوز بیع المعدود بمثله إذا کان الثمن کلیّاً فی الذمّة إلاّ بالوصف.

الثالثة ما تقدّم فی الحیل الربویّة عن الشهید الصدر من انّ الارتکاز فی المعدود الاعتباری ناظر إلی قیمته لا إلی أوصافه،(1)

فاختلاف الثمن و المثمن فی المعدودات الاعتباریّة لایتحقّق بمجرّد اختلاف أوصافهما بأن یکون عملتین أی من جنسین فإذا فرضنا انّ کلّ دینار کویتیّ یسوی عشرة دنانیر عراقیة فلایجوز بیع دینار کویتيّ فی الذمّة بثمانیة دنانير عراقية فی وقت المعاملة و ربما یتنزّل أو یترقّی فی زمان آخر أی وقت أداء الدین فالأحوط فی معاملة الأوراق النقدیة هو التقابض فی المجلس.

تمّت الرسالة بحمد الله و المنّة و الصلاة و السّلام علی نبی الرّحمة و عترته الائمة

و اللعن علی أعدائهم من الإنس و الجنة.

8 جمادی الأولی 1442

عبدالرسول پیمانی السدهي

ص: 131


1- . البنک اللاربوی، ص 171.

المراجع

1- ارشاد الطالب، للمیرزا جواد التبریزی.

2- أساس البلاغة، لجار الله محمود الزمخشری.

3- أساس الحکومة الاسلامیة، للسید کاظم الحائری.

4- الاستفتاءات، للشیخ محمد اسحاق الفیاض.

5- اسس البنک الاسلامی، للشیخ عبد الله الحیدری.

6- الاسلام یقود الحیاة، للسید محمد باقر الصدر.

7- بحوث فقهیّة، للشیخ حسین الحلی.

8- البنک اللاربوی، للسید محمدباقر الصدر

9- البنوک، للشیخ محمد اسحاق الفیاض.

10- البیع، للسید محمد هادی المیلانی.

11- البیع، للامام الخمینی.

12- تحقیق الاصول (تقریرات الشیخ الوحید الخراسانی) للسید علی المیلانی.

13- ترتیب المقائیس اللغة، لابن الفارس القزوینی.

14- تعارض الادلة (تقریرات السید السیستانی) للسید هاشم الهاشمی.

15- تعلیقة المنهاج، للمیرزا جواد التبریزی.

16- توضیح المسائل، للسید محمد صادق الروحانی.

ص: 132

17- تهذیب اللغة، لابی منصور الازهری اللغوی.

18- جواهر الکلام، للشیخ محمد حسن النجفی.

19- حاشیة المکاسب، للشیخ محمد حسین النجفی الاصفهانی.

20- حاشیة المکاسب، للمیرزا علی الایروانی.

21- خاتمة المستدرک، للمیرزا حسین النوری الطبرسی.

22- الرافد (تقریرات السید السیستانی) للسید منیر القطیفی.

23- زبدة الاصول، لسید محمد صادق الروحانی.

24- شرح التسهیل، لابن مالک الاندلسی

25- شرح التصریح، لخالد الازهری النحوی.

26- شرح الکافیة، لنجم الائمة الرضی الاسترابادی.

27- العروة الوثقی، للسید محمد کاظم الطباطبائی الیزدی.

28- فقه الربا و البنوک، للشیخ محمد علی البهبهانی.

29- فقه المصارف و البنوک، للشیخ محمد السند البحرینی.

30- قاموس الرجال، للشیخ محمد تقی التستری

31- قرائات فقهیّة، للسیدمحمود الشاهرودی.

32- القواعد الفقهیّة، لمیرزا حسن البجنوردی.

33- القواعد الفقهیّة، للشیخ محمد الفاضل اللنکرانی.

34- الکافی، لثقة الاسلام الکینی.

35- کفایة الاصول، للشیخ محمد کاظم الخراسانی.

36- مباحث الاصول (تقریرات الشهید الصدر) للسیّد الکاظم الحائری.

ص: 133

37- المباحث الاصولیة، للشیخ محمد اسحاق الفیاض.

38- مرآة العقول، للشیخ محمد باقر المجلسی.

39- المفردات، للراغب الاصفهانی.

40- المسائل المستحدثة، للسید محمد صادق الروحانی.

41- مستمسک العروة الوثقی، للسید محسن الطباطبائی الحکیم.

42- مصباح الفقاهة (تقریرات السید الخوئی) للشیخ محمد علی التوحیدی.

43- المضاربة، للسید محمود الهاشمی الشاهرودی.

44- معتمد تحریر الوسیلة، للشیخ عباس الظهیری.

45- معجم رجال الحدیث، للسید ابی القاسم الخوئی.

46- منتهی الاصول، للسید میرزا حسن البجنوردی.

47- منیة الطالب (تقریرات المحقق النائینی) للشیخ موسی الخوانساری.

48- مهذب الاحکام، للسید عبدالاعلی السبزواری.

49- منهاج الصالحین، للسید الحکیم مع حواشی السید الحائری.

50- منهاج الصالحین، للسید الخوئی، مع حواشی الشیخ الوحید الخراسانی.

51- منهاج الصالحین، للسید محمود الهاشمی الشاهرودی.

52- منهاج الصالحین، للسید علی السیستانی.

53- النهایة، لابی جعفر محمد بن الحسن الطوسی.

54- الوافی، للمولی محسن الفیض الکاشانی.

55- وسائل الشیعة، للشیخ حر العاملی.

ص: 134

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.